مقالات دينية

السبت هو لأجل الإنسان .. والإنسان جعل للملكوت

السبت هو لأجل الإنسان .. والإنسان جعل للملكوت

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال يسوع ( كل غرس لم يغرسهُ أبي السّماوي يُقلَع )

  بعد سبي اليهود إلى بابل ، صار الهيكل المقدس بعيداً عن الساكنين في بلاد النهرين ، فلكي يعَبّروا لله عن إخلاصهم لهُ ، كان البديل عن الهيكل هو يوم السبت ، والإلتِزام بالطقوس الخاصة به ، كعدم العمل أو إشعال النار ، أو القطاف ، أو السير لمسافات بعيدة تتعدى الستمائة خطوة . إذاً هم الذين فرضوا على أنفسهم قيود كثيرة خاصة بيوم السبت ، وهذه الأمور لم تكن موجودة في شريعتهم ، ولا في أحكامها . وكان الفريسيون أكثر تأثيراً من باقي اليهود . وهم الذين إحتجوا على يسوع عندما كانوا تلاميذه يقطفون السنابل في يوم السبت ليأكلوا . فرد عليهم يسوع بعن*ف ، وقال ( السبت جعل لأجل الإنسان ، لا الإنسان لأجل السبت ) لأن الله خلق الكون في ستة أيام ، وفي اليوم السابع ( السبت ) إستراح . والراحة هو تعبير عن الفرح . والسبت هو اليوم الذي أعطي للإنسان لكي يشكر به الخالق ، ويفرح لكل عمل خير . فالسبت إذاً كان نوعاً من التفرغ والركون للشكر والتسبيح لله . لذا السبت كان بمعنى ، لما هو في هذا الدهر إلى ما هو للدهر الآتي . وما هو أهم ، هو أن يعمل الإنسان عمل الله الصالح . فالعمل الصالح الذي يقدمه الإنسان لأخيهِ الإنسان في يوم السبت هو ألأفضل من الصلاة ، لأنهُ يسبح الله بعمله ويعبّر عن محبته الصادقة لأخوته البشر . لهذا السبب قال يسوع لليهود عندما أراد أن يشفي يد الرجل اليابسة في المجمع ( أيجوز عمل الخير في السبت أم الشر ؟ ) لقد تمسكوا اليهود بشكليات الأمور فخنق فيهم الروح . فبدلاً من أن يقولوا أن الذي يشفي الإنسان لا بد أن يكون من الله . لكنهم فقدوا الإحساس بالإلهيات فظنوهُ خاطئاً لأنه خالف أحكام السبت التي هي من صنع الإنسان لا من الله . والمسيح جاء لكي يصحح كل خطأ فقال ( كل غرس لم يغرسهُ أبي السّماوي يُقلَع ) ” مت13:15″ .

  الإنسان الذي يسبح الله بعملهِ يوم السبت هو تنفيذ ما يريدهُ الله من الإنسان ، من ثمار المحبة . وهذا هو الإقبال على ما هو لله ، وهو جوهر يوم السبت . السبت إذاً هو النفخة الإلهية التي أعطيت لنا حتى نكون مع الله بشكل متواتر ، عكس الفريسيين الذين جعلوا السبت فروضاً وحملاً ثقيلاً على البشر ، بدلاً من أن يفرح قلب الإنسان بالسبت ، جعلوا الإنسان عبداً للسبت .

   السبت جعل للإنسان . والإنسان خلق لأجل الملكوت . لكن عند اليهود كان الإنسان لأجل السبت . لكن الإنسان المؤمن بالإله المتجسد في العهد الجديد صار حُراً من القيود المفروضة عليهِ والخاصة بالسبت ، لا وبل صار يوم الأحد بديلاً للسبت ، لأن فيهِ قام المسيح وحرر الإنسان من السبت والخطيئة . فنحن المؤمنين بالمسيح علينا أن لا نحوِّل ما رتبته الكنيسة المقدسة إلى أحكام شكلية ، حتى لو أتممنا الصيام والصلاة والحضور في الكنيسة إذا لم نطهر قلوبنا أمام الخالق ، وأمام البشر ، وإذا لم نعترف بأننا ضعفاء وخطاة ، وبأن طاعتنا لله مهما كانت بأنها ناقصة ، ونعمل من أجل المزيد لكي نقوي علاقتنا مع الله ونفتح صفحة جديدة لنطور سلوكنا في رحمة البشر ، وكذلك النظرة إلى انفسنا لكي نشعر بالبر الذاتي ، وبأننا أتممنا فروضنا كما يليق ، ومن ثم صرنا على قاب قوسين وأدنى من ملكوت الله .

أخيراً نقول ، المهم هو تغيير القلب والفكر ، والعمل من أجل حب الآخرين ، والصفح لكل من يخطأ إلينا . هذا كله هو الهدف المرتجى ، وهو ما علينا أن نسعى إليهِ لكي يكون صومنا لأجل الإنسان ، ولا نكون نحن لأجل الصوم . لأن القداسة ليست بإتمام الفروض المعينة لكي يقتني الملكوت ، بل بتغير القلوب أولاً وأخيراً لكي تمتلي من روح الله القدوس الذي يريد أن يقيم في هيكلنا . حينئذ سنشعر بمعنى الحياة الجديدة . ومعنى القيامة في الروح لنستعد للدخول إلى ملكوت الله .

ليتمجد إسمه القدوس

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!