نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية ? 3

الكاتب: وردااسحاق
نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية – 3 نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية – 3 بقلم د. رضا العطار اما الحقوق التي تمتع بها نصارى العراق في ظل الدولة الاموية اقول: من يتصفح تاريخ نصارى العراق منذ البدأ، يتلمس وشائح التسامح العقائدي والتعاون المثمر اضافة الى المعايشة والمساكنة بين المسلمين والمسيحيين بشكل واضح. فقد كانت حقوقهم الدينية محفوظة اذ كانوا يقومون بشعائرهم بصورة علنية وباحتفالات مهرجانية واسعة بحرية كاملة. اضافة الى حقهم في التملك الوقفي للكنائس والاديرة مع التبشير بالعقائد، كل طائفة بحسب مذهبها وموقعها، وهذا ان دل على شئ انما يدل على عمق التسامح الديني الجليل بين الاهالي واتباع الكنيسة، كان دليلا على عمق التسامح العقائدي بين ابناء الشعب الواحد. كذلك كانت الحقوق الشرعية للمسيحيين مصونة يحق لهم ما يحق لأخوانهم المسلمين في التقاضي والشهادة امام المحاكم مع حق السكن والضمان والارث وشراء الأمَه والعبد. فقد كان النصارى يتعاملون بهذه الحقوق على صعيد واحد دون تمييز عرقي او عشائري او مذهبي ! فالجميع كانوا كأسنان المشط بحسب ما جاء في التشريع الاسلامي. وهنا تبرز لدينا صورة جديدة في المحافظة على حقوق زوجة المسلم المسيحية. وكان آنذاك شائعا في زواج المسلم من الذميات. فمثلا، الخليفة الأموي معاوية تزوج من ميسون الكلبية المسيحية. وأم الوالي خالد القسري كانت رومية مسيحية، بنى لها كنيسة في الكوفة قريبة من الجامع. وهنا يتجلّى عمق التآلف بين ابناء وادي الرافدين. اضافة الى ذلك فان الحقوق المدنية كالتوظيف والعمل كانت هي الاخرى متاحة وبفرص عديدة. فقد كان المسيحي يعمل ويكسب من عمله التجاري والحرفي، سيما وان بعض منها تركت للمسيحيين دون غيرهم: مثل الصيرفة والقرض وتداول الخمور وقد كان للمسيحيين حانات عديدة اشتهرت في التاريخ الاسلامي بروادها من الشعراء المسلمين او كبار القوم من الامراء والقادة دون اي تحفظ او تخوف بل بالعكس، فقد ذهب الكتاب والشعراء يستظرفون بذكرها ويستطربون بالسهر فيها، وهذا دليل واضح على ان تركيبة الشعب العراقي يومذاك وعقليته يختلفان عما هو عليه اليوم. اما واجبات المسيحيين في العراق التي فرضتها عليهم الدولة الأموية في الشام، فقد ادّوها على اتم وجه. فكما ان الدولة صانت لهم حقوقهم وحفظتها لهم بكل ما يستساغ لها من فرص وامكانيات، هكذا طلبت منهم ان يؤدوا واجباتهم بكل امانة واخلاص. ولا نرغب القول هنا بحد المقولة – واحدة بواحدة – لاننا ازاء دولة ذات سلطة وقوة وتشريع مع اقليات لا حول ولا قوة لها سوى الولاء والوفاء بالمستلزمات الرسمية. من تلك الواجبات ( الخراج ) الذي كان المسيحيون ملزمون بتأديته ازاء ناتج الحقل والحظيرة والتجارة بحسب انظمة آنية يشرعها الخلفاء والامراء. واحيانا كانت عليهم ثقيلة واحيانا اخرى خفيفة بحسب الظروف السياسية العامة والخاصة، علما ان الدولة البيزنطية كانت مجاورة للدولة الاموية الاسلامية. ثم الجزية، وهي ضريبة الرأس، التي سنها الاسلام بحسب تشريع قرآني خاص. ولكن تباين تفسير هذا النص بحسب الظروف الزمانية والمكانية فتجد ان هذه الضريبة كانت تتفاوت صعودا ونزولا حسب الظروف السياسية ايام الخلفاء طبقا لهواياتهم واهوائهم ، من جهة وعلاقتهم باهل الكتاب من جهة ثانية. اضافة الى ذلك كان هناك ضريبة العشور والتجارة بالممنوعات مثل لحم الخنزير والخمور وغيرها كانت هي الاخرى تخضع للمد والجزر في مختلف الفترات والعهود السلطوية. الا اننا نوجز القول بان المسيحيين ادّوا ما عليهم من واجبات بأكمل وجه رغم كل ما كانت تحوطاتهم وتوقعاتهم بحسب قول معلمهم الاول ( اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) وهكذا عاشوا في العراق بأمانة السلطة الاسلامية وذمتهم رغم ما كان يطرا على هذه الامانة احيانا من اضطهاد في قوانين الجباية وشروط الاداء الى الحلقة التالية ..