مقالات دينية

التجسد والفداء كانا الحل الوحيد للمصالحة

الكاتب: وردااسحاق
التجسد والفداء كانا الحل الوحيد للمصالحة
بقلم/ وردا أسحاق عيسى
وندزر- كندا
كان الله واضحاً مع الأنسان منذ البداية ، وأنذره بقول شديد ومرعب لكي لا يتجاوزالوصية  ، فقال له ( موتاً تموت ) . وهكذا عندما يتجاوز الأنسان وصايا الله فأنه يرتكب الخطيئة التي أجرها الموت ( رو 23:6) وبهذا تجاوز الموت الى الجميع بخطيئة أنسان واحد ( رو5: 14،17) . إذاً لا بد أن يموت الأنسان بسبب الخطيئة ، وإن لم يمت فلا يكون الله صادقاً . وبعد موت الأنسان في الخطيئة ، ما هو الحل لأنقاذه من الموت الثاني ؟
ليس للأنسان أي حل لكي يبرر به خطيئته أو يدفع ثمن الفدية لله . ولا الملاك أو رئيس الملائكة ولا بالقربان الذي أراد أب الآباء أبراهيم لو قدم أبنه أسحق فعلاً ، ولا نبياً من الأنبياء أو غيرهم يستطيعون دفع الفدية وأرضاء الله . إذاً لا بد لله أن يتدخل في حل مشكلة الأنسان الخاطىء . فكان لابد أن يرسل أبنه الوحيد ويتخذ جسداً بشرياً كي يموت عن كل البشر . بما ان كلمة الله ، الأقنوم الثاني أزلي والذي لا يمكن أن يموت ، لهذا أتخذ له هذا القنوم جسداً بشرياً لكي يموت فيكتمل الفداء . أتحذ الكلمة ( اللاهوت ) بالجسد البشري فصار مؤهلاً للموت نيابةً عن الجميع . أتحد اللاهوت بالناسوت لكن لم يذوب الناسوت باللاهوت كما أعتقد الهرطوقي الراهب ( أوطيخا) وإلا فمن يكون المخلص إن لم يكن أنساناً كاملاً مثلنا ؟ والجسد الذي يمثلنا يجب أن يموت الى حين ، لا بد منه أيضاً أن ينهض من الموت لكي لا ينال منه الفساد ، وذلك بسبب أتحاد لاهوت الكلمة ( اللوكس ) به . كان ذك الجسد طاهراً من الخطية ، كالذبيحة الخالية من كل عيب ، ومن كل مرض أو عاهة جسدية ، فقدم لله لكي يوفي دين البشرية . مات الرب المتجسد على خشبة الصليب دون أن يشاركه أحداً في هذه التضحية . لهذا تنبأ الرب على لسان النبي أشعيا ، قائلاً ( قد دست المعصرة لوحدي ، ومن الشعوب لم يكن معي أحد ) ” أش 3:63″ . لا يجوز نحن البشر أن نقول بأننا اشتركنا معه في تقديم الذبيحة لله . أما الآية ( وغايتي أن أعرف المسيح وقوة قيامته والشركة في آلامه …) ” في 10:3″ فعبارة ” الشركة في آلامه ” فيعنى بها أننا نشترك معه في آلام نشر الرسالة وتحمل الضيقات والأهانات وحمل الصليب وحتى الشهادة . كل هذه تدخل ضمن عبارة شركة آلامه لكننا لم نشترك بعمل الفداء ودفع الجزية ، ولا حتى العذراء التي كان السيف يخترق قلبها عندما كانوا يصلبون أبنها الذي هو أبن الله أمام أنظارها ، لأن يجب أن يبقى المسيح هو الوحيد الذي داس المعصرة . البشرية كانت عاجزة عن تخليص نفسها لكونها خاطئة ، لهذا المسيح أخذ له جسد جميع الخطاة علماً بأنه لا يعرف الخطية ، وعندما مات ، مات جسد البشرية الخاطىء الذي حمل عليه المسيح كل الخطايا . فالمسيح مات بجسدنا ودمنا ولحمنا لكي بواحد فقط يخلص الجميع . تنبأ قيافا رئيس الكهنة ، فقال ( ألا تفهمون أنه من الأفضل أن يموت رجل واحد فدى الأمة ، بدلا من أن تهلك الأمة كلها ) . ” يو 50:11 ” .
المسيح صلب وتألم ومات بجسد بشري ، فيه دم طاهر كما يقول الرسول بطرس ( عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى .. بل بدم كريم ، كما من حمل بلا عيب ولا دنس ، دم المسيح ) ” 1بط 18:1″ لأن المسيح لايمكن أن يتحد بجسد خاطىء ، لأن لا شركة للنور مع الظلمة ” 2قو 14:6″ المسيح المتجسد قدم جسده الطاهر فدية لله لكي تتم المصالحة والخلاص لكل من يؤمن بالمتجسد المصلوب . فالذين تم فداؤهم ، هم المؤمنين بالذبيحة الألهية . فالغير المؤمن لا يستفيد من تلك الذبيحة إلا أن يعترف ويتوب ويتعمد . فمن جهة المؤمنين ، قيل ( هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ) ” يو 16:3 ” ويقول أيضاً ( الذي يؤمن بالأبن له حياة أبدية . والذي لا يؤمن بالأبن ، لن يرى حياة ، بل يمكث عليه غضب الله ) ” يو 3: 18،36″ إذا الغير المؤمنين ليسوا من المفدين . وكذلك الذين لم يتوبوا كذلك يهلكون ( إن لم تتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون ) ” لو 13: 3،5″ .
كان سبب تجسد المسيح هو الفداء وذلك بسبب حبه لنا . والفداء أساساه المحبة لأجل تخليص البشرية من عقوبة الموت الأبدي . لهذا قيل عنه أن يتحمل كل آثامنا وهو صامتاً كما قال النبي أشعياء (… وضع عليه إثم جميعنا . ظلم وأذلَ ، ولم يفتح فاه ، كشاة تساق الى الذبح ، وكنعجةٍ أمام جازيها ) ” أش 53: 6-7″ . بأرادته تحمل خطايانا فشرب كأس الآلام وكما قال لبطرس ( الكأس التي أعطاني الآب ، ألا أشربها ؟ ) ” يو 11:18″ . كان ذلك الكأس يحتوي على ألم وغزيٍ وعارٍ وآلام كثيرة . سر الآب بصلب الأبن ، لأن ثمن الخطية قد دفع ، فانشق حجاب الهيكل وتمت المصالحة . بأرادته مات وألغى العقوبة ( أضع نفسي لآخذها ، لي سلطان أن أضعها ، ولي سلطان أن آخذها أيضاً ) ” يو 10 : 17-18″ أنه الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن خرافه ، فقال ( أنا أضع نفسي عن خرافي ) ” يو 15:10″ لهذا عبّر عن هذا الفداء الرسول بولس قائلاً ( كما أحبنا المسيح أيضاً ، وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله ، رائحة طيبة ، وهو سلم نفسه ) ” أف 2:5 ” .
هكذا مات المسيح بدلاً منا . قدم حياته للعدل الألهي عوضاً عنا ، فأستوفى العدل الألهي حقه . كان هو الحل الوحيد للمصالحة بين السماء والأرض فثمن الفداء قدم على الصليب ، أما سر الأفخارستيا الذي نتناوله فليس ثمناً نستحقه ، وأنما هو هبة مجانية أعطيت لنا وليست ثمناً . نتناول الجسد المبارك في الأفخارستيا فنتبرر من خطايانا متذكرين عمل الرب على الصليب فنكمل وصيته ( أعملوا هذا لذكري ).
ليتبارك أسم الفادي المصلوب
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!