مقالات دينية

لماذا نعبد أصنام الطائفية من دون الله ؟

الكاتب: وردا اسحاق

 

لماذا نعبد أصنام الطائفية من دون الله ؟

بقلم / وردا أسحاق قلّو

الله خلق الأنسان على صورته ومثاله ، عاقلاً وحراُ ، خلقه لكي يقدم له العبادة والسجود ، ووضعه فوق كل المخلوقات على الأرض . العلاقة تستمر بالصلاة التي هي صلة بين الخالق والمخلوق ، وكذلك بتطبيق وصايا الله ، فعلى أتباع الديانات السماوية أن تعطي لله الأولوية المطلقة في نظامها الأجتماعي والتربوي والأيماني ، كما يجب على كل مواطن أحترام كل أنسان ينتمي إلى طائفة أو دين آخر يعيش على أرض الوطن ، وبخلاف ذلك يبرز نظام الطائفية العنصرية التي تنوي إلى السيطرة بأعطاء الكرامة والأحقية لكتلتها ، فتعمل إلى تسخير المصالح الأجتماعية لأبناء طائفتها بالقوةعن طريق المتنفذين القابعين على كراسي السلطة فيتسلطون على الطبقات الضعيفة  ،. يدعمون موقفهم عن طريق السياسة أو في دور العبادة لما لديهم من  شيوخ وقادة كتل ووجهاء ، فيفتون بأسم الله ، وهكذا يذبح الله على مذبح الطائفية ، بل يحتجب ليغيب خلف أهداف تلك المجموعات المسيطرة على زمام الأمور ، بل يستغل أسم الله فيسخروه لمصالح آنية تخدم تلك الطائفة التي يجب أن تكون فوق كل الجميع ، كما يضعون أسم الله على أعلامهم وشعاراتهم لخداع البسطاء . يسعون إلى السيطرة على كل ممتلكات الدولة ، فأعضائها الروحيون والسياسيون يختارون ابناء طائفتهم لأعلى المناصب وأهمها ، فيتقاسمون الكراسي السيادية والوظيفية كما يقسمون الغنائم وبأسم الله ، وهكذا يتسلطون على كل شرائح المجتمع الضعيفة ، بينما يجب أن يكون المتدين في الطائفة مضحياً خادماً وأميناً وأول من يعمل وآخر من ينتفع في المجتمع ، بل خادماً للجميع ، وهذا ما قاله المسيح للحوارين عندما طلب بعضهم منه المناصب ، فقال ( أن رؤساء الأمم يسودونهم وعظمائهم يتسلطون عليهم ، أما أنتم فلا يكون ذلك فيما بينكم ، بل من أراد أن يكون فيكم كبيراً فليكن للكل خادماً ، ومنأراد أن يكون فيكم أولاً فليكن للكل عبداً ) ” مت 20: 26-27″ . إذاً الذي يريد أن يكون وجيهاً فعليه أن يكون مضحياً وتقياً وخادماً للجميع ، وعلى المجتمع أن يكون واعياً في أحترام الجميع بأكرام ولا يفرض الغني على الفقير ، أو أبن طائفتي على الآخر وأن كان خاطئاً أو أقل قدرة في العمل ، فتلك المفارقة تدعم وجود الطائفييين ، علماً بأن الطائفة وجدت لخدمة الأيمان الصحيح بتقديم العبادة والطاعة إلى الله وخدمة المجتمع لكي تكون قدوة ومثالاً صالحاً . وبتعبير آخر الطائفة هي في خدمة الله والمجتمع ، لا الله والمواطنين في خدمة الطائفة . المتسلطة ومصالحها ، لأن ذلك تشجيع وتأييد لأبراز الأستبداد والتعسف الذييدفع تلك الكتل لقمع وأستغلال المجتمع ، فيتحولون هم إلى آلهة فلا يراعون مصالح المجتمع ، هكذا رفض الكثيرون من الطائفيين الله لأنهم يعتبرونه ذلك المتحدي الذي يلغي كيانهم الملتوي ، وإنه لم يعد لهم من خيار سوى رفضه ، وبسببهم لكونهم جالسين على كراسي الخلفاء الأوليين أصبحت صورة الدين مشوهة أمام شباب هذه الأيام لأنهم فسروا الله من خلالهم بأنه ذلك الجبار المحب للقادة الظالمين الذي نسى الفقير فبرز الألحاد بين الشباب .
بالملايين في العراق ومصر وأيران والسعودية وغيرها من الدول التي يقود سياستها قادة الطوائف أو  من يدعي الأيمان
الدين بشكل عام هو نظام مقدس غايته خدمة المجتمع بالعدل والمساوات فلا يجوز استغلاله ، فالذي يتظاهر بالتدين ويكره القريب منه ، لم يعد لله مكانة فيه لأنه بهذا يفقد غايته الدينية ، أما الذي يستغل الدين وأسم الله بسبب حبه لطائفته أكثر من حبه لله فنراه يقدم الولاء والحب لأولياء وسادة طائفته أكثر من ولائه لله فيقدم لأولئك السادة وهم في قبورهم الولاء والحب أكثر من الخالق ، فيجعلون ذلك الشخص هو المرجع الأعلى ، والهدف الأول يخصص له أياماً لتقديم الحب والطاعة له بدموع وأيذاء النفس لكن لا يخصص لله أي يوم ليقدموا له الشكر والعبادة ، بل نقول من شتم أسم الله ( سبحانه ) لا يحاكم ، لكن من تعدى على واحد من الأولياء أو أبنائهم وأحفادهم الموتى أو الأحياء فالويل لذلك الرجل ، سينزل عليه في الحال كل الغضب والأنتقام وبدون محاكمة أو رحمة ، فمن هو الأفضل في مجتمعنا الخالق أم المخلوق ؟
هكذا العقلية الطائفية لا تبقى لله وجود ، لأنها تسعة إلى تعظيم ذاتها وتثبت وجودها ، واقعياً صارت بديلة لله رغم عبادته له كلامياً ، والولي يتحول من العبد إلى معبود وحتى وإن كان أقل علماً وفهماً وحكمة من الكثير من السادة لكن يكفي أنه حفيد السلف الصالح  , . هكذا تم تحويل الله في بلا دنا إلى وسيلة للوجود ، علماً بأنه هو هدف الوجود
هؤلاء الطائفيين الذين نشروا الفساد والتخلف والفتنى وأستغلال الفقير ورفض الآخر  نقول لهم . الأنسان الذي لا يقبل أخيه الأنسان في وطنه مهما كانت هويته ، فأنه يرفض وجود الله في حياته ، وحسب القول ( من لا يحب أخاه ” الأنسان ” الذي يراه ، فكيف يحب الله الذي لا يراه ؟ ) أجل محبة الله تكمن في محبة الأنسان ، لأن المحبة هي محك الأيمان الصحيح وقياس أصالته ، فلا أيمان ولا تدين سوى ب ( الأيمان العامل بالمحبة )   أما الذي يقتصر حبه لأولياء وأبناء طائفته فأنه يزرع الحقد والكراهية والتفرقة بأسم إلهه المبتدع فيق*ت*ل بإسمه ويفرض أفكاره على كل شرائح المجتمع عبر مكبرات الصوت ووسائل الأعلام أو بالتهديد أو غيرها من الوسائل فلا يعطون وزناً لله الحقيقي المحب لكل البشر الذي يتحاشى الأنانية وفرض النفس والقوانين الطائفية المقيتة على وصايا الله . وهكذا يجعل من طائفته كتلة منغلقة على مصالحها الدنيوية ، بل تؤله تلك الطائفة ذاتها فتتغرب عن الله الحقيقي فتصبح عدوة الله ، وذلك لأن للغريب والعدو صورة واحدة ، فالغريب هو مجهول أيضاً .
الأيمان الحقيقي بالله هو هبة من السماء للأنسان لكي يعلمه التواضع والمحبة للجميع ، فهذه النعمة لا يستحقها الطائفي ولا يشعر بها أو يعمل بمسؤليتها المباركة التي تطالب الأنسان بزرع العدل والمساوات بين أبناء المجتمع . المجتمعات المتطورة تطورت بإزالة الروح الطائفية من التعليم والأعلام والقوانين وغيرها . فالحل هو فضح أعمال الطائفية في مجتمعاتنا ومجابهة معاقلها ورموزها ، وعدم الولاء لهم وسماع فتاويهم ، بل قلب تحصيناتهم وأزالتها ، لأن معادلتهم بين الدين والدولة زائفة ، قوانينهم وشعاراتهم منسوجة لأغراض أنانية بأسم الله ، يسّخرون المشاعر الدينية لمآرب ضيقة بعيدة عن خط الأيمان الصحيح  . الحل هو الألتزام في عمل سياسي وأجتماعي مشترك لبناء دولة حديثة ترتكز على قوانين مدروسة تخدم كل شرائح المجتمع وتوزع الوظائف والمسؤليات والخيرات على أساس المصلحة العامة ترضي قوانين الله وتخدم كرامة الأنسان التي لا تنفصل عن كرامة الله الذي له المجد الدائم

..

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!