موقف…
تم استغلال المؤتمر الصحفي لرئيس هيئة النزاهة السيد حيدر حنون في اربيل والتسريبات الصوتية التي نشرت بعده والتداعيات التي حصلت على أثره ليشن اعلام الفساد في العراق حملة شرسة موجهة ضد هيئة النزاهة وقضية مكافحة الفساد في العراق، في الوقت الذي ينبغي فيه الفصل بين تلك القضية وقضية مكافحة الفساد بما يضمن استمرار وتعميق جهود مكافحة الفساد من قبل كل الأطراف وفي مقدمتها هيئة النزاهة والقضاء والحكومة والاعلام للتصدي للفساد الذي باتت مهمة السعي لوضع حد له في مقدمة مطالب الشعب العراقي وشعار ترفعه الحكومة وسلطات الدولة الأخرى ومعظم الفعاليات الشعبية والمجتمعية، بعد ان أحرق الأخضر واليابس وأتى على المال العام بمديات لم يسبق لها مثيل متسبباً بأفدح الأضرار للشعب والدولة العراقية ، الاعلام المأجور والفاسد استغل قضية السيد حيدر حنون للتحريض على قضية مكافحة الفساد وهيئة النزاهة متماهياً مع ما يسعى اليه السراق وأقطاب الفساد في العراق في الوقت الذي ينبغي فيه التوجه الى:
1.تعبئة الرأي العام لتغيير سلوك الطبقة السياسية القائم على المحاصصة وتقاسم المغانم باتجاه اختيار مسؤولين نظيفين أكفاء وغير فاسدين لتولي المناصب في أجهزة الدولة والذي يشكل المفتاح لمواجهة حقيقية للفساد في العراق وأن تلتزم الحكومة بالقانون والدستور.
2.الضغط باتجاه فتح ومعالجة قضايا الفساد الكبرى مثل : قضية سرقة الأمانات الضريبية ” اكثر من 3 مليار دولار”، قضية علي غلام ومزاد العملة ” أكثر من 3 مليار دولار”، قضية عقد السكك الحديد ” اكثر من 22 مليار دولار”، قضية الفساد في الموانئ ، قضية الأموال المختفية موضوع تقرير رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب السابق المرحوم الجلبي وفتح التقرير التدقيقي التحقيقي الذي اعدته لجنة دولية من الأمم المتحدة بشأنها في حكومة السيد العبادي “361 مليار دولار”…ومئات بل آلاف الملفات الضخمة المتراكمة من قضايا الفساد, وعدم اختزال الأمر بقضية نور زهير الخاصة بالأمانات الضريبة فقط .
3.الضغط باتجاه سد الثغرات القانونية العقابية والإجرائية التي مكنت الفاسدين من الاستقواء والإيغال في نهب الأموال العامة وتعيق جهود مكافحة الفساد وفي المقدمة منها الآتي:
1.نص قانون تأسيس هيئة النزاهة رقم 55 لسنة 2004 وثبت في قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 والقاضي بتعديل قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 /المعدل بإضافة الفقرة 4 للمادة 136 منه والتي تضمنت الحكم على مرتكبي أفعال الفساد:
– بالحرمان من الوظيفة والتعامل مع أجهزة الدولة.
-السجن لمدة تصل الى 10سنوات .
-غرامة تصل الى 10 ملايين دولار أو ما يعادلها بالدينار العراقي.
لم اسمع بقرار حكم صدر من المحاكم العراقية حكم على فاسد بموجب هذا النص …
2.نص قرار مجلس قيادة الثورة رقم 120 لسنة 1994 على عدم اطلاق سراح مرتكب الاختلاس أو سرقة أموال الدول الدولة أو أية ج#ريم*ة عمدية تقع عليها بعد قضائه مدة الحكم ما لم تسترد منه تلك الأموال أو قيمتها…
لكن محكمة التمييز ألغت هذا القرار في عام 2017 دون أن تجد بديلاً.
3.الإجراءات القضائية تعتمد على الجهة القانونية في الدوائر الحكومية التي حصلت فيها أفعال الفساد فإن طلبت الشكوى وأقرت بحصول ضرر لها استمرت اجراءات التقاضي وإن لم تطلب الشكوى تم ايقاف القضية وإلغاءها…وفي معظم قضايا الفساد فإن الدوائر الحكومية لا تطلب الشكوى ضد الفاسد وتدعي عدم حصول ضرر فتحبط جهود هيئة النزاهة وتغلق قضايا الفساد وتضيع أموال الدولة ،والسبب بسيط ومعروف لأنها خاضعة لسلطة الفاسد أو متواطئة معه، والصحيح ايكال هذه المهمة الى هيئة النزاهة أو الادعاء العام.
4.أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها المرقم 228/اتحادية/2006 بشأن استقلال هيئة النزاهة وفيه قالت: أن الهيئة تخضع لرقابة مجلس النواب في أداء هذه المهام فإذا ما حادت عنها أو تجاوزتها فأن مجلس النواب يملك لوحده محاسبتها ويتخذ الأجراء المناسب في ذلك بها ومعنى ذلك أن هذه الهيئة تدير نفسها بنفسها ووفقا لقانونها “. ولا ترتبط بأي من السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
لكنها عادت في عام 2010 لتصدر قرارها المرقم 88/ اتحادية / 2010 : لتقول: “أما (ارتباط) هذه الهيئات المستقلة وبمفهوم الارتباط الذي ورد شرحه بهذا القرار فتكون كما تقدم لمجلس الوزراء ما دام الدستور لم ينص صراحة على ارتباطها بمجلس النواب وذلك لغلبة الصفة التنفيذية على أعمالها ونشاطها.
في حين ان قرارها الأخير يتناقض مع النص الدستوري في المادة 102 والذي نص على أن: هيئة النزاهة مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ,ويتناقض مع قرارها السابق المرقم 228/اتحادية/2006 ،علماً ان القرار صدر من نفس الجهة التي أصدرت القرار السابق ووقعه ذات الأشخاص الذين وقعوا القرار السابق .الا أن الأمر يتعلق بالضغوط التي مارستها السلطة التنفيذية …
*”نصيحتي…
عندما تكون وظيفتك مواجهة الفساد فلتكن نقطة الشروع عندك هي أن تؤمن بأن الفساد نقيض اخلاقي, وان أساس الفساد هو الفساد السياسي , وإن الأولوية في مواجهتك الفساد فساد الكبار فاكبح الكبار يتأدب الصغار، وأن تتيقن من ان الفعل فساد وانه يلحق ضرر بالناس وان تحدد الفاسد بالتحديد وان لا تواجه الفساد بفساد ، وان لا تواجه الفاسد بفاسد ، كن شاهداً على نزاهة النزيه وخصماً لفساد الفاسد ،ولا تكن مجرد طلقة في مسدسات الآخرين …فالمعركة ضد الفساد لها خصوصيتها – موسى فرج “
*من كتاب “قصة الفساد في العراق” موسى فرج –دار الشجرة للنشر والتوزيع-دمشق –سوريا كانون الثاني /يناير 2013.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.