مقالات دينية

جميع الخلائق تخضع لأوامر الله والأنسان يتمرد

الكاتب: وردااسحاق
جميع الخلائق تخضع لأوامر الله والأنسان يتمرد
( أستمعي يا جبال الى شكوى الرب ، وأصغي يا أسس الأرض الثابتة ، فإن لدى الرب شكوى على شعبه وهو يحاكم أسرائيل ) ” مي 2:6″
الله خلق الخليقة لتطيعه وتخضع لأوامره . والمقصود هنا ليس الكائنات الحية بل حتى الغير الحية كالشمس والقمر والنجوم والبحار والرياح ..الخ . قال صاحب المزمور “19:103″ ( صنع القمر للأوقات والشمس عرفت غروبها ) . أي جعل الله للقمر أوقاتاً وللشمس موعداً ، والشمس والقمر ينفذان مشيئته . وهكذا البحار وأمواجها والرياح والأمطار يعملان وفق أرادته وتطيع أوامره .
عندما هب ريح عاصف على البحر أثناء قيام الرسل بقيادة سفينتهم في البحيرة وكان الرب يسوع نائماً في السفينة والسفينة كادت تغرق وأصبح الجميع في خطر فلجأ الرسل الى أيقاظ يسوع قائلين له ( يا سيد ، يا سيد ، أننا نهلك ! ، فنهض وزجر الريح والماء الهائج ، فسكنا وساد الهدوء ) ” لو 24:8″ . يسوع هو أبن الله الحي الذي خلق كل شىء فيأمر الرياح والبحرفتطيعه .  أما الأنسان المؤمن به فيعصى أوامره . مسيحيون كثيرون يتمردون على وصايا الله الخالق ، ووثنيون أيضاً يتمردون وينكرون عمل الخالق وهناك من يحسب نفسه الهاً كالملك نبوخذنصر الذي صنع له تمثالاً وأمر الشعوب والأمم بالسجود له . لم يسجد لتمثاله رجال ثلاث ( شدرك وميشك وعبدنجو ) فأراد الملك أن ينتقم لكبريائه فأوثق الرجال والقى بهم في أتون نار حامية ، غير أن الله تدخل بسلطانه السامي على المخلوقات فأمر النيران أن توقف عملها فخضعت لأمره فكان الرجال الثلاثة يتمشون في وسط اللهيب مسبحين الله ومباركين الرب ” دا 24:3″ . أمر الله النيران فتأتمر ، لكنه يأمر الأنسان العاقل والمسيحي المؤمن فيعصى ويتمرد .
وحتى الحيوانات المفترسة أطاعت أوامر الله . فدانيال النبي ألقي في جب الأسود بسبب عدم أمتثاله لأوامر مملكة الملك داريوس وأوامره الشخصية . لكن الله أمر ففسد أفواه الأسود ولم تؤذي دانيال النبي ” دا 6 : 19-22″ .
أخطأت سدوم وعمورة فأرسل الرب ملاكين لأهلاكهما بالنار والكبريت وليخلصا من الهلاك لوطاً وعئلته ، لكن زوجة لوط لم تمثل لأوامر الملاكين فنظرت الى الخلف لأنها تعاطفت مع الخطيئة لترى ماذا سيحصل لأهلها الخطاة فنالت العقاب .
أما زكريا الكاهن الذي كان يخدم هيكل الرب فتراءى له ملاك الرب وبشره بيوحنا المعمدان لكنه تردد في الأيمان فضرب الملاك لسانه الى حين بسبب عدم أيمانه بأوامر الله .
الشياطين أيضاً يخضعون لأوامر الله . أطاع الشيطان أمر الله فلم يضرب أيوب البار بل ضرب أولاده وخيراته كلها . وفي المرة الثانية مثَّلَ أمام الله فسمح له قائلاً ( ها أنه في يدك ولكن أحتفظ بنفسه ) ” أي 6:2 ” فأمتثل أبليس لأمر الله .
كما أمر يسوع الشيطان مرات عدة بالخروج من أجساد البشر فأمتثل بالخروج . صاح روح نجس في داخل أنسان قائلاً ما لنا ولك يا يسوع الناصري أأتيت لتهلكنا ، قد عرفتك من أنت . أنت قدوس الله . فانتهره يسوع قائلاً : أخرس وأخرج من الرجل فأطاعه وخرج ” مر 1: 23-26″ .
نعم جميع الخلائق تخضع لأوامر الله والأنسان هو الخليقة الفريدة التي تعصى أوامره . أن الله يخاطبه كما خاطب أورشليم على لسان النبي أرميا ( أنك منذ الدهر كسرت نيرك وقطعت ربطك وقلت لا أتعبد ) ” أر 20:2″ . يصطبغ هذا التمرد بصبغة أجرام شنيع وتحَدٍ أثيم لما بيم الله والأنسان من تفاوت ولما لله من حقوق ولما على الأنسان من واجبات يجب أن ينجزها . الأنسان يتمرد ويخطأ والله يتشكى على شعبه المختار الذي حرره من قيود العبودية . قال ميخا النبي ( فأن للرب خصومه مع شعبه وهو يحاج أسرائيل . يا شعبي ماذا صنعت بك وبم أسأمتك ، أجبني فأني أخرجتك من أرض مصر وافتديتك من دار العبودية وأرسلت أمامك موسى وهارون ومريم ) ” مي 6: 3-4″ . فماذا تكون عاقبة من يقابل الخيرات الأبدية بالخطايا والشرور ؟ يقول الكتاب (من يجازي خيراً بشر، لن يبرح الشر من بيته ) ” أم 13:17″ .
الله أفتدى الأنسان بأنه على الصليب ، والمسيحي المؤمن بتجسد الرب وموته على الصليب وقيامته يكافىء المحبة الألهية بالخطيئة التي تهين مقام الله وينكر بخطيئته جميل مخلصه وفاديه . ما أشد هذا النكران أن وطأة على قلب يسوع الحساس .
ختاماً نقول : من أنت أيها الأنسان حتى تتمرد على الأله الجبار ؟
أنت من التراب صنعك الله والى التراب تعود .
أنت كالعشب الذي قال عنه أشعيا النبي ( وكل عشب وكل مجده كزهر الصحراء ، العشب قد يبس وزهرة قد سقط ) ” أش 40 : 6-8″ .
أنت ( مولود المرأةِ ، قصير العمرِ ومفعم بالشقاءِ ن ينفتح كالزهرِثم ينتثرُ، ويتوارىكالشبحِفلا يبقى له أثر) ” أي 14: 1-2 ” .
 وحياتك أيها الأنسان المتمرد ما عسى أن تكون ؟ ( أنما بخارٌ، يظهر قليلاً ثم يتلاشى ! ) ” يع14:4 ” .
 على الأنسان أن يأخذ دروس وعبر من الطبيعة التي تطيع أوامر الله أو يسألها لتجيبه . قال القديس يوحنا ذهبي الفم للأنسان ( إن كنت تشك في عناية الله سل الأرض والسماء والشمس والقمر . سل الكائنات غير العاقلة والزروع … سل الصخور والجبال والكثبان الرملية والتلال . سل الليل والنهار ؛ فإن عناية الله أوضح من الشمس وأشعتها ، في كل مكان : في البراري والمدن والمسكونة ، على الأرض وفي البحر … أينما ذهبت تسمع شهادة ناطقة بهذه العناية الصارخة ) .
كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله ، تبارك أسمه القدوس .
بقلم
وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!