مقالات دينية

طفولة الجسد …وطفولتنا ما بعد الموت

طفولة الجسد …وطفولتنا ما بعد الموت

بقلم / وردا إسحاق قلّو

    قال الرب ( أن لم ترجعوا وتصيروا كالأطفال ، فلن تدخلوا ملكوت الله ) ” مت 3:17 “

 الولادة الجديدة التي تحدث عنها يسوع لنيقديموس الذي لم يفهمها ، فرد هو على يسوع ليفهم كيف يولد الإنسان من جديد ، هل يدخل في بطن أمه ليولد من جديد ليصبح طفلاً ؟

   الطفل يولد من جسد ضعيفاً جاهلاً إلى من يرعاه . لكنه بريء وطاهر . كذلك الإنسان في أيامه الأخيرة عندما يكون مشرفاً على الموت يختبر الضعف أيضاً ويتشبه بالطفل لأنه محتاج إلى من يخدمه إلى ساعة موته . والموت هو العبور إلى طفولةٍ جديدة ، بل سيقمط جسده بالقماط كالطفل ( يُكفِن ) وكما يقمط الطفل المولود من الجسد ويوضع في سرير صغير ، وكما وضع الطفل يسوع المقمط في صندوق صغير في مغارة بيت لحم ، هكذا يتم وضع جسد الميت المقمط في صندوق التابوت . فهل هذا دليل للدخول في طفولة جديدة بعد الموت ؟

   من هنا نستنتج أن طفولة الإنسان التي تحدث عنها يسوع حين قال ( إن لم ترجعوا لتصيروا كالأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات ) . بالموت إذاً ندخل في مرحلة جديدة ، وهي مرحلة الطفولة القصوى ، إكتمال الطفولة . الطفل يبقى في رحم أمه تسعة أشهر لكي يكتمل ، ثم يخرج إلى هذا العالم . والإنسان المؤمن بالمسيح حين تكتمل لديه طفولة النضج الإيماني ، ويبلغ المرحلة الأخيرة ، أي مرحلة الموت ، فأنه أيضاً يخرج من رحم هذا العالم ، لكن لا إلى العدم ، بل إلى حياة جديدة . الموت في المسيح إذاً هو الطفولة المكتملة المختصة بالنعمة الإلهية . الطفل يولد من بطن أمه ، أما الميّت فيولد من رحم الله . وأن لفظة ( رحمة ) لا تعني فقط ( الإحسان والشفقة ) إنما هي مرتبطة بالرحم الذي يعني البيت الذي يسكنه الجنين . فالإنسان حين يولد من رحم جرن المعمودية . يخرج منه إلى حياة جديدة وكأنه خرج من رحم الله . وهكذا عندما يموت من هذه الحياة بعد أن يموت جسده الترابي سيدخل إلى حياة الأبدية .

فالموت للمؤمن بالمسيح هو نضج وإكتمال في التشبه بالطفولة ، إنها طفولة إلهية تتنفخ فيه نفخة للحياة الجديدة .

   لماذا نولد من جرن المعمودية ؟ ولماذا نتناول حسد الرب ودمه ؟ ولماذا أيضاً نشترك بأسرار الكنيسة ؟ السبب واحد وهو لأنها تشير إلى سكنى الله فينا . لهذا يجب أن ننقي ذاتنا باستمرار لكي نمتلأ من حياة الله لنسير باللحم والدم نحو القبر . وفي طريق القبرأمل نحو الحرية . الطفل إنسان يولد في الجسد . والميّت إنسان يولد في الروح . الطفل إنسان مخلوق من قبل الله من العدم . والميّت إنسان حي يخلقه الخالق بالنِعمة بعد موت الجسد . إذاً هناك تقابل بين الطفولة في الجسد ، والطفولة في الرح التي تكتمل في حد الموت .

الخليقة الأولى تنتهي بالموت ، أما الثانية تنتهي بالحياة الأبدية .

   ما فعله يسوع للعازر المتن عندما أقامه من الأموات هو مقدة لقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث في جسد ممجد . ونحن أيضاً سنوت لكي ننتظر قيامتنا في جسد ممجد في اليوم الأخير .

   المطلوب من هو الإيمان بكلام يسوع ووعوده ، ونؤمن بأنه قد مات وقام من بين الأموات . وإنه هو معطي الحياة الجديدة للبشرية ، فعلينا أن نسلك في أثره ونتبعه حاملين صلباننا ، فمن يقبل أن يحمل صليب جهل الطفولة وضعفها ، عليه أن يقبل أن يكون متضعاً في حياته ، ويقول : أنا لا أعرف ، الله هو الذي يعرف كل شىء . أنا أتعلم من الله المعرفة . ويقول أيضاً لله : علمني أن أعمل رضاك ! . ويسلك أثر الرب حتى الموت ، والموت على رجاء القيامة ، هكذا يسلم نفسه غليه كطفل بين يدي أنه ، ويقول له ما قاله الرب يسوع لأبيه على الصليب .

( في يديك أستودع روحي ) وهذا يستغرق العمر كله لكي يتعلم حكمة الله . وأن يكون جاهلاً كإنسان ، إنما عارفاً بنعمة الله ، ومتحملاً كل ضيق من أجله إلى أن يدخل باب الموت ليعبر إلى الحياة الأبدية . كل حياتنا متمحورة في هذا المحور . وفي غير ذلك لا قيمة لحياتنا . يسوع هو حياتنا لأنه هو الذي قال :

( أنا هو القيامة والحياة .من آمن بي فلن يرى الموت إلى الأبد ) ” يو 25:11 ”   

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!