الحوار الهاديء

القادة متصالحون والشعوب متقاتلة

الكاتب: لقمان درويش زاخويي
القادة متصالحون والشعوب متقاتلة
بقلم: لقمان درويش زاخويي
العجب ثم العجب من دول تتقاتل شعوبها أشرس قتال، والأسباب جمة لا تفقهها الشعوب المتقاتلة فيما بينها، إلا قادتها المتخاصمون علناً والمتصالحون سراً، نعم متصالحون سراً لوجود مباحثات مستمرة فيما بينهم حول مصالح لا تدر نفعا على أولئك المتقاتلون، وحين يتم سؤال القادة في المؤتمرات الصحفية التي ينظموها بأمر منهم، حول أسباب ونتائج هذه المعارك، تراهم يتهمون بعضهم البعض على أمور ومشاكل وحجج واهية ليس للمتقاتلين فيها لا ناقة ولا جمل، سوی خسارة أرواحهم في سبيل بقاء المتصالحون القادة في أماكنهم، وهذا واقع ينطبق علي قادة وشعوب الشرق الأوسط.
ويبدو أن المعارك لن تضع رحاها بين الدول العربية قريبا، فوجود وقود الحرب من رجال ونفط وأموال، وأجندات للدول الكبری ستبقي الحال على ما هو عليه لحرق اراضي بعضهم البعض وق*ت*ل شعوب بعضهم البعض، رغم تلك الإجتماعات واللقاءات المستمرة التي لن تصل الى أي نتيجة ما، تحقن فيها دماء شعوبها البريئة، لأن ديمومة القتال يعني ديمومتهم على ترفهم والبقاء في مناصبهم الا أن يأخذ رب العزة أمانته منهم بكل بساطة، لأن سياسات الدول العربية لا تخدم الانسان والقيم الانسانية، بل تخدم ترفهم وعظمتهم المملوءة بالتكبر والتجبر.
وإذا ما تابعنا أعداد الضحايا من المعارك التي تحصد أرواح شعوب المنطقة لرأينا أنها تتزايد يوما بعد يوم، لتكسر حاجز أعداد ضحايا الحروب العالمية، ولتبين أن شعوب ودول الشرق الأوسط لا تنوي الوقوف على أقدامها في البناء والتقدم والعمران، عكس ما لفظته الشعوب الأوربية والأمريكية عندما أعلنت توقفها عن القتال فيما بينها، والإقرار بأن التطور والعمل يدا واحدة هو الخلاص والمخرج الوحيد في تقدمهم وتطورهم، والعيش حياة مستقرة آمنة بعيدة عن العن*ف والإقتتال، حيث إتجهوا الى البناء، الذي جعل من تلك الشعوب يرتقون أرقى مراحل حياتهم، من سعادة ورفاهية وعدالة لا متناهية، وأبعدوا عنهم شبح الحروب الى أبعد ما يستطيعون وسلموا ملفات العن*ف والمعارك الى الدول العربية، وأصبح الق*ت*ل أسهل ما يقوم به المواطن الشرق الأوسطي.
وهنا تجدر الإشارة الى أن العن*ف أخذ بالإنتشار بصورة أكثر وأكثر في الشرق الأوسط، منها اليمن والعراق ومصر وليبيا وسوريا ودول المغرب العربي ودولا أخرى، حيث العن*ف والإقتتال في أوجه، وحتى إن لم يكن في بعض الدول العربية قد وصل بهم الحال الى القتال، فهناك خلايا يقومون بأعمال تخريبية من ق*ت*ل رجل أمن أو إغتيال سياسي أو تفجير مكان ما، أو حتى معارضة حكومته بوسائل التواصل الإجتماعي، وذلك أضعف الإيمان لديهم ليعبروا عن مدى إستيائهم من حكوماتهم، التي لا تعير أي إهتمام لشعوبها.
ويبدو أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت، ولكن دون ضجيج إعلامي يذكر، فدخول روسيا وأمريكا مع حلفائهما المنطقة دليل على الحرب العالمية الثالثة ولكن هذه المرة بصورة أجمل من السابق، فهي أي الدولتين تجلس مع قادة تلك الدول المتخاصمة في مباحثات وإجتماعات، وترسل أسلحتها الى الشعوب المتخاصمين ليتقاتلوا دون علمهم بأنهم أصبحوا أداة الحرب العالمية الثالثة، وإنهم في جوف المحرقة والتصفية، ليعيش الغرب في أمان وسلام، وينعم بالبناء والحياة الزهيدة، لأنه في أوطاننا القادة متصالحون والشعوب متقاتلة…

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!