لمصلحة من هذا الضجيج؟

بقلم/ د. جورج مرقس منصور
وندزر- كندا
لست ممن يملأ مواقعَ التواصل الاجتماعي بكتاباتٍ او مقالاتٍ لمناقشة حالة معينة نقداً او تأييداً لانني ألجأ دائماً في حالة النقد الى المعنيين مباشرةً للتحاور حول الموضوع حيث قد أخرج في النهاية وأنا مقتنع بما كنت أنتقده وحسب الحجج والتبريرات والقناعة التي يأتي بها صاحب العلاقة وقد يحصل العكس حيث اكون قادراً على إقناعِه بوجهة نظري والحجج التي آتي بها في الحوار واظن ان ذلك هو الطريق الافضل خاصة في حالات حساسة تضر اكثر مما تفيد عند طرحها امام الملأ.
اما عندما ارغب الاشادة بعمل ما لشخص او لمؤسسة فالحالة تختلف تماماً حيث ان اظهار الايجابيات والاشادة بها امام الملأ تكون لها مردودات مفيدة في تشجيع المعني اولا والاقتداء به ليكون مثالاً ايجابياً في الموضوع المطروح ثانياً.
اليوم نحن امام حالة أراد البعض (من رواد مواقع التواصل الاجتماعي) ان يخلقوا منها معضلة قد تسبب (حسب تفكيرهم ، وهذا مبتغاهم) في حدوث شرخ بين ابناء الكنيسة الواحدة وايضا بين ابناء الامة الواحدة.
فمنذ ان انهى سينودس كنيستنا الكلدانية أعمالَه في ١٤ اب الجاري ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بجعجعة مصطنعة تفتقر طروحات بعض اصحاب الردود فيها لأبسط مقومات النقد وتظهر الاجندات المخفية بشكل جلي في البعض من المداخلات.
النقد له اصوله في كل الاحوال ، ولكن في الحالة المطروحة ماكان يجب على هؤلاء تناولَ موضوعٍ تم مناقشته في اروقة مخولة وصاحبة الشأن به وهي الجهة التي تمتلك كل الصفات التي تؤهلها لاتخاذ قرار في شأن خاص بها.
ان موضوع تسمية البطريركية أي الكرسي البطريركي لا يناقشه غير البطريرك الجالس على الكرسي مع الاساقفة رعاة الابرشيات حول العالم وهذا ما حصل بحيث تم اتخاذ القرار بالاجماع وليس حتى بالاغلبية.
كنيستنا هي (الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية) وليست كنيسة بابل الكلدانية ، والبطريركية هي الكرسي الذي يرعى هذه الكنيسة واطلق فيما مضى على البطريركية (بطريركية بابل على الكلدان) ولا اعلم لماذا جاءت (على) هنا ولم تأتي (للكلدان) !!!!
عندما يشعر آباؤنا ان ثمة خطأٍ حدث في وقت سابق باي شأن من شؤون الكنيسة فمن حقهم مناقشته وتصحيحه وذلك يدخل ضمن اطار مبدأ التجدد الذي هو أحد المباديء التي اعتمدها غبطة ابينا البطريرك الكاردينال مار لويس ساكو الكلي الطوبى منذ جلوسه على كرسي البطريركية.
بابل هي رمز من رموز حضارة بلاد النهرين (ميزوبوتاميا)وكانت مركزاً للعلوم والفلك وتميزت بعظمة العمران وضمت احدى عجائب الدنيا ولم تكن يوماً مقراً للكرسي البطريركي لذلك اقترح على رجالات الكلدان وضع اسم بابل على مؤسساتهم ومشاريعهم القومية فالكنيسة غير ملزمة بذلك ولا مقيدة وانما تحرص دائما ان تفتح ابوابها للجميع فهي تحمل رسالة المسيح لكل الامم.
من ناحية اخرى فإن الكلدان يمرون بالعصر الذهبي في مجال دعم الكنيسة ودفاعها عن الهوية الكلدانية منذ جلوس غبطة ابينا البطريرك لويس ساكو على كرسي البطريركية ، فمقارنة بسيطة بين الماضي وهذا العصر الذي أسميه قومياً (عصراً ذهبياً) يتبين لنا جلياً ماذا فعل غبطته للكلدان.
كيف ننسى ان غبطته طرح فكرة تاسيس الرابطة الكلدانية واقر تاسيسها السينودس بعد مناقشة نظامها الداخلي؟
كيف ننسى جهوده في ابقاء الكنيسة حية ولها دوراً رائداً في ظروف عصيبة مر بها العراق؟
كيف ننسى جهوده وسعيه لإدراج اسم الكلدان في دستور الاقليم؟
كيف ننسى كل المواقف الكلدانية الاصيلة لغبطته؟
وهل نستطيع ان ننسى جهده الذي اثمر عن زيارة قداسة البابا التاريخية الى اور الكلدانية؟؟
كيف .. وكيف .. وكيف
ولا حصر لمواقف هذا الرجل الكبير
كيف نقابل كل ذلك بهذه الهجمة غير المبررة وكأنها صفحة من صفحات الهجمات المفتعلة التي سبقتها والتي كانت وراءها اجندات تبغي النيل من غبطته ؟؟
( ألم ينتبه من سعى الى تضخيم هذا الموضوع من اصحاب الردود وبهذه الطريقة غير الحضارية وغير المبررة؟).
عندما طرح الدكتور رابي رأيه في مقالته باسلوب أكاديمي (وان كان لدي تحفظاً اصلاً على تناول هذا الموضوع في الاعلام) استغل البعض ذلك ليبث سمومه المبيتة قاصدين الاساءة لرعاة كنيستنا الاجلاء .
كيف فاتكم ذلك ايها الكتاب الكلدان ؟؟
لمصلحة من يتم تناول الموضوع بهذه الطريقة المتشنجة والتي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي إساءات وكلمات جارحة؟؟
احدهم عندما كتب مقالة سيئة في هذا الموضوع صاغ مقدمة عن كيفية استلام غبطته هذه المسؤولية عندما انتخب بطريركاً وراح (كاتبنا) يطعن حتى في نزاهة تلك الانتخابات !!!
الا يعني ذلك ان هذه الازمة وراءها اجندات تصاغ في غرف مظلمة؟؟
ولكن وحسب قراءتي وعلى الارجح سيخيب ظن من يتآمر على الكنيسة ، ومن تنقصه الغيرة على كنيسته وعلى أمته ، سيخيب ظنكم (ايها المتجاوزون)يا من لم تقَدّروا النتائج وكانت حساباتكم خاطئة ، ولم تكن لكم نظرة بعيده وانزلقتم منزلقاً لم اكن اتمناه للكثيرين منكم .

Exit mobile version