قصة إيمانية “إنه ألله”

الكاتب: بطرس آدم
أنه الله
now that’s god

 ترجمة الشماس بطرس آدم
    عن كاتب مجهول
 
كان واحداً من أكثر أيام السنة حرارةً وجفافاً ، لم ينزل المطر منذ شهر تقريباً ، بدأت المحاصيل الزراعية بالذبول ، ونشف الحليب من ضرع الأبقار ، جداول المياه جفّت ، وكان موسم الجفاف هذا يهدد الكثير من المزارعين بالأفلاس .
كان زوجي وأخوته يبذلون جهوداً شاقّة للحصول على المياه للحقول ، وأخيراً تم حلّ جزء من المشكلة بتعبأة سيارات الماء من محطة المياه القريبة ، ولكن تقنين توزيع المياه في المحطة عقّد الأمور ، فأذا لم تنزل الأمطار فسوف نفقد كل شيئ .
في هذا اليوم الذي تعلّمت درساً حقيقياً للمشاركة وكان كمعجزة حقيقية رأيتها بعيني … كنت في المطبخ أهيئ الغداء لزوجي وأخوته حينما رأيت أبني ( بيللي ) البالغ من العمر ستة أعوام يسير نحو الغابة ، لم يكن سيره كالمعتاد ، ولكن بخطوات ثابتة وكبيرة ، وكان واضحاً أنه يبذل جهداً كبيراً ليجعل نفسه جاداً في الوصول الى هدفه ، بعد دقائق أختفى في الغابة ، ومن ثم عاد راكضاً نحو البيت ثانية ،رجعت الى عملي في تهيأة الساندويجات  وأنا أعتقد بأنه مهما كانت المهمة في خياله ، فقد أنتهى منها . بعد لحظات رأيته يسير ثانية بأتجاه الغابة في نفس الخطوات الثابتة ، تكررت العملية لأكثر من ساعة ، السير واثقاً نحو الغابة ، والركض راجعاً نحو البيت .
أخيراً لم أستطع الأنتظار أكثر فتسللت خارج البيت وتبعته في رحلته ( وهو الحريص على عدم رؤيته في ما يقوم به ) ، كان قد عمل من كفّيه الصغيرين على شكل وعاء  وهو يسير باذلاً جهداً كبيرا لألاّ ينسكب الماء من كفيه الذي بمجمله لم يكن أكثر من أثنين أو ثلاثة ملاعق طعام من الماء يحملها بيديه الصغيرتين ، تسللت أقرب اليه في الغابة وكان يسير غير مبالياً  من أغصان الأشجار التي تضرب وجهه كأنما كان لديه هدف أسمى ، وعندما أنحنيت لأتجسس عليه رأيت ما أذهلني .
عدد كبير من الغزلان أمامه ، ووعل كبير قريب منه ، حاولت أن أصرخ به وأحذّره من الوعل ولكن الوعل لم يعره أنتباهاً ولم يصدر عنه أيّة عدوانية ، وحتى لم يتحرك عندما ركع (بيللي) بالقرب منه ويقرّب يديه الى فم وعل صغير ممدد على الأرض يعاني من الحر والجفاف يرفع رأسه بصعوبة ليشرب كمية الماء من يد بيللي ، وعندها نهض بيللي راكضاً نحو المنزل أختبأت أنا خلف شجرة .
سرت خلفه عائدين الى البيت ، وأتجه بيللي الى حنفية البيت التي كانت مقفلة ، فتحها بيللي وبدأ الماء ينزل في كفّيه وهو راكع وكانت الشمس قد مالت نحو الأفق ، ( كنت قد وبّخته في وقت سابق حينما رأيته فاتحاً حنفية الماء والماء يسير هدراً وقد يكون ذلك السبب في عدم أخباره لي بأخذ الماء الى الوعل الصغير ) وأستغرق الأمر دقائق ليملأ كفّيه مرة أخرى وحالما وقف وأستدار ليذهب الى الغابة كنت واقفة أمامه .
أمتلأت عينيه الصغيرتين بالدموع وهو يقول ” أني لا أبذّر الماء ” كان ذلك كل ما قاله وهو يسير نحو الغابة ، لحقت به ومعي وعاء صغير من الماء من المطبخ ، تركته يسير الى الوعل الصغير وبقيت بعيدة عنه لأنه عمله هو ، وقفت على حافة الغابة وأنا أراقب أجمل قلب عرفته على الأطلاق ، لم أصادف جهداً كهذا يُبذل في سبيل أنقاذ حياة كائن آخر ، وحالما بدأت دموعي تتساقط  وتتساقط …. نظرت الى السماء التي أسقطت دموعها أيضاً على شكل أمطار غزيرة ، وشعرت وكأنما كان الله يبكي … ولكن بكاء الفرح  .
ربما سوف يقول البعض أن ما حصل كان مجرد صدفة ، وكان المطر سوف ينزل في كل الأحوال ، ولكني لا أتفق مع ذلك ، ولا أؤمن بأي تفسير سوى أن الأمطار التي نزلت في ذلك اليوم قد أنقذت حقولنا ، تماماً كما أنقذ طفلي الصغير حياة الوعل الصغير.
أنا لا أعلم أن كان أحد ما يقرأ هذا ، ولكني كتبته في ذكرى طفلي الجميل بيللي الذي أُخِذَ مني سريعاً ، بعد أن أراني وجه الله الحقيقي ………. 
 ..