مقالات دينية

عيد بشارة والدة الإله مريم العذراء

عيد بشارة والدة الإله مريم العذراء

بقلم / وردا إسحاق قلّو

عيد بشارة والدة الإله مريم العذراء

    بشر الملاك جبرائيل مريم العذراء ، فتجسد إبن الله في أحشائها ، وهذا كان من بدائع القدرة الإلهية . بسبب سقوط آدم بالمعصية ، سقطت به البشرية كلها , فجاء إبن الإنسان في  وصار بشراً ليعيد البشرية إلى مجدها ولجمالها الأول . بعد أن غسل بدمه معصيتها وقدسها ورفعها إلى الأعالي .

حصلت البشارة في ملء الزمان ، فأرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة ( غل 4:4 ) . فهذا الإله المتجسد يعَبّر عنه الرسول يوحنا ويقول ( في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان لدى الله ، و الكلمة هوَ الله ) ” يو 1:1 ” . تجسد في بطن العذراء مريم عندما ارسل الله إليها الملاك ، وكانت في حينها قد تركت الهيكل الذي تربت فيه لأنها كانت مع خطيبها البار يوسف في الناصرة وذلك بعد أن عقد رئيس الأحبار لها عليه ، فسكنت في بيته . وعند البشارة كانت بتولاً عذراء . ويوسف لا يزال خطيباً لها . ، ويقال بأن عمرها كان أربعة عشر ربيعاً وست أشهر وسبعة عشر يوماً . لنسأل ونقول : ما معنى هذه المساكنة مع الحفاظ على البتولية ؟

الجواب هو أن مريم كانت قد عاهدت الله على ان تحفظ له بتوليتها طول حياتها ، ويوسف قد رضي بذلك ، وإن كان هذان العروسان قد بدآ بالبتولية وهما شابان طليقان ، فهل من المنطق أن يهجرا يوماً تلك البتولية السامية وقد صار الكلمة الإله بينهما ؟ فلما دخل الملاك إلى مريم قال لها :

 ( السلام عليك يا ممتلئة نعمة ، الرب معك ، مباركة أنتِ في النساء ) فلما رأته إضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن يكون هذا السلام . فقال لها الملاك ( لا تخافي يا مريم ، فإنك قد نلت نعمة عند الله . وها أنتِ تحبلين وتلدين ابناً وتسميه يسوع . وهذا سيكون عظيماً وإبن العلي يدعى . وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه ويملك على آل يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه إنقضاء ) . إنذهلت مريم لهذا الكلام ، ولما كانت قد عاهدت الله ويوسف خطيبها على حفظ البتولية ، لم تسرع بإبداء القبول الذي كان الله قد تركه لحريتها حتى يكون أكثر كمالاً . لهذا إعترضت على الملاك وقالت له ( كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً . ) فأجاب قائلاً ( أن الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ، ولذلك فالقدوس المولود منك يدعى إبن الله . وها أن أليصابات نسيبتك قد حبلت هي أيضاً بإبن شيخوختها ، وهذا الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً . ( الغير مستطاع عند البشر مستطاع عند الله ) .

   إقتنعت البتول مريم ورضيت وتواضعت فأجابت الملاك قائلة ( ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك ) ” لو 26:1 ” فتجسد إبن الله في أحشائها في الحال ( والكلمة صار جسداً وحل فينا ) ” يو 14:1 ” .

  ( ضياء مجد الله وصورة جوهره وضابط الجميع بكلمة قوته ) ” عبر 3:1 ” ولكنه أخلى ذاته آخذاً صورة عبد صائراً في شبه البشر موجوداً كبشر في الهيأة ، فوضع نفسه وصار يطيع حتى الموت موت الصليب ” في 7:2 ” .

وهكذا بشر الملاك جبرائيل بتجسد إبن الله ، وأضحى إبن الله إبن البتول ، وإبن الإنسان أيضاً . فأعمال الله لا تدرك ، وليس لبشر ألا أن يسجدوا أمام أسرار الله العجيبة ويهتفوا مع الملائكة قائلين ( المجد لله في العلى ) .

   إنتظر الآباء في قرون العهد القديم مجىء المخلص ، وكانت الشعوب تعيش في آمال ، وتعتقد أن لا بد للدنيا من فادٍ يصلح مفاسدها ويطهرها من آثامها لتنهض من غباوتها وينير سبيلها ليصبح لها طريقاً إلى الحياة الأبدية . وفي مجموعة النبوءات تقول عن ولادة طفل إلهي ينزل من السماء ويظهر على الأرض ويبدأ معه عهد جديد للمسكونة كلها . وكان الرومان أيضاً ينتظرون إنبثاق فجر جديد لعهد يطلع من المشارق ويحمل إلى الدنيا السلام والطمأنينة والراحة . أما اليهود فأن خلاصة حياتهم القومية كانت في إنتظار مجىء المسيح لكي يخلصهم من الإستعمار الدنيوي ، وما يزالون ينتظرون مجيئهِ .

 في الختام نقول موضوع التجسد هو سر عظيم يفوق إدراك الملائكة ، فكيف للعقل البشري أن يدركه ، فعلى الإنسان أن يسلم له تسليما ويؤمن به إيماناً لأنه لا يستطيع الوصول إلى جوهره . فعلى المخلوق أن يؤمن بعمل خالقه ولا يرى فيه ما يناقض المبادىء الأساسية التي يشير عليها منطقه ، ويثق بأن يسوع إبن البتول هو حقاً إبن الله الذي ولد ودخل في الزمن والتاريخ ، وهو أيضاً الكلمة الأزلي الموجود قبل كل الدهور .

   الكنيسة اللاتينية تحتفل بعيد البشارة يوم 25 آذار من كل عام ، وذلك لأن هذا اليوم يسبق عيد الميلاد ( 25 كانون الأول ) بتسعة أشهر . ولكون ذلك اليوم يقع في الصوم الكبير نقلته الكنيسة الكلدانية إلى يوم 8 كانون الأول ، أو في الأحد الثاني من زمن البشارة .

ليتمجد إسم الإله المتجسد فينا .

  التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!