البطريرك الكردينال المتألق في أروقة الفاتيكان، وما يروّج له الفارغون من أصالة المبادئ والبنيان

منذ أن جلس غبطة البطريرك مار لويس ساكو على السدّة البطريركية، في ظروف معقدة وصعبة للغاية، لا يكلّ ولا يملّ للدفاع عن أبناء رعيّته والمكونات الصغيرة خصوصاً، وأبناء الشعب العراقي عموماً، والذي عانى ويعاني كثيرا بسبب أوضاع البلد المتدهورة، نتيجة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة. نعم، لقد أضحى البطريرك رمزاً وطنياً عراقياً من خلال مواقفه الجريئة والحكيمة، وذا مكانة مرموقة رفيعة المستوى، يتم استشارته في القضايا المصيرية للخروج من أزمة العراق. وما الزيارات المتبادلة بين غبطته والمسؤولين العراقيين والأجانب على اختلاف مناصبهم، الّا خير دليل على ذلك.

أن الفاتيكان اضافة لكونها مؤسسة روحية بدرجة رئيسية، ولها رسالتها لأيصال بشرى الخلاص، هي مؤسسة ادارية أيضاً لها رسالة أخلاقية واجتماعية والدفاع عن كرامة الانسان. وهي حاضرة بقوة في عالم اليوم بمؤسساتها الضخمة والمتنوّعة، وتعمل بكل مسؤولية ونكران ذات من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومساعدة الشعوب الفقيرة، لا بل تجسيدهما عملياً على أرض الواقع. ولكي تؤدي المؤسسة الفاتيكانية الروحية منها والزمنية، عملها بمهنية عالية وبصورة مركزية، يختار الفاتيكان وبدقة عالية بشخص الأب الاقدس، من له القدرات الروحية والفكرية وأصحاب الكفاءة والخبرة الذين يتحلّون بالحكمة والشجاعة، والذين لهم باع طويل في الحوار مع الثقافات الاخرى، وذلك للقيام بتلك المهمّات الروحية منها والانسانية. فلا غرابة أن يقوم الاب الاقدس البابا فرنسيس، نظراً لِما لمسَه في شخص مار ساكو من تلك الخصال، أن يعيّنه كردينالاً في الكنيسة الجامعة، ثم مستشاراً في المجلس البابوي لحوار الاديان، فعضواً في جمعية التربية الكاثوليكية، وحديثاً عضواً في مجلس الاقتصاد الفاتيكاني.

في الوقت الذي قامت وتقوم رئاستنا الكنسية ولا تزال، بالعمل على تخفيف الالم والمعاناة عن المسيحيين والمكونات الصغيرة والمهمّشة عموما في بلدنا الجريح، ولحمايتهم من الاضطهاد والتهجير القسري وبقية أشكال المعاناة، نسمع ونقرأ أصوات نشاز وانتقادات غير مسؤولة، لا بل خارجة عن الاداب العامة، من بعض الذين يُسمّون أنفسهم بالنشطاء. نعم هم نشطاء في خلق البلبلة والتشويش والتأثير على البسطاء، تحت ذرائع وهمية لعرقلة مسيرة كنيستنا الكلدانية من أداء رسالتها، وكذلك بعض المؤسسات الكلدانية الاخرى، الرابطة الكلدانية العالمية مثالاً. وفي الآونة الاخيرة ركب موجة هؤلاء المتزمتين، من يفكّر ويرى نفسه صائباً على الدوام، منقلباً على مبادئه طيلة سنوات، حبّاً بجنون العظمة والأستعلاء كما يبدو، بحجة أن فكر الانسان يتغيّر. نعم فكر الانسان يتوسع ويتغيّر حسب الظروف المحيطة به في كل زمان ومكان. لكن المبادئ والاخلاق الفردية المبنية على الثوابت تتوسّع مداركها، لكنها لا تتغيّر. على سبيل المثال: ألأمين على كنيسته ورئاستها، يظل كذلك ولا يتأثّر بهذا الشخص أو ذلك الكاهن أو ذاك الاسقف أو….. ليغيّر مبادئه، لان الامانة والولاء هو لكنيسته وليس لهذا الشخص أو ذاك.

وكما عوّدنا غبطة البطريرك، نكرّر ونقول لهؤلاء: ان أبواب البطريركية الكلدانية ومجمعها المقدس، مفتوحة على الدوام أمام النقد الايجابي وتقديم المقترحات البنّاءة، والتركيز على ما هو أهم في الظرف الحالي، وذلك للتطوير في كافة المجالات لاداء رسالتها الروحية والزمنية. وهي أي الرئاسة الكنسية، تقوم بدراسة هذه المقترحات من جميع جوانبها بشمولية ومهنية عالية، ثم تتّخذ القرارات بخصوصها والتي تؤول الى خدمة المؤمنين الروحية منها والزمنية. ونقول أيضاً: عليهم الكف عن الانتقادات غير المسؤولة في وسائل التواصل الاجتماعي، لان هدف هذه الانتقادات واضح، وهو ليس الحرص على وحدة وسمعة الكنيسة وتقدّمها، انّما خلق البلبلة وتأخيرالتقدم في مسيرة الكنيسة. وفي النهاية، لا يصح الا الصحيح.

سامي ديشو ـ استراليا

Exit mobile version