مقالات دينية

القديس غريغوريوس الأرمني المستنير

القديس غريغوريوس الأرمني المستنير

بقلم / وردا إسحاق قلّو

القديس غريغوريوس الأرمني المستنير

ولد غريغوريوس عام 257م في مدينة فاغارشاباط عاصمة أقليم أراراط ، وهو إبن الأمير أناج برتيف الذي ق*ت*ل خسروف ملك أرمينيا بتحريض من الملك أرادشيه ملك الفرس ، ولكن جنود الملك تمكنوا بعد ذلك من ق*ت*له ولم ينج سوى والداه فأرسل أحدهما إلى بلاد فارس . والثاني الذي كان يدعى غريغوريوس هربت به مربيته صوفيا التي كانت مسيحية إلى قيصرية الكبادوك حيث إهتمت بتربيته تربية مسيحية ونال سر العماد المقدس تحت رعاية أسقف القيصرية في حينها . ولما نما غريغوريوس وتثقف بالعلوم اليونانية والمسيحية ، وبلغ سن الشباب ألحت عليه مربيته فتزوج من فتاة تدعى مريم ورزقها الله بولدين ، ولكن بعد فترة وبالأتفاق مع زوجته قرر القديس غريغوريوس أن يهب حياته لله . فسلما ولديهما لأحد الأقارب ليقوم بتربيتهما وتعليمهما . فتفرغ لعبادة الله وخدمة الرب ، أما زوجته فإلتحقت بدير الراهبات وترهبنت

في عام 284م أعتلى درطاد يحيا في العبادة الوثنية معتقداً أن سبب شجاعته وإنتصاراته تعود لفضل الآلهة الوثنية . فإنتهز غريغوريوس هذه الفرصة وتقدم وهو يبلغ من العمر 35سنة في خدمة جيش الملك درطاد ، وبسبب شجاعته وعلمهِ ، أقامهُ الملك رئيساً على الجيش وأخذه معه إلى أرمينيا . .. وذات يوم سبب ما حازهُ جيش الملك من إنتصارات . أراد درطاد أن يقد التضحية للآلهة ، فأمر القديس غريغوريوس أن يقدم باقة ورد للتمثال الذهبي للآله ( أناهيد ) كبير آلهة الأرمن . فرفض القديس معلناً له مسيحيته وإيمانهُ . وهنا بدأ الملك يضرب القديس بسلسلة من العذابات الرهيبة ، ولكنه إحتملها بصبر وشكر متمسكاً بوصايا الله . وأخيراً ألقاه الملك في جب وسط الثعابين والعقارب حيث أقام القديس خمسة عشر عاماً . لم يقف خلالها من تقديم التسبيح والشكر لله ، والله حرك قلب أرملة عجوز لتصنع خبزاً وتلقيهِ في هذا الجب طوال الخمسة عشر عاماً . ولما مرض الملك بعد ق*ت*له للشهيدة هربسيمية وأخواتها ، رأت أخته في حلم من يقول لها :

( إن لم تخرجوا غريغوريوس من الجب ، لن يبرأ أخوكِ ! ) وللحال أصعدوا القديس من الجب حيث كان محفوظاً هناك بعناية إلهية ، فصلّى للملك ولرجاله فنال الجميع الشفاء فحمل شعلة الإيمان في كل أرمينيا وأسس بها العديد من الكنائس . وبعد إيمان الملك درطاد ، إستفسر غريغيريوس عن مكان إستشهاد القديسة هربسيمية ورفيقاتها وذهب إليهِ وقام بنفسه بلف أجسادهم الكريمة ببقايا ثيابهم المحترمة رافضاً قبول الأكفان الثمينة التي أحضروها له من القصر لأن الملك ورجاله لم يكونوا قد إعتمدوا بعد . ومن أولى مهمات القديس كان بناء المزارات تكريماً لشهادة هربسيمية وأخواتها ، ووضع فيها رفات القديسات . وقد كلف القديس الملك بعد أن نال سر المعمودية بمهمة حفر قبور الشهيدين فبدأ هو والأميرة خسرو فيتوخت بحفر القبور بالفأس بينما كانت الملكة والأميرة ينقلان التراب إلى الخارج . كما تم بناء ثلاث مزارات بتوجيهات القديس . وهكذا تحولت أرمينيا سنة 301 م تحديداً إلى المسيحية ، فصارت المسيحية ديانة رسمية فحظت بشرف أول دولة في العالم التي جعلت ديانتها الرسمية مسيحية . . سمي بالمستنير لأنه بشر أرمينيا بنور المسيح ، فدعي رسول أرمينيا . كما أختاره شعب نابولي في أيطاليا شفيعاً لمدينتهم عام 1636م . لكن أول المبشرين لأرمينيا هم تلاميذ المسيح خاصةً القديس برثلماوس الذي بعد أن كرز بالإنجيل في جهات مختلفة ، وصل إلى أرمينيا ، وبعد أن بشر فيها وجذب الكثيرين إلى الإيمان ، كشلوا جلدهِ حياً ، فنال إكليل الإستشهاد والمجد الأبدي .

كما ذهب إليها القديس تداوس الرسول الذي بشر فيها فآمنت على يديه ( ساندوغت ) إبنة الملك ( سانا تروك ) وعندما أمرت الإبنة على ثباتها في الإيمان ، ألقيت في السجن في نفس الوقت الذي سجن به القديس تداوس ورغنم توسلات والدها إليها وهو راكع عند أقدامها لترجع عن إيمانها إلا إنها ظلت ثابتة ، فلجأ إلى العديد من التهديدات ، لكنها لم تتزعزع . وضع السياف السيف على عنقها إلا إنها لم تهتز ولم ترتعب ، وظلت ثابتة على إيمانها بالمسيح . وإنتهى الأمر بقطع رأسها عند أقدام والدها ، فكانت السبب في جذب الكثيرين للإيمان تاركين عبادة أجدادهم الوثنية .

أكتشف لاحقاً مقبرتا الرسولين ( برثلماوس وتداوس ) في أرمينيا وإعترف بها رسمياً الكاثوليكوس سمعان ( 1763- 1780 ) بأنهما أول من أنارأرمينيا بنور الإيمان المسيحي .

كما نالت فرق كثيرة في القرون الثلاثة الأولى أكليل الإستشهاد في أماكن عديدة وخاصة على جبل أراراط . وكانت أجسادهم المباركة تؤخذ إلى مكان محدد صار فيما بعد مكاناً لتوافد الزوار لنوال البركة من ذخائرهم .

كما وصل إلى أرمينيا آثار مقدسة ، مثل الوجه المقدس – وجه الرب يسوع المطبوع على المنديل . وصورة العذراء مريم والدة الإله التي رسمها معلمنا لوقا البشير . دوّن هذه القصةالمؤرخ الأرمني آكاتانكيغورس من البلاط الملكي في القرن الرابع .

نسأل إلهنا القدوس الذي أراد أن يعيّن أبناء بيعته المقدسة في كل أنحاء المسكونة فكانوا ( أهلاً للقيام بتلك الخدمة التي ترمي إلى بناء المسيح ، فنصل بأجمعنا إلى وحدة الإيمان بإبن الله ومعرفتهِ ونصير الإنسان الكامل ونبلغ القامة التي توافق سعة المسيح ) ” أف 13:4 ” .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1 ” .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!