مقالات دينية

التفسيرات الخاطئة لسفر الرؤيا

التفسيرات الخاطئة لسفر الرؤيا

بقلم / وردا إسحاق قلّو

   سفر الرؤيا ليس كباقي الأسفار ، فأسلوب كتابته يختلف ، وللوصول إلى أهدافه علينا أن نبحث عن كل ما يتعلق بآياته في أسفار العهد القديم . وفيه تعليم يشدد على الأمانة ، وعلى وصايا الكنيسة التي تؤمن أن لا يتراجع المؤمن من مبادئه في ساعة الإضطهاد . لا يوجد أي سفر من أسفار العهد الجديد يشدد كسفر الرؤيا الذي يوَّضح صورة السماء ، أورشليم السماوية ، وعرش الله ، ومراحل أيام يوم القيامة ، ومن ثم إستقبال الحمل النازل على السحاب . كما أن هذا السفر يحتاج إلى تفسير محتوياته المعقدة والغامضة . فهناك مفاتيح يجب أن نستخدمها لتساعدنا على الولوج في أسرار هذا الكتاب . بسبب التفاسير الخاطئة لهذا الكتاب ، ظهرت مذاهب وشيَّع لتعلن قرب مجىء الساعة فحددوا أزمنة خاطئة فشلوا في إدعاءاتهم الكاذبة حول عودة المسيح السريع رجوعاً منظوراً على الأرض قبل عودته الأخيرة في يوم القيامة . فشهود يهوة أنبأوا بنهاية العالم سنة 1914 . والسبتيون الأدفندست سبقوهم وإدعوا بأنه سيعود سنة 1843 ، ثم في 22 ت2 1844 تحديداً .

   أما يوحنا الرائي فلا يريد أن ينبىء بأحداث محددة ، بل أن يساعدنا على إكتشاف المعنى الذي تأخذه الأحداث بالنسبة إلى إقامة ملكوت الله . يوحنا تكلم على مجىء المسيح القريب جداً ، لكننا لا نستطيع أن نأخذ بهذا لنعلن الزمن بطريقة دقيقة ، ولكن الفكرة العامة مهمة ، فالمؤرخون يأخذون درس الحاضر تبعاً للماضي . فكل الأنبياء وكاتب الرؤيا يفسرون الحاضر تبعاً للمستقبل ، لأن الأحداث الحاضرة لا تتخذ معناها الحقيقي إلا إذا حسبنا حساب النهاية ، حساب المجىء الثاني . إن يوحنا يدعونا إلى أن نفك لغز معنى تاريخنا الحاضر على ضوء حدث معنى قيامة المسيح من بين الأموات ، وعلى ضوء حدث آت هو مجىء المسيح الثاني .  

فهذه الطرق الفاشلة في تفسير حدثت بسبب الإعتماد على التفسير الحرفي ، فعندما نقرأ في ( 20 : 1-6 ) من هذا السفر ، والتي تتحدث عن مُلك المؤمنين مع المسيح مدة ألف سنة سوف نرى فيما بعد أن ملك الألف سنة هو فترة مميزة من تاريخ الكنيسة . أو هي الفترة الموجودة ما بين مجىء المسيح الأول والثاني . علينا أن نشعر عندما نتأمل بآيات هذا السفر فعلينا أن نشعر بأننا أمام أمور تتردد وتعاد . فلو لم يكن بين إيدينا إلا الفصول الأحد عشر الأولى ، لما تخيلنا أنه ينقصنا شىء , الأحداث المصوّرة لا تجمع بعضها مع البعض بطريقة زمنية . فالحدث نفسهُ يعود إلينا بطريقة مختلفة , كما هناك نظام التاريخ الشامل . لقد فكّرَ بعض المفسرين أن يوحنا صوّرَ لنا كل مراحل التاريخ البشري حتى نهاية الكون ، ومن ثم يخلق الللع عالم جديد . لكن علينا إعادة الحسابات للحصول علىنتائج دقيقة . كما علينا أيضاً أن نربط نبؤات أنبياء العهد القديم إنطلاقاً من أرقام دانيال النبي إلى سفر الرؤيا .

   يحاول البعض أن يفسّر الرؤيا بمقارنة رموزها برموز أخذ بها معاصرو يوحنا . ليس من المستحيل أن يرجع يوحنا إلى صوّر إسطورية إنتقلت إليه من الفلكلور المعاصر ، بل ينبغي ربط ومقارنة سفر الرؤيا بالعهد القديم لكي نكتشف معنى الصّوَر ، فكل آية تقريباً تتضمن إيراداً من الكتاب أو تلميحاً إليه ، من أسفار ( إشعيا وإرميا وزكريا وحزقيال ) كذلك من الخروج إلى المزامير وسائر الكتب التي تشير إلى نصوص رئيسية نقرأها في سفر الرؤيا .

   في الختام نقول : نعبّر عن ما موجود في سفر الرؤيا بأنه قراءة مسيحية للعهد القديم , والهدف من السفر هو لتسقيط الضوء على كل تاريخ الكنيسة ، من إنفصالها عن الديانة اليهودية التي رفضت المسيح المنتظر والإنضمام إلى المسيحية . فإنفتحت الكنيسة إلى الأمم الوثنية لتنويرها ، ثم حصلت على إعتراف الملك قسطنطين الذي أعلن إعتراف الإمبراطورية الرومانية  بالدين الجديد ، وستستمر الكنيسة في خدمة العالم لتنويرهم  إلى مجىء المسيح الثاني .

    سفر الرؤيا يدعونا إلى تعلق شخصي بالحمل المذبوح الذي إشترانا بدمه ، وبه يكون خلاصنا .

  التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!