الحوار الهاديء

” بشار الكيكي ” لو كان تفسيرك للواقع العراقي أكثر عمقاً …

الكاتب: الدكتور عبدالله مرقس رابي

 

” بشار الكيكي ”

لو كان تفسيرك للواقع العراقي أكثر عمقاً …

 

د . عبدالله مرقس رابي

باحث أكاديمي

 الاستاذ بشار الكيكي هو رئيس مجلس محافظة نينوى ،تعرفت على أفكاره من خلال متابعتي لمقالاته القصيرة والهادفة التي نشرها مؤخرا في موقع عينكاوة.أذ أثارت أنتباهي مواضيعها ومحتوياتها ،فقلما أقرأ في طروحات أو مقالات لمسؤولين سياسيين أو ممثلي الاحزاب السياسية في مجلسي النواب العراقي وأقليم كوردستان أو المجالس الاخرى أو لمسؤولين اداريين  في الادارات المتقدمة في الحكومة المركزية وحكومة الاقليم أو لمسؤولين في منظمات المجتمع المدني  مثلما يكتب الاستاذ بشار الكيكي في طروحاته الفكرية.

ما الذي تتميز به طروحاته؟

 وهي طروحات مقتضبة جدا ، ولكنها هادفة ولها من المعاني والدلالات التي تخدم وتبني . ينتقد فيها الواقع السياسي والاجتماعي والنفسي في المجتمع العراقي عن طريق ربط المتغيرات المستقلة والمعتمدة مع بعضها ليخرج بنتيجة شمولية رائعة ، يبحث ويحلل وثم يقدم المقترحات المبنية على الاسس العلمية، ويربط الواقع بالنظرية التي تتجلى أسسها في طرحه المقتضب ،وأستخدامه للمفاهيم الاجرائية المحددة  مثل العقل الجمعي والصراع وطبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع ومنطلقاً من الرؤية الزمكانية في تفسير الظاهرة .وهذا يدل على أن الاستاذ ” كيكي ” يمتلك معرفة علمية واسعة يوظفها في كتباته وعمله كمسؤول اداري وسياسي .

بالرغم من طرحه المنهجي لالقاء الضوء على حالة وواقع المجتمع العراقي المعاصر في جوانبه المختلفة ،الا أن تفسيره ودراسته للواقع الاجتماعي والسياسي والديني للمجتمع العراقي يتطلب أن يكون أكثر عمقاً وصراحة لتتحقق الموضوعية الكاملة وثم الوصول الى النتائج الدقيقة ليتمكن وضع المقترحات في ضوئها.فهو يُشير الى الحالة ونتائجها دون تفسير العوامل المؤدية الى حدوثها . وتعتبر من وجهة نظري مقالته الموسومة ( تأثير العقل الجمعي في المجتمع ) هي المدخل الاساسي لافكاره القيمة والانسانية والعلمية ،ولا تخلو المقالات الاخرى من الأفكار التي طرحها في المقال المذكور .

ماهو الهدف من طروحاته ؟

 يمكن أختصار الهدف من طروحاته في : التغيير في عقلية الفرد العراقي المعاصر ليتغير الواقع الاجتماعي والنفسي للمجتمع العراقي ليكون متناغماً ويعيش بسلام وأمان وأستقرار بعيد عن الغضب والكراهية والحقد والصراعات وتوظيف الاختلاف في المجتمع للمنفعة بدلا من ترسيخه للصراع والاقتتال . وهو هدف انساني وسامي يتمناه الجميع من أمثال المسؤول الغيور ” بشار ” .فلا يهمه الا تحقيق السلام وترسيخ الاستقرار والتعاون والمحبة وثقافة قبول الاخر في المجتمع العراقي .وقد يتطرق البعض من المسؤولين لما يهدفه ولكن طريقته في معالجة الهدف تختلف عن ما يقدم اليه الاخرون كما نوهت اعلاه .

ولتحقيق هذا الهدف يؤكد على جملة من الاسس التي صاغها كتوصيات للجميع ومنها :

تغيير منظومة التلقين المعرفي التي تنتهجه الدول الشرق اوسطية والنظريات المنتهية المفعول التي لا زالت مؤسسات التعليم يعتمدها .

تأكيده على الاعلام في قيادة الافكار .وتحديث آليات التثقيف السليم .

البحث عن الاخطاء والمسببات الموضوعية التي أحدثتها الفوضى في المجتمع العراقي.

نراجع أنفسنا ونفكر بشكل مغاير وان لا ننقاد الى الاراء الضيقة المتطرفة .

وفي رأيه الهدف هو تغيير العقل الجمعي السلبي الى العقل الجمعي الايجابي في العراق .وبتحقيقه سيصل الى ما يهدف بشار الكيكي في طروحاته .وسأبدأ من حيث تأكيده على ” البحث عن الاخطاء والمسببات الموضوعية التي أحدثت الفوضى في العراق ” لكي أبين بأن تفسيره لواقع المجتمع العراقي بحاجة الى تفسير أعمق وأكثر شمولية .

كيف يتكون العقل الجمعي ؟

يتعرض الانسان منذ ولادته الى جملة من المتغيرات الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية متمثلة بالقيم والمبادىء التي يلقنها المجتمع للفرد عن طريق التنشئة الاسرية ، فالاسرة هي المحور الاساسي في نقل ما يُستحدث من أفكار وقيم في المجتمع الى الفرد وتترسخ في ذهنه ووفقاً لها يفسرالمظاهر الحياتية اليومية .وعن طريق التنشئة تتوحد عقلية الافراد تحت تأثير المتغيرات ويتصرفون حيال هذه المواقف بسلوك موحد قد يكون الجزء الاكبر منه لاشعوري مكوناً العقل الجمعي .

يمكن أن يعتمد الفرد على الذات في أتخاذ القرارات الصائبة والايجابية ،أنما بحكم خضوعه الى العقل الجمعي تحت تاثير العوامل المكونة له قد يتصرف سلبياً لان الفرد ينصاع في حالة العقل الجمعي الى المؤثرات التي تلقاها منذ الطفولة فتظهر المكبوتات  النفسية لا شعورياً والتي قد تعبر عن الكره والحقد والالغاء وحب الذات ،فمثلا يتلقى الانسان  في طفولته وتترسخ في ذهنه عبر  مختلف مراحله العمرية قيمة مفادها: ( ديننا هو أفضل الاديان وغير المؤمن به هو كافر يستحق الق*ت*ل ) .فتظهر الى الوجود عندما يكون الفرد تحت تأثير العقل الجمعي .وفي هذه الحالة يحول العقل الجمعي شخصية الفرد من شخصية مبدعة تتحمل المسؤولية الى شخصية خاضعة لا ترى الا ما تقوله الجماعة التي ينتمي اليها تحت تأثير عوامله .

 

وماذا حدث في عقلية الفرد في المجتمع العراقي بعد عام 2003 ؟

 كما قلت آنفا هناك عوامل مسؤولة عن بناء العقل الجمعي وهي تبدأ منذ ولادة الانسان ، ولكن بسبب المؤثرات البيئية الاجتماعية والسياسية والقانونية تضمر المواقف المتكونة عنده منتظرة البيئة التي ترسخها وتنميها وتحفزها . تلقى العديد من الافراد في المجتمع العراقي قبل التغيير السياسي تنشئة أسرية تؤكد على الكره الديني والطائفي والعرقي والاثني ولكن لم تظهر في الحياة اليومية ولم يتبين تأثيرها في تع-اط*ي الافراد مع بعضهم الا نادرا لوجود فكر سياسي قمعي جعل من الفرد العراقي أن يخضع الى الاطار الفكري له ومن خرج عنه سينال العقوبة الصارمة ،فالعقل الجمعي كان موحداً تحت تأثير سياسة قمعية دكتاتورية مع سيادة القانون .مثلا بالرغم من تلقي الفرد قيمه الدينية والاجتماعية في اطار جماعته التي تؤكد  سموها على الغير،الا ان الالفة والمودة  كانت ظاهرة بين المسيحي والمسلم والصابئي والايزيدي على مستوى الصداقات الفردية أو الجيرة في المحلة السكنية أو في العمل ولم يتجرأ أحد ان يقول للثاني أنت مسيحي أو مسلم سني أو شيعي أو صابئي أو كردي أو تركماني أو كلداني أوسرياني أو آشوري أو شبكي أو أيزيدي الا نادرا وفي مناطق محدودة من العراق .وكان لنا أصدقاء من مختلف الانتماءات الدينية والمذهبية نتعامل مع بعضنا وفقا لعلاقتنا الانسانية والهدف من وجودنا معاً .

أنما بعد التغيير السياسي تغيرت عوامل المكونة للعقل الجمعي جذرياً عما كانت عليه سابقا ،فحدث تغيير كبير في شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والقانونية والامنية ،وكما تعرف أخي بشار ( لوكان أختصاصك في علم الاجتماع أو علم النفس ) أن الظواهر الاجتماعية مترابطة مع بعضها وهناك تأثير متبادل بينها في جانبها الديناميكي ، فأذا حصل تغيير في المؤسسة السياسية سيغير من طبيعة المؤسسة الدينية والتعليمية وغيرها والعكس صحيح.فظهر عدد كبير من الاحزاب السياسية متباينة في أيديولوجيتها ،الكبيرة منها تبنت الفلسفة الدينية في منهاجها السياسي معتمدة على الاسس المذهبية فاستطاعت أستقطاب الذين تعطشوا للمذهبية من العراقيين ،وظهرت الاحزاب القومية التي أرتكزت على الانتماء الاثني ولكل أثنية أصبح لها عشرات الاحزاب ، وثم النمط الثالث من الاحزاب هي العلمانية التي تميزت بايديولوجية متشابهة لحد كبير ،انما المصالح الفردية والانتماءات العشائرية والجغرافية أدت الى ظهور العشرات منها.

تنوعت الولاءات في المجتمع العراقي وفقاً للمنظومة السياسية الجديدة ، فأستحدث الولاء المذهبي من قبل الاحزاب الدينية همها وأولياتها المذهب الديني قبل الوطن والارض ، والولاء القومي من قبل الاحزاب القومية غرضها الانتماء الاثني وتحقيق مصالحها القومية قبل الوطنية ، وثم الولاء الوطني لدى الاحزاب العلمانية ولكل منها منهجها الخاص . أدت هذه التعددية الشاذة في السياسة العراقية الى نتائج وخيمة في عقل الانسان العراقي وطريقة تفكيره .فكما اشرت اعلاه المؤسسات الاجتماعية مترابطة ومتبادلة التاثير ، فحصل تغير حتمي في اساليب التنشئة الاسرية للابناء وفي المؤسسة التعليمية والقانونية وفي كافة شؤون الحياة .وعلى أثرها تكونت قطاعات أجتماعية متنافرة سيطرت على مفهوم وحدة المجتمع العراقي ،فظهرلكل جماعة عقل جمعي يؤثر في تصرفات الافراد وفقا للاطر السلوكية التي تضعها الجماعة للفرد بحسب مفاهيمها ومواقفها .

كيف يقود العقل الجمعي الى ترسيخ ثقافة العن*ف والكره ؟

مرت أكثر من ثلاثة عشرة سنة على وجود هذه التشكيلة السياسية في الحكم بدلا من ان تقود البلد الى بر الامان والتقدم والرقي والرخاء الاجتماعي في جميع الميادين ،قادته الى الخراب والدمار والفساد والج#ريم*ة والاقتتال المستمر والتهجير ورسخت ثقافة الكره والحقد والانانية والغاء الاخر ,وذلك لان هذه الاحزاب لايمكنها أن تتفق في وضع استراتيجية تخطيطية موحدة لشؤون الحياة للمجتمع العراقي بسبب تباين الايديولوجي بينها ،مما يحاول كل حزب أن يتبنى الاسس الفلسفية التي يؤمن بها للتخطيط .

منذ بدء النظام السياسي الجديد أصبحت الاحزاب الدينية هي المتنفذة في الوطن ،فمن الطبيعي ستتحكم بمجريات الحياة العامة وفي المؤسسات الاجتماعية ،وبالاخص في المؤسسة الاسرية والتعليمية والاعلامية والقانونية. مع تراجع لدور الطبقة الوسطى المثقفة في رسم خارطة العمل الوطني ،ولما كانت هذه الاحزاب مستندة على النهج المذهبي الرافض للمذاهب الاخرى فعليه تُشكل خطورة واضحة وفعالة لبناء عقل جمعي سلبي يوحد التصرف اللاشعوري وفقاً للمفاهيم الالغائية والنزعة الدينية ،لان الشعور بالانتماء وفقاً لمفاهيمها هو الانتماء المذهبي وتفضيله على غيره ، وثم وجود الاحزاب القومية هي الاخرى تكون لدى الفرد نزعة وشعوراً أنتمائياً أثنياً ليجعل الانسان أن يتقوقع ضمن أطار جماعته الاثنية.

ما الذي خططت له الاحزاب الدينية المتنفذة ؟

  أستغلت الاحزاب الدينية المتنفذة نظام المحاصصة السيء ، فأصبحت وفقاً لاسسه تمتلك الحصة الكبيرة من الوزارات والمناصب العليا في السلطة التنفيذية ،ناهيك في تفوق عددها في البرلمان العراقي حيث المؤسسة التشريعية ،فكل مشروع  وبمختلف المجالات يجري الاستفتاء عليه لا بد أن يُشرع لصالح الاحزاب الدينية . وكل تشريع قانوني يجب أن لايتعارض مع مبادىء الدين الاسلامي .ومن هنا يبدأ التغيير الحتمي في المفاهيم الحياتية وفقا للمنظور الديني والانتماء المذهبي ميدانياً .والامثلة متعددة لهذا التغيير ومنها الاكثر أهمية وخطورة على العقل البشري المناهج التعليمية الاساسية في المرحلة الابتدائية حيث الطفولة اليانعة والصفحة البيضاء التي تحشر بمفاهيم دينية مذهبية ، فعليه يستوجب أن تحتوي المناهج على تفصيلات عن أحوال السلف من الائمة والشيوخ ،وليس عن أحوال العراق وقادتها ومفكريها العلمانيين وبناة الوطن منذ العهود القديمة ، ويجب أن تذكر  في المناهج أسماء مثل زينب وحسين وأحمد ولا حاجة لذكر حنا وتوما وجانيت لانهم من غير المسلمين،وفي الاقليم تحتوي على آزاد وحمه بدلا من آشور وهرمز،  ولابد من حجاب الفتيات ، وعزل الجنسين .ويجب أن تكون أسماء الاحياء في المدن والطرقات بأسماء الائمة والاسلاف بدلا من حمو رابي واشور بانيبال أو بهنام ابو الصوف أحد علماء الاثار العراقيين ،او بأسم أحد البطاركة أو الاساقفة الذين سُفكت دماؤهم من أجل الوطن.

ويأتي التشريع القانوني أيضا ضمن العوامل الخطيرة المكونة للعقل الجمعي السلبي ، وفي مقدمتها الدستور لانه أساس التشريعات القانونية الاخرى ، فماذا نتوقع من  الدستور العراقي الذي يؤكد أن كل تشريع يجب أن لايتعارض مع مفاهيم مبادىء الدين الاسلامي ،من هذا المنطلق لا يمكن للمشرع سن قانون لحرية الدين وممارسة الطقوس والانشطة الاجتماعية المخالفة للشريعة الاسلامية ، وعلى هذا الاساس يُفرض الحجاب على كل العراقيات ، تُغلق كافة محلات بيع الخمور ، لابد من رفع العلم المذهبي بدلا من الوطني في المناسبات العامة والرسمية، عدم الترويج للسياحة وتطوير اماكن السياحة ، حرام ان يحكم غير المسلم على المسلمين ، يجب اعتبار الاطفال مسلمين اذا أسلم أحد الوالدين دون مراعاة سن الرشد وحرية الاختيار ،ولاعتبار الاسلام دين الدولة الرسمي هو دلالة واضحة على الغاء الاديان الاخرى .وماذا نتوقع من الدستور العراقي الذي يعرف الشعب العراقي  بمثل هذا التعريف: انه يتكون من العرب والكورد والتركمان والكلدان والاشوريين والارمن والصابئة والايزيديين والشبك والكاكائيين والزردشتيين والواوت لا تنهني .أ ليست مثل هذه المادة الدستورية مُحفزة للمشاعر القومية والدينية والمذهبية الالغائية وترسيخ مفاهيم ثقافة الكره والحقد والانانية  ؟ 

كيف نغير العقل الجمعي السلبي الى الايجابي ؟

 يطالب الاستاذ بشار الكيكي في مقالاته بأيجاد منافذ آمنة وحضارية وفعالة لتغيير العقل الجمعي السلبي الى العقل الجمعي الايجابي .واقترح تغيير منظومة التلقين المعرفي في المؤسسات التعليمية والاعلام دون أن يبين ويتعمق في تشخيص أهم العوامل المسؤولة عن تكوين العقل الجمعي السلبي كما وضحت أعلاه .فما الذي يجب تغييره في منظومة التلقين المعرفي يا ترى ونحن لا نعلم شيئاً عن العوامل التي وجهت العقل البشري لمجتمعات الشرق اوسطية ومنها مجتمعنا العراقي لبناء عقل جمعي سلبي؟

عليه لكي نُغير العقل الجمعي السلبي الى الايجابي في العراق وما يجاوره من المجتمعات ،يجب أن نستأصل العوامل المسببة للعقل الجمعي السلبي .

البداية هي في أعادة النظر بمواد الدستور العراقي ، لكي يكون خاليا من ذكر الدين والمكونات الدينية والقومية ، فبدلا من التعريف اعلاه للشعب العراقي ليكون : مجموعة الافراد الذين يعيشون داخل الحدود الجغرافية السياسية للعراق والمتساوون امام القانون .ليوحد العقل العراقي بالانتماء الوطني الجغرافي لا الديني والقومي .وبدلا من أعتبار دين الدولة الرسمي هو الاسلام أن تكون : يستوجب احترام جميع الاديان للشعب العراقي الاسلامية والمسيحية والصابئة والايزيدية ليتحسس غير المسلمين بأنهم يعيشون في وطن يحميهم الدستور أسوة بالمسلمين.

تشريع قوانين لا تجيز تاسيس احزاب على اسس مذهبية ودينية وقومية ،وانما تستند الى مفاهيم حديثة في تسميتها وفلسفتها .

أعادة النظر في المناهج الدراسية في المرحلتين الابتدائية والثانوية ، وسوف لم يتغير عقل الانسان الشرق اوسطي مالم تحتوي أمثلة النحو العربي على جمل مثل : التقى أحمد مع توما في المدرسة ،و قدمت شموني هدية لصديقتها زينب .ولم يتغير العقل البشري في المجتمعات العربية مالم تُستأصل مفاهيم الكره والحقد والاصالة والالغاء والتحريم والتكفير المعروفة من محتويات المناهج الدراسية في مادة الدين .فماذا نتوقع في بناء شخصية طفل يدرس في مادة الدين ( المسلمون سيذهبون الى الجنة ويأكلون الموز والتفاح والحلويات بينما غير المسلمين سيذهبون الى النار لانهم كفار) .ذكرني هذا المثال بموقفين حدثا في مدرسة ابي ذر الغفاري الابتدائية في الموصل في عهد النظام الديكتاتوري السابق ،أولهما تساءلت طفلة مسيحية في الصف الثاني وقالت صحيح هل نذهب نحن المسيحيين الى النار والمسلمين الى الجنة ويأكلون الموز والتفاح ،فقلت من قال : اجابتني صديقتي فلانة روت لها ما شرحت لهم معلمة الدين .والموقف الاخر بعد أن أصبحت عملية أختيار القدوة في المدارس تقليدا جاريا وقانونياً في عهد النظام السابق ، فازت تلميذة مسيحية على صفها واصبحت قدوة الصف ،وعلى الفور جاءت معلمة الدين ولقنت تلاميذ الصف درساً قوياُ بالاخلاق لتقول ( عيب عليكم وما شفتو أن تنتخبوا  الا هاي برجة نصرانية قدوة لكم !!!! ) برجة  بلهجة موصلية تعني وصلة قماش على ما أظن .وقعت هاتين الحادثتين في عهد الطاغوت ،فكيف يا ترى ماذا يجري الان في المدارس العراقية ؟ وهناك أمثلة عديدة من فعاليات ترسيخ ثقافة الكره في المدارس العراقية من هذا القبيل .

أستثناء منتمي الاحزاب الدينية ومؤازريها من تولي منصب وزارتي التربية والتعليم وفصل التعليم عن السياسة تماماً .

وأما الاعلام يجب أن يتقن لغة المخاطبة المعتمدة على الاسس العلمية ،أي بمعنى أن لا يستغفل وجود غير المسلمين في العراق ، أن يحتوي على برامج موجهة عن توظيف الاختلاف السياسي والاثني والديني والمذهبي في ترسيخ مفاهيم التعاون والالفة والتضامن بدلا من تأجيج الصراعات .وكذلك يجب أن يكون الاعلام العراقي نافذة العراق للعالم لعرض حضارته التاريخية في مختلف العصور ، ويتنوع في عرض كافة الانشطة لمختلف أطياف الشعب العراقي .

المحاسبة  القانونية الجدية لعلماء الدين الذين يثيرون النعرات المذهبية والدينية ويرسخون مفاهيم الكره والنفور والاقتتال ،وهذا ما يحدث اعلامياً وبمعرفة الحكومات دون اتخاذ الاجراءات الرادعة لامثالهم .

الغاء نظام المحاصصة في السياسة العراقية في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويتم توزيع الادوار بحسب الكفاءة والخبرة .

ألغاء الميليشيات القتالية المدعومة من الاحزاب أو من المذاهب الدينية وتنضم تحت راية الجيش العراقي أو قوات البيشمركة في الاقليم .لان وجود السلاح بيد المختلفين مذهبياً ودينياً وقومياً يكون بمثابة أنذار لبدء الاقتتال لاتفه الاسباب في أوقات غير متوقعة أو تمارس الاعتداءات في الخفاء .

يسري القانون بالتساوي على جميع افراد المجتمع العراقي بمختلف اطيافه الدينية والمذهبية والاثنية لتوظيف التنوع في التقدم وليس لتأجيج الصراعات .

أحترام الحقوق الدينية واللغوية والاجتماعية لجميع الاثنيات  ومنحها الادارة الذاتية  في مناطق تواجدها بكثافة عالية.وخصوصاً اذا بقت السياسة العراقية على نهجها الحالي.  

طالما أخي الاستاذ القدير بشار الكيكي أنكم رئيس مجلس ثاني أكبر محافظة في العراق ،وأكثرها تنوعاُ في ديمغرافيتها ،فرسالتك الانسانية والسلمية التوافقية التي تعكسها في طروحاتك الفكرية ستكون صمام الامان للتعايش السلمي بعد تحرير كافة اراضي محافظة نينوى من سيطرة العصابات الد*اع*شية الاجرامية.فأستمر بهذا النهج السليم وأنما أكثر عمقاً .

فهل سيكون لطروحات بشار الكيكي صدى لدى المسؤولين العراقيين ؟

رابط ملف الاستاذ بشار الكيكي

http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;area=showposts;u=179813

 

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!