كلكم د*اع*ش، وكلكم مسؤول عن د*اع*شيته/ علي الصراف

الكاتب: jerjesyousif

كلكم د*اع*ش، وكلكم مسؤول عن د*اع*شيته

علي الصراف

تبدو الحرب التي يشنها بعضنا ضد تنظيم د*اع*ش، ظالمة الى أبعد الحدود. إنها حربٌ لا تخلط الحابل بالنابل فحسب، ولكنها تشوّه صورة الواقع أيضا. وحيث أنها تمثل قراءةً منافقة للواقع، فانها لن تؤدي إلا الى المزيد من المهالك. حتى ليمكن القول إنها قد تذهب بد*اع*ش، ولكنها ستأتي بما هو أدعش من د*اع*ش…. د*اع*ش، جزءٌ مكينٌ من الواقع. وبما أن الواقع واقع، فانه سوف يجد طريقا لكي يفرض د*اع*شيته باستمرار. في محيط الزيف الراهن، هناك من يبلغ به تجاهل الواقع حدّا يجعله مقتنعا بان تنظيم د*اع*ش غريب عن المنطقة، وغريب عن بيئتها الثقافية والسياسية والاجتماعية. وبالنظر الى أن التنظيم يضم “مجاهدين” من أربع جهات الأرض، فمن السهل أن يُقال، إنه تنظيم ار*ها*بي “خارجي”، وإن مجتمعاتنا بريئة منه. بل أن هناك من يبدو مقتنعا أيضا أن د*اع*ش لا يمت الى الإسلام بصلة. وهذا ليس هو الواقع. فكل هذه الافتراضات، إنما تسعى الى تبرير الحرب ضد هذا الوجه، وحده، من وجوه د*اع*ش، بينما تصون كل وجه آخر من وجوه الد*اع*شية الثقافية والسياسية التي نعيش في كنفها (أو: كفنها) اليوم. وبينما يُراد إلحاق الأذى بمجاهدي د*اع*ش، فانهم أكثر صدقا وانسجاما وانتسابا مع كل ما عرفوه من ثقافة المنطقة وسياستها واجتماعها، ليس بين الأفغاني والشيشاني والألباني، بل بين العراقي والسوري والفلسطيني والأردني، وغيرهم ممن يمثلون “هويتنا” الأصيلة و”إسلامنا” كما نعيشه… نعم، ترتكب د*اع*ش، مجازر وانتهاكات وأعمال سبي وجرائم وحشية ضد الأقليات. ولكن هذا لا يمثل إلا جزءا بسيطا من الواقع. إنه فقط الجزء الظاهر من جبل د*اع*شي عميق الغور في مستنقعاتنا (أو “مجتمعاتنا”) “الإسلامية” الآسنة. يُتهم الد*اع*شيون، بأنهم يق*ت*لون الأبرياء.. وأريد أن أستعمل كلمة لا أجد لها نظيرا في العربية الفصحى، فأقول: “إحّه”! ومن منكم الذي لم يق*ت*ل أبرياء!… ويُتهم الد*اع*شيون بأنهم يسبون النساء ويعرضوهن في سوق النخاسة… وأقول: إحّه. ومن منكم الذي لم يسب إمرأة فيجردها من أدنى الحقوق؟ ويُتهم الد*اع*شيون، بارتكاب انتهاكات ضد الأقليات، حتى استصرخت تلك الانتهاكات ضمائر العالم ودعته الى الاسراع في تقديم النجدة اليهم… وأقول، هنا أيضا: إحّه. ومن منكم الذي لم يسبق د*اع*ش في هذا المضمار القذر. ومن منكم الذي، ساعة اكتشف طائفيته، لم يستصغر “الآخر” أو يهمشه أو يستثنيه؟ إذا شئت أن تنظر في عين الواقع، فد*اع*ش ليست جسما غريبا. الغريب هو من لا يرى أن د*اع*ش تمثل تجسيدا حقيقيا وأصيلا لثقافتنا وسياستنا ومجتمعنا، بل وإسلامنا نفسه، كما انتهى الينا، كإسلام تكفيري وكافر… فهناك د*اع*ش قبل د*اع*ش، كما أن هناك د*اع*ش على يمينها وأخرى على شمالها… د*اع*ش مرآةٌ حقيقيةٌ لما نحن فيه. إنها وجهنا الذي نحكم ونمارس كل شؤون حياتنا فيه. وهي موجودة تحت كل عمامة تحوّل الإسلام الى دين كفر وج#ريم*ة. فلماذا الزعل على د*اع*ش؟ وهل الوحشية، عندما تكون مكشوفة، أفظع مما لو كانت مستورة؟ الذين يمارسون أعمال التعذيب والقهر والتنكيل، في ظل سلطة الطغيان، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يستبيحون الأعراض، في السجون وخارجها، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يمارسون سلطاتهم بالعن*ف باسم “الصمود والممانعة”، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يضعون أنفسهم فوق القانون، ولا يحترمون سلطة لقانون، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يق*ت*لون نساءهم على الشبهات، في ما يسمى “جرائم الشرف”، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يغتالون خصومهم، على الرأي أو الهوية، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يستولون على السلطة بالسيف، ويرفضون تداولها إلا بالسيف، أليسوا د*اع*ش؟ والذين ينهبون المال العام، ويجعلونه خادما لأغراضهم الخاصة، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يعتلون المنابر، ليُكفّروا الناس، وينزعوا رداء الإسلام عمن يشاؤون، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يمارسون الق*ت*ل والترويع باسم الله، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يحلون لأنفسهم، ويحرمون على غيرهم، أليسوا د*اع*ش؟ والذين ينظرون الى أنفسهم، من ثقب طوائفهم، أليسوا د*اع*ش؟ والذين يسومون الأقليات الحرمان والتمييز والتهميش، أليسوا د*اع*ش؟ كل هؤلاء موجودون، قبل د*اع*ش! وما د*اع*ش إلا صورة واحدة من صورهم! بل أن د*اع*ش ليست إلا نتاجا طبيعيا وتلقائيا من نتاجاتهم. حتى ليحق القول لهم: إنكم إن لم تجدوا على الأرض د*اع*ش، لاخترعتم مليون د*اع*ش! الفرق الوحيد، هو أن د*اع*ش (الحالية) تمارس جرائمها “على الهواء مباشرة”، ولا تخشى في ارتكابها “لومة لائم”. بينما يفضل الد*اع*شيون الآخرون ممارسة الجرم نفسه في الخفاء، أو تحت مسميات أخرى. د*اع*ش هي الحقيقة الوحيدة التي كان يجب أن نراها منذ أن نشأت أولى سلطات الوحشية والاستبداد في أوطاننا، بل ومنذ أن تحولت مجتمعاتنا الى مستنقعات تسترخص الذل وتستمرئ العن*ف والقسوة ضد نفسها، بالخوف والجبن تارة، وبالنفاق والدجل تارة أخرى… إذا كان من الأولى بالحقيقة أن ترى نفسها، فكلكم د*اع*ش، وكلكم مسؤول عن د*اع*شيته… أولى بكم، د*اع*شيو القهر والطغيان في كل مكان، أن ترفعوا علم د*اع*ش فوق منازلكم، وأن تعلنوا البيعة للدولة الإسلامية، بقيادة الخليفة المؤمن بالله (وبانحطاطكم الشامل) أبو بكر البغدادي، خليفة الله على رقاب أبريائكم ونسائكم وأقلياتكم…. تلك الرقاب التي لم تحفظوها قبل د*اع*ش،.. ولا أعرف من أين جاءتكم الحمية لتحفظوها، بعد د*اع*ش! لكي تحارب د*اع*ش، ولا تهرب أمامها كالجرذ، يجب أن تكون طاهر اليد من المال العام، نبيلا حيال حقوق المرأة والأقليات، ولم تعتد على القانون، ولم تمارس التعذيب أو تبرره، ولم تساند طغيانا ولا ظلما من قبل، ولم تُكفّر أحدا… عدا ذلك، فخير لك أن تعلن البيعة! لأنك د*اع*شي بطبعك! ولأنك واحدٌ ممن ساهموا في تخصيب التربة لزراعة د*اع*ش. فعندما تذبح أختك في الشارع، في تهمة شرف، فكيف لا تذبح غيرها؟ وعندما تمارس التعذيب ضد مواطن من مواطنيك، بسبب رأي أو عقيدة، فلماذا لا تجز عنقه كالخروف؟ وعندما تمارس سلطتك من فوق القانون، ومن دون قانون، فكيف لا تجعل الاجرام فيه هو السائد؟ تلك هي د*اع*ش… إنها وجهكم الأنصع والأكثر انسجاما مع ثقافة الق*ت*ل والتكفير والاستبداد التي بقيتم تمارسونها لقرون. ومثلما تعايشتم معها وأصبحت “هويتكم”، فخير لكم أن ترفعوا أعلام د*اع*ش وأن تتعايشوا معها… إسأل نفسك: بالله ما الفرق، ونحن كلنا د*اع*ش؟ يقال: إذا كان بيتك من زجاج، فلا ترمي الناس بحجر. ومن كانت ثقافته، وسلوكه، ووحشيته، هي ذاتها ثقافة وسلوك ووحشية د*اع*ش، فمن شديد النفاق أن يرميها بحجر.

وردني بالايميل في /2014/10/23

جرجيس يوسف الساعور/ كندا

 ..