مقالات دينية

إعتناق توني بلير المذهب الكاثوليكي

إعتناق توني بلير المذهب الكاثوليكي

إعداد / وردا إسحاق قلّو

ولد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في مدينة أديمبروغ عاصمة سكوتلندا عام 1953 . تابع دروسه الأولية في أستراليا ، ثم عاد إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة أوكسفورد لدرس الحقوق والتخصص في قانون العمل الصناعي . كانت هوايته الشبابية الموسيقى والغناء . بعدها سجّلَ في أحد مكاتب المحامات حيث تعّرَفَ على زميلته تشيري بوث الكاثوليكية التي ستصبح رفيقة حياته .

بعد تخرجه أمضى بضع سنوات في باريس كموظف في شركة التأمين ، وتعلم اللغة الفرنسية . في عام 1980 عاد إلى البلاد وتزوج من تشيري التي أنجبت له أربع أبناء . أنتسب إلى حزب العمال ، وكان أول عمل قام به هو إصلاح شرعة الحزب المعمول بها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى دون أن يطرأ عليه أي تعديل وتطوير . تولى رئاسة حزب العمال لمدة عشر سنوات . والحكومة على ثلاث دورات متتالية .

كان توني بلير إنكليكانياً متديناً قبل دخوله عالم السياسة أثناءه وبعده ، على الرغم من إتخاذه بعض التشريعات والمواقف التي تتنافى مع الدين والأخلاق ، منها غزو العراق إلى جانب الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش . كان موقفه ضد الرأي العام الأنكليزي الذي يمثله في الحكم . فصرح مرة لأحدى القنوات التلفزيونية بأن لديه ( إيماناً دينياً عميقاً أعطاه القوة خلال السنوات التي أمضاها في الحكم ) .

في السنوات الأخيرة من حكمه كان لزوجته الكاثوليكية دوراً فعالاً في توجهه نحو إعتناق الإيمان الروماني . فاتح سراً الكاردينال مورفي أوكونور ، رئيس أساقفة ويستمنستر الأول بين كاثوليك إنكلترا . كما أبلغ الملكة أليزابيث بذلك ، فنبهته إلى أنه عليه أن يقدم استقالته من رئاسته الحكومة لأن هذا المنصب هو للإنكليكان فقط ، حقاً وشرعاً وتقليداً . فأنهى مهمتيه السياسيتين بتقديم استقالته لها . وعين فيما بعد ممثلاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة .

ذهب توني بلير إلى روما لمقابلة قدلسة البابا بنديكتوس السادس عشر لأبلاغه عن عزمه هذا وأخذ بركته الرسولية ، فوضع ذاته بتصرف الكردينال أدكونور الذي عيّنَ له سكرتيرهُ الشخصي المونسيور مارك أوترل ليعطيه دروساً في العقيدة الكاثوليكية والروحانيات بصورة سرية مع أولاده الأربعة بناء على رغبته ، تجنباً لأنتشار النبأ في الرأي العام ، والصحافة قبل الأرتداد بصورة رسمية ونهائية . في 21 كانون الأول سنة 2007 أعلن الكردينال مورفي الخبر على الرأي العام بهذه الكلمات المقتضبة .

  ( يسرني أن أرحب بتوني بلير في الكنيسة الكاثوليكية ، فمنذ زمن طويل وهو يحضر القداس مع عائلته كأحد المؤمنين ) .

وعلى الأثر ، صرح المطران روان ويليامس ، رئيس أساقفة كنتري الإنكليكاني بكلمات مليئة بالإحترام أو الترحيب والتهنئة ، قال :

( يستطيع توني بلير أن يعتمد الآن على صلواتي وتمنياتي الطيبة وهو يقوم بهذه الخطوة في مسيرته المسيحية ) . شبّه بعضهم إرتداد رئيس حكومة بريطانيا العظمى بإرتداد ( دوقة دي كينت ) . وبأرتداد الكردينال الطوباوي جون هنري نيومان سنة 1845 على أثر ( حركة أوكسفورد ) التي أحدثت صجة كبيرة في الكنيسة والأوساط العالمية ، وقد تزامنت حركة الإرتدادات الكبيرة في إنكلترا مع إرتداد توني بلير ، غير أنها لا علاقة لها بإرتداده . فهي مسألة شخصية فردية إستجابة لدافع ضميري عن نعمة خاصة مَيَّزَهُ الله بها .

في 3 نيسان من السنة التالية لأرتداد وإعلان عبوره من الإنكليكانية للكثلكة بثلاث أشهر ، ألقى خطاباً في كاتدرائية ويسمتمنستر جاء فيه :

( للإيمان دور أولي في بلورة القيّم التي تقود العالم المعاصر ، كما عليه أيضاً أن يكون طاقة تدفع بالتقدم إلى الأمام . غير أنه عليه أن يتحرر من النزعة الرفضية والمتطرفة من جهة ، ومن جهة أخرى ، التخلص من المفهوم الخطر بأنه جزء من التاريخ والتقليد دون النظر إلى الوضع الإنساني المعاصر ) . وأنهى كلامه قائلاً :

( أن الإيمان يصحح ، بطريقة ضرورية وحياتية ، نزعة الإنسانية إلى النظرة النسبية . فالإيمان يقول لنا بأن هناك قيماً مطلقة ، ككرامة الكائن البشري مثلاً والتي لا يمكن التضحية بها ) .

أخيراً طلبت جامعة يايل في الولايات الأمريكية من الرئيس توني بلير إعطاء سلسلة من المحاضرات تتناول موضوع العلاقة بين الإيمان والعلمنة .

المصدر

المرتدون شهود الحقيقة – الجزء الثاني    الأب أغناطيوس سعادة

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!