هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
علي الجنابي
ليس الجمالُ بمئزرٍ ، فاعلمْ وإن رُدِّيتَ بُردا
إِنّ الجمالَ معادنٌ ، وَمَنَاقبٌ أَورَثنَ مَجدا
أَعددتُ للحَدَثانِ ، سابغةً وَعَدَّاءً عَلَندى
نَهداً وذا شُطَبٍ يَقُدُّ البَيضَ ، والأبدانَ قَدَّا
أُغني غَنَاء الذاهبينَ ، أُعَدُّ للأَعداءِ عَدَّا
وهكذا تكلمَ لسانُ أبائيَ الأولينَ وهكذا تَبّدَّى، وكذا جرى عبقُ البيانِ في السابقين جَلدا، وكذلك سرى ألقُ المعاني في عنان الأقدمين جِدَّا، وعجباً من فلقهم وكيف كان يتكلم في صبحٍ وحين المساء حَدَّا، وكلُّ امرئٍ منهم كان يجري إلى يوم الهِياجِ بما استعَدَّا، وكلُّ امرئٍ منهم كان بوجهِ الرَّدى يزأرُ ، وكانَ يتبوَّأ لأخيهِ بيدَيَّهِ لَحدا. ثمَّ…
خَلَفَ مِن بَعدِهم خَلفٌ ناعقٌ في ضحىً، وبعد العشاء لاعقٌ نهدا. خلفٌ على النومٍ عاقدٌ رَمْدا، وفي اليأسِ راقدٌ كَمْدا ، وللبأسِ فاقدٌ زرافاتٍ وفردا. خلفٌ مافتأ يزفرُ ببقيةٍ من زفيرٍ..
“ليك الواوا ، بوس الواوا ، خلي الواوا يصح”
ألا ليتَ الخلفَ غَنّوا غَنَاء الذاهبينَ للأَعداءِ نِدَّا، ألا ليتَ الغناءَ فيهم كانَ بأضعفِ الإيمانِ وردا…
“سيبْ الوِزَّة ، ورُوحْ لغَزَّة ، وخَلِّي العِزَّة تَكُحْ”
ويحكَ عبطان!
أما مِن قائدٍ أمينٍ يُوقظنا نحنُ الخلف، ويَعدُّ علينا أنفاسَنا عدَّا.
أما من زعيمٍ كريمٍ يزجُرُنا بقوةٍ فيردَّنا لإرثِ آبائنا ردَّا.
كلا ، لا قائدَ ولا زعيمَ يا عليَّان ،ولا شروقَ يبدو في ذا أفقٍ فوق ذي كثبان.
أوتظنُّ ذلكَ يا عبطان؟
لعلكَ على حق عبطان، وتعال ياعبطان هلمَّ لندخل معاً الى دار ابن أبي “غوغل” الفتان، كي نقرأ القصيدة سوياً ونتمعنَ بما في مبانيها من معان، ولن نقرأ في غوغلَ (تحشيشاً)، لا ولن نقرأ الفنجان ، هلمَّ كي نفهم معانيها ونتعرف على الجمال الحق في أحسن تبيان، فذلك لنا خيرُ ، وذلك هو السمو في العنان ، وهو أقومُ لنا من هلوساتِ الصبيان : ” منور الفيس حبيبي أبو داليا الفنان ” و أزكى من غمسات الفلتان: : ” يالبيروت ويالدفء مافيها من حنان، وصدق اللي قال: ضيعت القلب ببيروت، وخلاص فاللي كان كان” ، وإنّما الجمالُ ياعبطان هو كما تكرَّمَ الفارسُ العربي العدنان: عمرو بن معد يكرب الزبيدي وقال بعن*فوان: إنَّ الجمالَ معادنٌ ، وَمَنَاقبٌ أَورَثنَ مَجدا، هلم وتعالَ لنقرأ يا عبطان ـ فلربما قبسٌ من هذي قصيدةٍ قد يقدحُ بشررٍ في رمادِ أجسادِنا ويقدّها قدَّا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.