نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية ? الحلقة الأخيرة والمهمة

الكاتب: وردااسحاق
نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية – 10 نصارى العراق وعمق جذورهم التاريخية – 10 بقلم د. رضا العطار المسيحيون العراقيون ودورهم في بناء العراق الحديث عاش المسيحيون العراقيون مع اخوتهم المسلمين فترة الحكم العثماني الغاشم الذي طال زهاء خمسة قرون من الزمن، متحملين معانات ذلك العهد وشقائه في تخلف مقيت محرومين من سبل التطور، منغمسين في حمأة الظلم والفساد، فكان العراقيون جميعا والحالة هذه مضطهدين ينتشر بينهم الجهل والفقر والمرض، ومع كل الضغوطات فان بعضا من المسيحيين استطاعوا ان يبرزوا على المسرح الاجتماعي والثقافي والاقتصادي واظهروا كفاءة عالية من الحرص على النهوض فساهموا في حركة اليقظة وعلى قدم المساواة مع اخوانهم العراقيين المسلمين. ومن الامور المهمة هو ان المسيحيين في العراق ليسوا أقلية بما تعنيه الكلمة، لأن هذه ( الاقلية ) كانت يوم دخول الجيوش الاسلامية لفتح العراق تسعة ملايين نسمة. ماذا بقى منهم الان ؟ ولماذا ؟ ثم ان هذه الاقلية لعبت دورا جليلا وصادقا في حضارة الدولة الاسلامية، خاصة في العهد العباسي. وكتب الحضارة تشهد على ذلك. المسيحيون العراقيون معروفون بوطنيتهم الخالصة على مدّ التاريخ، لهذا كان ثقلهم التاريخي والحضاري ومكانتهم في العراق الحديث المعاصر ووجودهم الحي عبر مؤسساتهم الدينية والاجتماعية بأديرتهم وكنائسهم ومدارسهم. فمنذ عشرين قرنا وهم يعطون بسخاء من روحهم وافكارهم ما يعتزون به لخدمة وطنهم العراق من اجل نهضته وتقدمه، يسقونه بدمائهم ويدافعون عنه في الحرب والسلم. واليوم هناك موجات عاتية ورياح عاصفة تحاول قلع نصارى العراق من اصولهم التاريخية وجذورهم الحضارية !! فيجب الانتباه والحذر من الاصابع الخفية التي تعمل في الظلام — أجل من يقرع الاجراس لأستئصال النصارى ؟ ومن يقرع النواقيس لتقرير المصير — ومن يؤذن بالناس للق*ت*ل والسلب والخطف والتهجير ؟ آلاف السنين مرّت على وجود المسيحيين في العراق، فهم سكانه الاصليين الاصليين منذ وجود اجدادهم البابليين والكلدانيين والاشوريين والعرب المسيحيين المتمثلين بقبائل تغلب واياد ومضر وربيعة وسليم وطيء — فلا بد من تأمل اذن ! اليوم كنائسهم تفجر واديرتهم تدمر ومتاجرهم تخرب ويتعرضون لشتى الاعتداءات الار*ها*بية بين التهديد والوعيد والطرد والتشريد لماذا ؟ ماذا جرى في العراق ؟ العراقيون لم يعرفوا يوما العنصرية والطائفية والمذهبية. فنحن نصارى العراق لا بد من التعريف باولياتنا الامنية والوطنية قبل كل شئ. فنحن عراقيون قبل اي مرجعية قومية او دينية. وسنبقى مدافعين عن حقوق كل العراقيين بكافة انتماءاتهم الدينية والعرقية والمذهبية من اجل استعادة مجد العراق وازدهاره وعودته ثانية ليصب قدراته الحضارية في بحر الحضارة العالمية عبر رافديه دجلة والفرات، انهار الجنة الارضية والفردوس الموعود وهنا اقول: ان النصارى العراقيين قد استجابوا لكل قوانين العراق على مختلف العهود وساهموا في كل مؤسسات الدولة ولم يتوان ابناؤهم من اداء الخدمة العسكرية الالزامية وقد برز منهم ضباط استشهدوا في سبيل الوطن واشتركوا في الحياة السياسية وعهد الى العديد منهم مناصب وزارية. فمسيحي بلاد الرافدين لعبوا دورا كاملا في بناء العراق على امتداد العشرين قرنا من ايام اجدادهم القدماء. وخاصة في بناء ونهضة العراق الحديث ايام العهد الملكي والجمهوري. فلا بد اذن من التشبث بالنصارى وشدهم في بلدهم العراق لان لهم لبنات عديدة في صرحه الشامخ بل هم بدايات اساساته والعاملون الفاعلون في تطوره ونهضته، فليسوا بالاقلية في ميدان العمل والممارسة الفكرية والاقتصادية ان لم يكونوا الأكثرية. فعلى سبيل المثال لا الحصر نورد بعض الاسماء كل في حقل اختصاصه كنموذج: ففي حقل العلم والابداع الدكاترة: العلامة متي عقراوي، يوسف نعمان طبيب القلب الشهير، باسيل عاكولا في التاريخ القديم، متي ناصر مقادسي صاحب الاكتشافات في الفيزياء، جورج سركيس في علم الكيمياء، ريمون شكوري في علم الرياضيات في الطب والجراحة الدكاترة: يوسف سرسم، يوسف شماس، نضير مطلوب، حنا زبوني بوغوص بوغوصيان، روفائيل تبوني، رؤوف اللوس، فوزي انور عزو، جورج بريمان في القانون والمحاماة: يوسف الياس حسو، انطوان شماس،داود الصائغ، شاب توما، متي موسى، اسحاق بيثون، جبرائيل البناء، جبرائيل فتح الله، وجرجيس فتح الله في الصحافة: داود صليوه صاحب جريدة (صدى بابل ) 1909 ثابت عبد النور، عُين سفيرا للعراق في السعودية، البطريق عمانوئيل توما كان عضوا في مجلس الاعيان، الخوري خياط كان مستشارا للملك فيصل الاول، جرجيس قندلا كان شاعرا وطنيا في مجال السياسة: حنا خياط كان وزيرا للصحة، يوسف سلمان يوسف (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، طارق عزيز حنا، كان وزير خارجية العراق في الاثار والتنقيب: هرمز نمرود، فؤاد سفر، بهنام ابو الصوف اللغويون : الاب انستاس الكرملي، المطران اقليميس داود، العلامة ادي شير، اوجين منا المؤرخون والباحثون : الاب اوغسطين المرمرجي (باحث لغوي) بهنام قليان (مؤرخ) نرسيس صائغيان (مؤرخ ومحقق) يوسف حبي (باحث ومؤرخ) بنيامين حداد (باحث) المسرح والمسرحيون: حنا رسام، توماس حبيب، بهنام ميخائيل، عوني كرومي، ريكردوس يوسف، نعيم فتح الله، ترجم مسرحيات فرنسية الى العربية في الادب والشعر: بنيامين حداد، سليمان غزالة، ميخائيل عواد، الاب يوسف حبي، المطران لويس ساكو، يعقوب افرام، يوسف عبد المسيح، يوسف قوزي. يوسف متي الرسامون والمصورون: عيسى حنا (رائد فن الجداريات) فرج عبو (فنان تشكيلي) سامي لالو (فنان رسم الحياة اليومية والعادات) حازم باك ( فنان التصوير الفوتوغرافي) بسام فرج ( فنان كاريكاتير ) الموسيقيون: سطع في سماء العراق مسيحيون، كانوا نجوما لمعت في فن الموسيقى وقد اشتهروا في الاوساط العراقية والعربية وحتى العالمية، فأثاروا اعجاب الملايين من البشر لمعزوفاتهم الشجية العذبة وخاصة على الة العود والقيثارة والطبلة ثم القانون والسنطور وكانوا اعضاء بارزين في العديد من الفرق الموسيقية الوطنية عن طريق الاذاعة والتلفزيون ومن اشهرهم: فائق مروكي (عازف وملحن) وفريد الله ويردي (مؤلف موسيقي) وسعيد شابو ( موسيقي وملحن) غانم حداد (عازف كمان) منير بشسر (موسيقي مبدع على العود) جميل بشير (بارع على العود) آرام بابوخيان (موسيقي) حنا بطرس (مؤلف موسيقي) باسم حنا بطرس (مدير الفرقة السمفونية الوطنية) فالمسيحيون العراقيون بكل طوائفهم هم ابناء العراق الحقيقيون اذ يعتبرون من اقدم سكانه منذ عهد الاراميين فعلى اخوانهم المسلمين منهم العمل في سبيل وحدتهم. فوادي الرافدين استقى ابناءه منهما وسرت الامواه مسرى الدم في العروق فصاروا ابناء لأم واحدة اسمها النخلة وأب واحد اسمه العراق. ختاما اقول: انه لا بد من خلق عراق قوي موحد يطوي صفحات التعصب الاعمى البغيض لينتقل الى رحاب التآلف والتعاون والمحبة ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) من كتاب تاريخ نصارى العراق لمؤلفه د. سهيل قاشا الطبعة الاولى دار الفرات للنشر شارع الحمر- بناية رسامني، بيروت لبنان 2010 ..