مقالات دينية

صعود المسيح ومقابلة الآب

الكاتب: مشرف المنتدى الديني
 
صعود المسيح ومقابلة الآب
 

بقلم/ وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا
هناك أحداث ثلاثة مرتبطة مع بعضها ومتسلسلة تكمل بعضها البعض في فترة نهاية رسالة يسوع وحياته على الأرض وصعوده الى السماء .
الحدث الأول هو الصلب والموت على الصليب ، وهو الهدف الذي جاء من أجله المسيح ، لهذا قال لبطرس الذي أراد أن يدافع عنه بالسيف :
 يو 11:18  ( اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟
مات يسوع على الصليب بأرادته ، وبعد ثلاثة أيام بدأت المرحلة الثانية وهي القيامة من بين الأموات . والتي كانت تعزية عظيمة لقلوب المؤمنين ، فثبتت أيمانهم وزاد رجائهم ، وآمنوا بكل ما قاله لهم الرب قبل صلبه . كما آمنوا بأنهم أيضاً سيقومون مثله ، لهذا فموضوع القيامة أعطاهم العزاء في مسيرتهم وشجعهم لعدم الخوف من الموت . القيامة ترمز الى التوبة من الخطيئة . فالماكث في الخطيئة هو مَيّت روحياً ، لهذا قال يسوع ( دع الموتى يدفنون موتاهم … ) فمن يتحرر من الخطيئة فأنه ناهض من بين الأموات ليعيش القيامة .
موت الروح هو الأنفصال عن الله . أما التوبة فهي العودة الى حضنه ، أنه ينبوع الحياة ، بل هو ( الطريق والحق والحياة ) ” يو 6:14″ كذلك هو القيامة ( أنا هو القيامة والحياة ) ” 25:14″.
فالقيامة هي أنتصار على الخطيئة والموت وعلى سلاح عدو الخير . القيامة التي أعطت المسيح جسداً ممجداً ، ستعطينا نحن أيضاً ، كما قال الرسول ( الذي سيغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عما استطاعته أن يخضع لنفسه كل شىء ) ” في 21:3″ .
أما المرحلة الثالثة فهي الخاتمة في رسالة المسيح ، وهي الصعود الى السماء بجسده الممجد أمام أنظار جمع كبير من المؤمنين . صعد بمجد عظيم وجلس على يمين الله الآب كما رآه القديس الشهيد مار أسطفانوس ” أع 7: 55-56″ . إذاً المرحلة الأولى في طريق الآلام والمجد لم تكن نهايته على الصليب كما أعتقدوا كهنة اليهود ، بل كانت بداية الأنطلاق الى مرحلة جديدة نحو مجدٍ دائم . وهكذا كل من يتألم معه سيصعد مثله الى السماء ، وحسب وعده للمؤمنين به ( وأنا إن أرتفعت ، أجذب اليّ الجميع ) ” يو 36:12″ . نعم سيأتي ثانية بمجد عظيم على سحاب السماء مع ملائكته القديسين لكي يرفعنا معه على السحاب فنكون معه في كل حين ” 1 تس 17:4″ فعلينا أن نعيش القيامة في حياتنا فنتأمل في آلامه ونعيش تلك الآلام نحن أيضاً بصبر . لا يمكن أن نصعد الى فوق إن لم ننزل أولاً متضعين في حياتنا ومتحملين الصليب في حياتنا الزمنية . وفي صعودنا الى الصليب سنعيش مرحلة من مراحل المسيح لكي ننتقل الى مرحلة الصعود من الصليب ومن آلام هذا الدهر ، حيث الصليب سيرفعنا عن الأرض نحو السماء كما رفع الرب . فعلينا أن نرفع أبصارنا نحو العلا حيث المسيح الجالس عن يمين القدرة .
دخول المسيح عند الآب بعد الصعود
عندما قدم المسيح نفسه على الصليب ذبيحة مرضية وكاملة للآب لأجل الكفر عن خطايا البشر بدمه الطاهر الذي سفكه على خشبة الصليب ، نزل أولاً الى الهاوية لأنه كان يسمع صوت الآباء الأتقياء في الجحيم يصرخون اليه قائلين ( من أعماق الجحيم أسمع يارب دعائي ، أصغ الى صراخي ) وكما يقول المزمور1:130 ( من الأعماق صرخت أليك يا رب ، يارب أسمع تضرعي ) فأجاب النازل اليهم من الصليب ( أستيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات وأتبعني  لننطلق من هنا الى السماء ، من الموت الى الحياة ، من السجن الى أورشليم السماوية ، من قيود الجحيم الى الفردوس . ومن باطن الأرض الى السماء حيث ملكوت الله معد لكم ) .
 صعد المسيح ومن معه الى السماء فدخل الى الآب بدمه الزكي الذي أراقه من أجل دفع الفدية عن خرافه الذي فداهم بنفسه . قدم المسيح دمه في العرش السماوي الى الآب وهذا العمل يدخل في موضوع القيامة والصعود من أجل أرضاء الله .
لموضوع الصعود مفاهيم كثيرة في رسائل بولس الرسول لها معانٍ لاهوتية عميقة تخص حياة كل مؤمن بالمسيح وبعمل القيامة والصعود . قدم المسيح دمه لله الآب في عرشه السماوي لكي يفتح باب السماء للمؤمنين به لكي يدخلوا الى الملكوت الأبدي بدمه . وهذا حق أيماني يدخل في صميم إيماننا المسيحي ورجائنا في المسيح وبعمله الكفاري على الصليب من أجلنا .
الكاهن يقدم الذبيحة الى الله ، أما المسيح فهو الكاهن الأعظم ورئيس الكهنة ، وهو الذبيحة أيضاً ألذي قدم ذاته لله ، وبما أننا خرافه فنحن أيضاً مدعوين للدخول معه للمثول أمام عرش النعمة الألهية لأننا موضوع عمل كهنوته ، لا وبل نحن جسده وهو رأسنا فلا يتراءى للآب بدوننا لكوننا ملتحمون ومتحدون فيه . فالجسد الذي ظهر أمام الله هو جسدنا نحن البشر وهو رأسنا وراعينا ومخلصنا .
ليتمجد أسمه القدوس

 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!