مقالات

دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والشريعة الإسلامية ح 9

2. متى يحق للمالك أو الشريك أو صاحب الحق المطالبة بأجر المثل؟.
من المعروف في تعريف معنى الدعوى في قانون المرافعات المدنية أنها تعني وفقا للمادة (2) من قانون المرافعات المدنية النافذ رقم 83 لسنة 1969 (طلب شخص حقه من آخر أمام القضاء)، وتشترط المادة (6) في الدعوى (أن يكون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة)، إذا دعوى أجر المثل تشترط وفقا للمادتين أعلاه ما يلي:.
1. شرط المطالبة بالحق.
لا حق لمن لا يطالب لحقه وفقا للحقوق التي تمنحها حقوق الملكية للمالك أو الشريك أو صاحب المصلحة القانونية التي يحميها القانون، فالأصل بمبتدأ الحق هو كشف رغبة المدعي بمطالبته بحقه بدعوى قانونية وقضائية أصولية، هذا يعني أن الفترة المطالب بها قبل الدعوى فترة إباحة أفتراضية حتى يثبت العكس بدليل قانوني معتبر أو حجة قائمة تغني عن الدليل، فالملكية وحدها لا تنهض سببا كافيا للمطالبة بأجر المثل مالم تسندها لزومية التنبيه والإعذار القانوني اللازم.
2. أن تكون المطالبة أمام القضاء حصرا.
لا يجوز لمن بيده حق اللجوء إلى أي جهة غير القضاء في الفصل في المنازعات القائمة على حق الملكية وغيرها من الحقوق، بأعتبار موقع القضاء ودوره الدستوري والقانوني بتنظيم حق التقاضي، لذا لا أعتبار لأي مطالبة خارج ساحة القضاء وبالصورة المثبتة بالقانون إلا في حالة توجيه الإنذار عن طريق الكاتب العدل وإن كان هذا جزء من متطلبات إقامة الدعوى أمام القضاء.
3. أن يكون المدعى به محققة أي لا يكفي الأفتراض أو مجرد الإدعاء.
لا تكون الدعوى متحققة ما لم تستند في جوهرها على بيان رغبة المدعي في أستحقاق الحق وفقا للأصول، هذه الرغبة يجب أيضا أن تكون حقيقية بمعنى أن يظهرها للخصم ويعلن له عنها وإلا لا يجوز أن يفترض المدعي أن خصمه يعلم برغبته دون أن يبديها له، فقد يكون الخصم أيضا راغبا بمعرفة نوايا المدعي ويرفع يده عن المغصوب بمجرد المطالبة، فالتحقق يجب أن يكون بالفعل المادي وليس بالنوايا المفترضة، لذا نقول أن التنبيه والإعذار شرطا للمطالبة بدعوى أجر المثل لأنها تنشئ حالة الغصب من وقت التبلغ والإدراك.
من هنا لا تصح إقامة دعوى أجر المثل عن أي فترة سابقة لتأريخ إقامتها ما لم تحتوي على ما يلي:.
• سبق المطالبة بإنذار أو إعذار للغاصب سواء أكان شريكا أو متعديا، وأن يكون ثابت التاريخ ومتبلغ به الخصم أصوليا، مطلوب فيه ومنه أن يرفع يده عن المنفعة للمنذر حتى يتمكن من الأنتفاع بحقه في المال المنقول أو العقار، لأن الإنذار القانوني والإعذار القضائي المتمثل بإثبات واقعة الغصب والأستغلال بدون وجه حق شرطا لثبوت الغصب الوارد في أحكام القانون المدني، وما جاء بالمبدأ رقم 1 (وان يكون بدون وجه حق اي غصب).
• أن لا يكون المالك أو الشريك أو صاحب المصلحة القانونية هو المقصر في المطالبة بحقه عندما يرفض أو يسترخي أو يتماهل في الأنتفاع بحقه وأستغلاله، فسكن الشريك مثلا في دار أخرى برغبته وبإرادته أو أمتناعه أن يستغل بالسكن أو أي وجه من أوجه الأنتفاع بالعين موضوع المطالبة لا يحق له معها المطالبة بأجر المثل عملا بمبدأ الجواز الشرعي الذي ينافي الضمان، فمن لا يستخدم حقه لا يمكن للأخرين إجباره على ذلك إلا في الحدود التي يرسمها القانون، المبدأ رقم 2 (اذا رفض الشريك سكن الدار مع شريكه فلا حق له بمطالبة شريكه باجر مثل عن حصته).
• يدفع الشريك المنتفع بالعقار ضد شركاءه المطالبين بأجر المثل أن أنتفاعه كان بأذن الشركاء الأخرين وفقا للمبدأ رقم 3 (اذا انتفع الشريك بالعين الشائعة كلها باي وجه من وجوه الانتفاع بلا اذن شركائه وجب عليه اجر المثل)، وهنا يثور الإشكال أمام المحكمة في بيان الأذن من الشركاء، فلم يحدد القانون شكلا ولا وضعية محددة للأذن، إنما تركها للقواعد العامة في الإثبات ومنها المادة “1” التي تنص على (توسيع سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من ادلة بما يكفل التطبيق السليم لأحكام القانون وصولا الى الحكم العادل في القضية المنظورة)، بما يعني أن سلطة المحكمة بتقدير وأستشفاف وجود الأذن من هدمه مناط بها وحده وتستنبطه من وقائع الدعوى مقدمة مبدأ الإباحة الأفتراضبة والبراءة في الأصل على ما سواها من أدلة وحجج حتى يتوفر لها الدليل والحجة العكسية.
وتطبيقا لأحكام مادة 7 من قانون المرافعات التي تنص على ما يلي:.
اولا – البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
ثانيا – المدعي هو من يتمسك بخلاف الظاهر، والمنكر هو من يتمسك بإبقاء الاصل.
هنا يلقى القانون عبء الأثبات على المدعي بأجر المثل في وجود أو نفي حالة “الأذن” من خلال بينه معتبرة تتمثل في الإنذار والأعذار الذي تكلمنا عنه سابقا، وتطبيقا للشق الثاني من المادة وهي أن المدعي هو من يتمسك بخلاف الظاهر، والظاهر هو وجود الأذن بدليل السكوت عن خلافه والسكوت عن المطالبة أو التنبيه أو الإنذار وفقا لقاعدة “لا ينسب للساكت قول”، والمدعى عليه هنا هو من يتمسك ببقاء الأصل وهو الإباحة، فالمحكمة تكلف المدعي بإثبات عدم الأذن أولا وأبتداء.
وبما أن دعوى أجر المثل من الدعاوى التي تخضع فيها أدلة الإثبات والنفي إلى حجية الوقائع التي تثبت عند المحكمة صلاحيتها وقوتها وملائمتها بعد التحري عنها، فهي تسمى من الدعاوى التقديرية التي لا تقوم على مبدأ الأفتراضي ومنه تنطلق المحكمة في بناء حكمها وقرارها الخاص كما في دعاوى الأجر المسمى أو التخلية التي تلتزم المحكمة بما ورد في أحكامهما من طريق مرسوم مسبقا بقانون، هذا ما أستقر عليه القضاء والفقه القانوني العراقي من خلال قرارات محكمة التميز أو محاكم الأستئناف بصفتها الأصلية (اجر المثل من الوقائع التي لمحكمة الموضوع حق الفصل فيها لما لها من سلطة تقديرية).
السؤال هنا يدور في تعريف الأذن وتقدير وجوده من عدمه من قبل المحكمة، هل يمكن عده قرينة قانونية ينطبق عليها النص القانوني الوارد في المواد (98 وما بعدها)، وبالتالي لا يمكن دحضها إلا وفقا للأوضاع التي حددتها المادة (100 والمادة 101 من قانون الأثبات)؟ أم أنه قرينة قضائية معرفة بالمواد 102 و 103 و 104 أثبات وعللا سلطة المحكمة التقديرية التحري عنها في تقدير الأذن وجودا وعدما، الرأي القانوني الراجع ومن خلال قواعد العدالة التي سنها القانون كجزء من أدلة المحكمة في تقدير الدليل والحكم بموجبه، يعد البحث عن الأذن قرينة قانونية بأمتياز تتيح للمحكمة الحرية في تكوين قرينة قضائية معتبرة تعتمد على قواعد العدالة ومبادئ القانون المدني والشريعة الإسلامية التي تتبنى مبدأ البراءة في الأصل، وبالتالي يكون المدعى عليه في دعوى أجر المثل خاصة بين الشركاء هو المستفيد من أفتراض الأذن أبتداء بأعتبار عدم المطالبة أو التنبيه اللازم برفع اليد دليلا على حجية تمسكه بالإباحة وأنتفاء المغصوبية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!