مقالات سياسية

الثقافة الخاطئة تسير بالشعوب الى الهاوية 2

الكاتب: قيصر السناطي
الجزء الثاني /الثقافة الخاطئة تسير بالشعوب الى الهاوية
كيف نشأت الحكومات المحلية في الشرق الأوسط؟؟
لقد تكلمنا في الجزء الأول كيف قسم الشرق الأوسط تركة الدولة العثمانية في اتفاقية سايكس بيكووقسمت الخريطة  منطقة نفوذ الحكم العثماني منذ بدايات القرن السادس عشر إلى دول جديدة، ثم وضعت تلك الكيانات السياسية تحت نطاقين من النفوذ: أحدهما تحت سيطرة النفوذ البريطاني متمثلا في العراق وشرق الأردن وفلسطين، والآخر تحت سيطرة النفوذ الفرنسي متمثلا في سوريا ولبنان ولم يكن سايكس وبيكو مكلفَيْن بإعادة رسم حدود الدول العربية في شمال إفريقيا، لكن تقسيم النفوذ هناك كان موجودا أيضا، فأصبحت مصر تحت السيطرة البريطانية، فيما سيطرت فرنسا على المغرب والجزائر .وعندما لم يتحقق هذا الاستقلال، الذي وعدت به بريطانيا، بعد الحرب العالمية الأولى، وطغى  نفوذ القوى الاستعمارية في العشرينيات والثلاثينيات وحتى الأربعينيات على العالم العربي، تحولت القوى السياسية العربية في شمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط تدريجيا من بناء أنظمة دستورية ليبرالية (كما جرى في مصر وسوريا والعراق في بداية القرن العشرين) إلى قومية حاسمة، وركزت أهدافها في الأساس على التخلص من الاستعماريين والأنظمة التي تعاونت معهم .كان ذلك هو السبب الرئيس في ظهور أنظمة عسكرية بسطت سيطرتها على كثير من الدول العربية منذ عام 1950  في انقلابات متكررة حتى انتفاضات الربيع العربي .
 الفترة بين أواخر الخمسينات وأواخر السبعينات من القرن الماضي، خصوصا أثناء صعود نجم الرئيس المصري جمال عبد الناصر بين أزمة السويس عام 1956 وحتى نهاية الستينيات، أعطت القومية العربية زخما شديدا لفكرةٍ  أن العالم العربي يستطيع إذا ما اتحد أن يعمل على تقليص الفوارق المجتمعية الديموغرافية لشعوبه ، وفي ثمانينيات ذلك القرن وتسعيناته، استطاع رجال الدول العربية الأقوياء  الذين جاؤا للحكم بالقوة أمثال حافظ الأسد وصدام حسين في المشرق العربي والعقيد  القذافي في شمال افريقيا السيطرة على هذه الشعوب بأستخدام القوة المفرطة غير ان تلك الجمهوريات العربية تحولت تدريجيا إلى إقطاعيات تسيطر عليها مجموعات صغيرة من أصحاب المصالح الاقتصادية،واصبحت معظم الجمهوريات العربية تمدد للحاكم في انتخابات صورية وكانت تخطط لتهيئة الأبناء لكل يخلفوا ابائهم في الحكم وكأنها حكومات ملكية تحت ثوب  ومسمى الجمهورية ، وقد استخدمت تلك الحكومات كل وسائل القمع والقوة المفرطة من اجل السيطرة على الشعوب وقد عانت الشعوب العربية من الأستبداد ونتائج سلبية بسبب القرارات الأرتجالية التي اتخذها الحكام والتي نتج عنها حروب مدمرة لا زالت اتأثيراتها قائمة كما هو الحال في العراق، وأخيرا بسبب اندلاع انتفاضات عام 2011، طفت على السطح من جديد الإحباطات والخلافات والآمال التي ظلت مغمورة عقودا طويلة على مدار أربعة عقود لم يكن للعالم العربي مشروع قومي أو محاولة جادة لمواجهة تناقضات نسيجه الاجتماعي.وقد ورث هذا الجيل مشكلات اقتصادية اجتماعية سياسية حادة لم يكن مسؤولا عنها، بل كان يرزح تحت وطأتها، بدءا من مستوى التعليم المتدني، إلى فرص العمل الشحيحة، وضآلة الفرص الاقتصادية، وصولا إلى انسداد الأفق في المستقبل،وهكذا جاءت انتفاضات الشعوب التي بدأت في عام 2011 كمحاولة لتغيير نظام الدولة الذي أسس بعد الحرب العالمية الأولى وأفضى إلى كل تلك الأوضاع  وكان سقوط حكم صدام في عام 2003 على يد التحالف الدولي احد الأسباب المشجعة على الأنتفاضة من قبل بقية الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي، حيث تحول الربيع الى حريق عربي يحرق الأخضر مع اليابس بسبب التيارات المتطرفة التي دخلت على الخط وهذا ما سوف نتحدث عنه في الجزء الثالث تابعونا….. ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!