مقالات دينية

القديس بهنام وأخته سارة

القديس بهنام وأخته سارة

إعداد / وردا إسحاق قلّو

القديس بهنام وأخته سارة

   كان بهنام ابناً لسنحاريب ملك الفرس . يسند والده في الحروب ، وإذ حدثت هدنة إستأذنه أن يخرج للصيد مع بعض جنودهِ . وفعلاً أنطلق إلى البرية يمارس هوايته المح*بو-بة لديه حتى ضلَّ الطريق لمدة يومين كاملين ، إذ جلس الكل للغذاء ، رأى الأمير صيداً ثميناً فصار يطارده حتى دخل مغارة ، فدخلَ وراءهُ وأمسكَ بهِ . وإذ كان الغروب قد حلّ نام الكل في المغارة . وفي الليل شاهد كما في الحلم ملاكاً نورانياً يناديه بإسمه ويعلن له أنه سيكون إناءً مختاراً لله . وينعم بالأكليل السماوي . وإذ كان متحيراً لا يفهم ما يسمعه طلب منه الملاك أن يمضي إلى شيخ متوحد يدعى ( متى ) بالقرب منه يرشدهُ إلى الحق . في الفجر استيقظ الكل ليجدوا الأمير مستعداً للرحيل . وقد ظهرت علامات البهجة على وجهه.

   أخبرهم الأمير بما رأى ، وكان الكثيرون قد سمعوا عن هذا الراهب الذي عاش في الجبل يجمع حوله جماعة كبيرة من المسيحيين الذين هربوا من ضيق يوليانوس الجاحد . وأن الله وهبه صنع المعجزات والآيات ، وقد اجتذب كثيرين منهم .

لقاء الأمير بهنام مع القديس متى

   اصطحب الأمير رجاله حيث صاروا يبحثون عن القديس متى حتى التقوا به . فإستقبلهم بفرح عظيم وسار معهم وكان يحدثهم عن محبة الله الفائقة وعمل السيد المسيح الخلاصي ، فتعلق قلب بهنام بالرب ، وإن كان قد طلب من القديس متى أن ينزل معه ليشفي إخته المصابة بالبرص . وبالفعل نزلوا من الجبل حتى اقتربوا من المدينة حيث توقف القديس هناك وطلب من بهنام أن يحضر إليه سارة أختهُ . تكتم بهنام الخبر ، وإذ التقى بأبيه الذي كان يبحث عنه طلب منه أن يمضي إلى أمه وأخته , وبالفعل ألتقى بهما وأخبر والدته بكل ما حدث . وأستأذنها أن يأخذ أخته سارة ليصلي القديس متى عنها . طلب القديس من سارة أن تؤمن بالسيد المسيح وتجحد الشيطان وكل أعماله . وقام بتعميدها فخرجت من الماء وقد شُفيت من البرص .

   دُهِشَ المرافقون لبهنام وسارة وآمنوا بالسيد المسيح . تحدث القديس مع الحاضرين عن إحتمال آلآلام من أجل الأيمان . ثم أنطلق في البرية متجهاً نحو مغارته . وعاد بهنام ومعه سارة إلى أمها التي فرحت جداً بشفاء إبنتها .

 وليمة ملوكية

   أقام الملك وليمة يجمع فيها العظماء من أجل شفاء ابنته ، وإذ أعد كل شىء صدم الملك إذ رآها في الحفل ترتدي ثوباً بسيطاً . وإذ كان يتحدث معها صارت تعلن إيمانها أمام العظماء والأشراف في هدوء وبحكمة . إغتاظ الملك وحسب ذلك إهانة له ، فتحول الحفل من البهجة الزمنية إلى إضطراب شديد وخيبة أمل . فكان اسشهادهما في اليوم التالي . حيث جمع الملك بعض مُشيريه ليسألهم عما فعلوه ولديه ، فسألوه أن يتمهل عليهما ويقوموا هم بإغرائهما وتعقيلهما .

   أحضر الملك أبنيه وصار يطلب منهما أن يخضعا له ويسجدا للآلهة . أما هما فكانا في محبة ووداعة مع حزم يسألونه أن يقبل عمل الله الخلاشي ويتمتع بالشركة مع الله . خرج بهنام وسارة ليجتمعا مع بعض المؤمنين وأعلنا شوقهما أن يلتقيا بالقديس متى الذي في جبل القاف . وإذ سمع الملك أرسل وراء هذا الجمع جنداً لحقوا بهم وق*ت*لوهم جميعاً . وكان عددهم نحو أربعين شهيداً . وإذ أبقوا بهنام وسارة قليلاً مترقبين أمر العفو عنهما . لم يصل الأمر وخشوا من الملك لذا استعدوا لق*ت*لهما . بسط بهنام وسارة يديهما وصلبا ، وفي شجاعة قدما عنقهما وهما يسبحان الله فنالا إكليل الإستشهاد في عام 352 م .

 حنق الملك عليهما لم يهدأ الملك بق*ت*ل أبنيه والجموع المحيطة بهما ، إنما طلب من الجند أن يرجعوا إلى الأجساد ويلقوا عليها خشباً ونفطاً وكبريتاً ويحرقونها . لكنهم إذ رجعوا رأوا كأن الأجساد مملوءة بهاءً فخافوا ورجعوا ثانيةً . قيل أن الأرض أنشقت لتحفظ هذه الأجساد إلى حين . لكن الملك حسب ذلك علامة غضب الآلهة عليهم . أصيب الملك بروح شرير حتى صار يؤذي نفسه . فكانت زوجته تصلي بدموع وتطلب من إله بهنام وسارة أبنيهما أن يخلصاه . وكانت الملكة يشاركها بعض العظماء يصومةن ويصلون .

إيمان الملك

  بأمر الملكة حُمِلَ الملك إلى مكان إستشهاد ابنيها ، وهناك صارت تسجد لله وتبكي ، وإذ باتت الليلة هناك ظهر لها ابنها بهنام متوشحاً بثوب نوراني يطلب منها أن تحضر القديس متى ليصلي من أجله ويرشدهما إلى الخلاص . في الصباح استيقظت الملكة وتممت ما طلبه ابنها منها فجاء القديس وشفي الملك وكرز له ولمن حوله وقام بتعميد الكثيرين . أقام الملك كنيسة في موضع إستشهاد أبنيه ، وحفظ فيه جسديهما . وعاد القديس متى إلى جبله حيث مات بعد أيام .

   قيل ، بإرشاد من القديس مار متى شَيّدَ الوالي قبة على المكان الذي انشقت فيه الأرض وابتلعت أشلاء الشهداء ( مار بهنام وأخته سارة ورفاقه الأربعين ) وتسمى تلك البقعة ( معبد الجب ) وهي قائمة إلى اليوم .

    بعد بضع سنين شُيّدَ دير مهم على أسم مار بهنام بجانب معبد الجب عُرِفَ ب ” دير الجب “ أو ” دير مار بهنام “ أو ” دير الخضر “ ويقع جنوب مدينة الموصل على بعد خمسة وثلاثين كم ، صار كرسياً أسقفياً في القرن السادس عشر . وفي عام 1839 صار بيد السريان الكاثوليك وذلك بمساعدة القنصل الفرنسي في الموصل ، وهو عامر إلى اليوم ، وآثاره نفيسة .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!