مقالات سياسية

أم الربيعين أصبحت أم الشُهداء والدماء

الكاتب: مسعود هرمز
أم الربيعين أصبحت أم الشُهداء والدماء
    لقد كتب إخوَتي الأعزاء قبل أيام عن الحزن والحداد وأنا أيضا كُنتُ قد كتبتُ سابقا موضوعاً بعنوان ” كيف لا يحزن المسيحيين اليوم ؟ ” واليوم نُكرر ونقول الى ذوي القُربى والعالم بأن صوتِ كلماتنا لا يصل اليكم ، وإن وصل تنظرون اليه باحتقار وكأن صوتنا بدون رنين وغير مسموع ومفهوم وقد يكون فيه نوع من الشفرات التي لا تفهموها . وعندما نتألم ونصرخ بأعلى الصيحات لا تهتمون ولا تتأسفون وبكل استهزاء تنظرون الينا الى أن تنقطع انفاسنا وتضعون أجساد إخوتنا تحت التراب تبكي الغدر والظلم ، الدم يجري والجروح تنزف الى أن تتوقف القلوب ويغيب عنكُم إخوتكم الذي يكنّون لكم كل المحبة والأخلاص عبر القرون وهُم الأكثر اخلاصاُ لكم من الكثيرين من إخوتكم في الدين الواحد وتعلمون ذلك ، وانتم تنظرون بهدوء الى الأذلال والأحتقار الذي يقوم به البعض من ذوي القربى ضدّهم ، كالمجانين يرغب هذا البعض ويتمنى تمزيق إخوتكم المُسالمين المساكين من أمثال أعزائنا في الموصل مدينة الشهداء المسيحيين ، من اليوم فصاعداً لن تبقى أم الربيعين بعد هذا التاريخ لنا كاسماً وإنما يكون اسمها أم الشهداء المسيحيين ، كل يوم أحزان وآلام وجراح وق*ت*ل وار*ها*ب ودماء جديدة ترتوي منها ارض أم الشهداء المسيحيين من قبل ذوي القربى .   
كيف لا يحزن المسيحيين في الوطن العربي وخارجه عندما يُشاهدون الأعداد الكبيرة من المسيحيين تترك الأراضي والبيوت وقبور أعز موتاهم وتُهاجر الى المجهول لتضيع كل آمالهم وتتشتت وتتمزق بين المجتمعات الرأسمالية والدول المجاورة وغيرها !!! هل هذا هو جزاء اخوتكم الودعاء والحملان والوطنيين المخلصين يا ذوي القُربى؟
الأختطاف والق*ت*ل ودفع الفديات ، ألا يعني هذا أكثر وأعمق من فكرة دفع الجزية أيام زمان ، المسيحيون يدفعون حياتهم في الدراسة والعمل والحصول على أعلى الشهادات لخدمة الشعب بكل طوائفهِ ويأتي الغير ليستلم وبكل سهولة كل ما جمعه الأنسان طيلة حياتهِ ويستغيث ولا مُنقذ ، فكيف لا يحزن ويتألم ويحترق نفسياً وجسدياً !! أهكذا هو الوفاء عندكم يا ذوي القربى ؟
التهجير القسري بالترهيب أو بالأختطاف ، ألا يعني هذا بصورة مُباشرة انها دعوة للمسيحيين في طلب الهجرة من أجل ترك البلد وعدم الرغبة للبعض وليس الكل ، بالعيش المشترك الجميل والرائع الذي ما كان الواحد منا يعرف الآخر بأن ذلك مسيحي وذاك مسلم وذاك صابئي أو يزيدي إلا عند الأعياد ، كيف لا نحزن عندما نُشاهد العكس ؟ من علّمكم الخيانة وق*ت*ل أهل الكتاب ؟ من علّمكم هذه الأعتداءآت البشعة والتنكيل بالأجساد وازهاق أرواحها يا أيها الذئاب الكاسرة ؟ لماذا تشربون من دمائنا يومياً يا مصاصي الدماء ؟ ماهي اللذة والمتعة التي تشعرون بها أيها المتخلفون عندما تق*ت*لون الأبرياء ؟ ما هي ذنوب اخوتكم التي أقترفوها بحقكم لكي تُعاقبونهم بهذه المجازر في تقطيع أجسادهم ؟
جميع المسؤولين في العراق الدينيين والسياسيين يُؤكدون بعدم وجود التفرقة والمواطنون مُتساوون في الحقوق والواجبات ولكن السؤال هو من الذي يقوم بالخطف والتهجير والق*ت*ل ؟ هل هي عصابات مُنظمة أقوى من كل المسؤولين في المحافظة ، أم يوجد بيننا البعض الذين تصريحاتهم في النهار عسل وفي الليل بصل والريحة تصل الى التآمر والتخطيط بالق*ت*ل على الهوية وتمزيق أواصر الشعب ، عندما نُشاهد عكس المفروض كيف لا نحزن ونُعاتب ذوي القربى ؟!!ّ
إذا لا يوجد احترام الآخر في حقوق المواطنة والتوظيف والعمل وحرية العبادة ويكون العيش بخوف وقلق ، كيف لا نحزن أيها الأخوة ونحن لا نلمس من المسؤولين علينا الأهتمام والحركة والكل تتحدث بشعارات وكلمات رنانة لاتُغنى ولا تفيد ولا تُعالج المرض المستفحل ؟ !! كل يوم تغوص في الأعماق أجساد اخوتكم الذين خدموكم بكل تفانٍ واخلاص ، اين ضمير واحساس وصلاة وصوم ذوي القربى ؟ من يأمركُم بذبح المسيحيين وازهاق ارواحهم وعلى ماذا تستندون في أعمالكم الشنيعة المُخزية الزفرة التي تنبعث منها رائحة الكره والحقد الأسود ، هل تفرحون بأحزاننا ؟ هل ترقصون عندما تشاهدون دموعنا ؟ لماذا هذه القسوة بحق الورود التي تقطفونها لتذبل ؟ انكم الأشرار المنبوذين ، بتوقعكم ق*ت*ل وتهجير المسيحيين بغبائكم هذا الذي اصبح مكشوفاً ، الرب الذي نؤمن به لا يتركنا كما تتوقعون وإنما سيأتي اليوم الذي تندمون على كل ما فعلتموه بأحد من إخوتنا في ام الشهداء ، هذا اليوم سيكون قريباً جداً كما صعد دم هابيل الى السماء وكان يصرخ ظلم أخيه هكذا تصعد دماء اخوتنا تصرخ نشيد الحزن امام الخالق وتبكي ظلم ذوي القربى وعندها لا يفيدكم الندم والنهاية قريبة بعونه تعالى الذي لا يُمكن أن يسمح بأن يستمر هؤلاء المنحرفين الطغاة الق*ت*لة في ارتكاب هذه الأعمال القبيحة .
هل المسيحيون حُكاماً مستبدين عليكم لتنتقمون منهم ؟ هل المسيحيون أغتصبوا أرضكم لتطردوهم وتفتكون بهم ؟ هل المسيحيون اختطفوا واحداً من ابنائكم وطلبوا فدية منكم ؟ لماذا تظلموهم وهم في ذمّتكم كما يقول البعض ؟ ألا تخافون من الحديث الموجدود عندكم بأن ” الله يُمهل ولا يُهمِلْ ” وآيات أخرى مثل ” فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ” سورة النمل ، وآية أخرى ” وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين ” سورة الأنبياء . أنصحكم بأن لا تستمرون بالظلم لأنه سينقلب عليكم وعلى من يتبعكم بكل هذه الأفعال الشنيعة ويصبح بيتكم خراباً الى الأبد . لا تنسوا أن العدالة البشرية تُحاكم البشر وتقف مع المظلومين ضد الظالمين فكيف العدالة الإلهية إذن ؟ ان الله يقف دائماً مع المظلوم حتى لو كان كافراً ، الله مع المسيحيين دائماً فلماذا تظلموهم ؟
اجعلوا لكي يشعر اخوتكم بالعيش المشترك الحقيقي معكم وليس المُصطنع ، بالأخوّة الواحدة ، بالمصير الواحد حتى نشعر عندئذ بالأمان ولا نحزن ، ولكن للأسف قدر المسيحيين هو دفع الأثمان عبر التاريخ في كل صراع وسيطرة وتوتر بين الشعوب ، والتاريخ شاهد على الأعداد الكبيرة التي أعطاها المسيحيين من الشُهداء ولا زال النزيف مُستمراً الى هذا اليوم .
من المُنقذ لكي لا نحزن ؟ الله يعلم وهو الرحوم العطوف ولشهدائنا الجنّة والصبر والسلوان لجميع المسيحيين في العراق ، انه يوماً حزيناً آخر .
مسعود هرمز النوفلي
23/2/2010
بعد استشهاد والدنا جميعاً والد الأب مازن أيشوع وإخوته في مدينة أم الشهداء رحمَهُمْ الله …

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!