مقالات دينية

مواقف مشتركة بين إيليا والمسيح وبعض الأنبياء

الكاتب: وردا اسحاق

 

 

مواقف مشتركة بين إيليا والمسيح وبعض الأنبياء

بقلم/ وردا أسحاق قلّو

إيليا من الأنبياء الكبار ، ظهر قبل المسيح بتسعة أجيال . أليهود يعتبرونه نبياً عظيماً في قدراته المعجزية وبتحديه لسلطات زمانه ، كما ينتظرون عودته ليمهد الطريق أمام المسيح المنتظر ، لهذا سألوا يوحنا المعمدان الذي كان يعد الناس ويرشدهم إلى التوبة ، فقالوا له ( … إيليا أنت ؟ ) . أما الشعب المسيحي فيعتبره بطلاً من أبطال العهد القديم لأنه دافع عن الله بجرأة وكان صلباً قي مواقفه لمواجهة التحديات من أجل إبراز الحق والعدل والعودة من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الخالق .

كان إيليا صوتاً صارخاً في ظلمات عصره لهذا تكرمه الكنائس الرسولية بتسمية كنائس وأديرة بأسمه وتلمس منه الشفاعة وتعتبره رجل الإيمان والمعجزات والعمل الدؤوب

إيليا ويسوع :

بعد هذه المقدمة القصيرة نبحث عن نقاط التلاقي بينه وبين يسوع المسيح فنجد بأن يسوع له المجد قد صام أربعين يوماً وأربعين ليلة في الصحراء قبل الشروع ببشارة الأنجيل والذي بدأها بأختيار أثني عشر تلميذاً . الحياة في الصحراء تعني الأستعداد للدخول في مرحلة حياتية جديدة ، أو إلى أرض جديدة كالشعب العبري . هكذا صام إيليا كالمسيح بعد أن تناول طعاماً خاصاً من يد الملاك ثم انطلق في سفر طال أربعين يوماً وأربعين ليلة .

المسيح قدم نفس ذبيحة على الصليب من أجي خلاص العالم .

أما أيليا فقدم ذبيحته على جبل الكرمل على مذبح بناه على أثتي عشر حجراً والتي كانت ترمز إلى أسباط بني إس*رائي*ل .

المسيح جاء لخدمة كل البشر وليس لخراف يهود الضالة فقط . كذلك تلميذ إيليا شُفيّ نعمان السرياني من البرص بهذا يؤكد بأن الخدمة يجب أن لا تقتصر باليهود فحسب ، بل لكل البشر .

يسوع بقي وحده في بستان الزيتون بعد أن هرب تلاميذه ، وقبل هروبهم  صلى إلى أبيه السماوي لكي يرفع عنه الكأس . كذلك فعل إيليا عندما قدم شكواه إلى الله ، قائلاً  ( … لقد ق*ت*لوا أنبيائك وهدموا مذابحك ، وبقيتُ أنا وحدي وهم يريدون ق*ت*لي … ) ” رو 2:11″ .

 ركع كذلك على ركبتيه على جبل الكرمل متضرعاً إلى الله لكي يقبل ذبيحته داحضاً مزاعم كهنة البعل فاستجاب الله له . أما ذبيح المسيح فكانت على جبل الجلجلة .

يسوع لم يُقبَل في بلدته الناصرة كنبي ، كذلك إيليا لم يكرم في بلدته فذهب إلى الصرفة التابعة لصيدون وهناك أحيا إبن الأرملة ” 1 مل 22:17″ . من هنا تكمن أهمية البحث في واقعة مماثلة في الأنجيل لنقرأ قصة أحياء يسوع أبن الأرملة في نائين .

في بستان الزيتون جاء ملاكاً ليعزي يسوع في نزاعه الأخير ويشجعهُ . كذلك تراءى الملاك لأيليا في الصحراء فشجعه وحرره من اليأس الذي استولى عليه .

المسيح أرتفع إلى السماء أمام أنظار تلاميذه بجسده ، وبعدها أرسل لهم روحه القدوس واستقر على تلاميذه في يوم العنصرة فانطلقوا للبشارة . كذلك أرتفع أيليا إلى السماء أمام أنظار تلميذه إليشاع واستقر روحه على إليشاع لينطلق لأتمام رسالته ، كما هناك نقاط ألتقاء بين حياة إيليا وإليشاع .

أيليا وموسى :

هرب إيليا من وجه إيزابيل الملكة ، كذلك هرب موسى من فرعون مصر . صام الأثنان أربعين يوماً وأربعين ليلة وأنتهى هرب الأثنين على جبل حوريب المسمى ب ( جبل سيناء ) هناك التقى موسى مع الله أمام عليقة مشتعلة ، وبعدها أستلم منه لوحي الوصايا . اما أيليا فقد أستلم الوصية من الله بعد حديث منخفض بينهما وفي جَوٍّ من الريح والزلزلة والنار أيضاً ، ثم أمره الله بأن يذهب ويمسح ياهو ملكاص على بني أسرائيل ، وحزقيال ملكاً على آرام ، وتلميذع إليشاع نبياً . هكذا تم تسليم موسى رسالة إلى الشعب العبراني ليصبح هو قائده ، وإيليا أيضاً أنجز المهمة التي كلفَهُ بها الله .

قبل إنطلاق إيليا في سفره قدَمَ لهُ الملاك طعاماً سماوياً خاصاً . كذلك في صحراء سيناء أطعم الله الشعب اليهودي ألمن والسلوى . والطعامان المقدمان لأيليا ولشعب موسى يرمزان إلى الخبز السماوي الحي الذي يتناواه المؤمنون بالمسيح في العهد الجديد في القداس الإلهي والذي هو قوتاً روحياً يحيى به كل مؤمن يستحق تناوله .

سار إيليا أربعين يوماً ، كذلك قضى الشعب العبري مع موسى أربعين سنة في الصحراء قبل دخوله إلى أرض الميعاد بدون موسى .

أيليا ويوحنا المعمذان :

عاش يوحنا حياة إيليا في الفقر والنسك والتجرد وإعداد الشعب إلى التوبة ، فكانت حياته مشابهة لأيليا لهذا ظن اليهود أنه النبي إيليا المنتظر الذي يعد لهم الطريق لمجىء المسيح بعد أن طال إنتظارهم وشوقهم لكي يخلصهم من المستعمرين ، أجل رسالة يوحنا مماثلة لرسالة إيليا ، وحياتهم متشابهة .

إيليا دعى إلى التوبى والبر والعدالة والتخلي عن عبادة الأصنام . أما يوحنا فكان يعدهم إلى التوبة لأن ملكوت الله قريب . أحاب وزوجته إيزابيل حاولوا إنهاء حياة إيليا والنخلص منه ، أما يوحنا فقد تم إنهاء حياته بسبب قسوة هيرودس الملك وهيروديا لأن يوحنا كان يوبخهما علناً على سلوكهما . شن إيليا حرباً على كهنة البعل ، كذلك يوحنا سن حرباً كلامية على الفريسيين والكتبة لسوء تصرفهم وإلتزامهم بقشور الإيمان دون الألباب .

إيليا كان يتمنطق بالجلد ، وقوته كان ما تقدمه إليه الغربان على ضفة نهر كريت . أما يوحنا فكان يلبس الجلود أيضاً ، أما قوته فكان جراد وعسل البرية .

إيليا رد قلب الآباء على البنين ، ويوحنا عرف أيضاً بذلك .

 وأخيراً لم يعد إيليا لأكمال ما كان يعتقد الأقدمون بشكل مباشر ، بل عاد بروحه التي تجلت غيرةً وأندفاعاً في يوحنا المعمذان ، ثم تجلت كمالاً في السيد المسيح حتى أن كل من يسير بوحي هذه الروح يستحق أن يكون قريباً من الله كما كان لأيليا الذي تجلى مع موسى ويسوع على جبل التجلي .

ولربنا يسوع كل المجد

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!