آراء متنوعة

هل نحن في عصر انحدرت فيه أخلاقيات مهنة التعليم

دنيا الحيالي

إنَّ مهنة التعليم مهنة راقية سامية، تُعطي قدسية عالية لمن يزاولها، مَنْ مِنَّا لا يحفظ قصيدة أحمد شوقي التي مطلعها:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

عجباً للزمان الذي نحن فيه، وللأمور التي نسمعها ونراها، فعلاً تجعل الولدان شيباً، ففي الفترة الأخيرة بدأ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يُسلطان الضوء على ظاهرة الانحلال الأخلاقي والشذوذ الذي يُعاني منه بعض الأساتذة والدكاترة الجامعيين وظاهرة ت*حر*شهم – ببناتهم الجامعيات – وتعمدتُ استخدام لفظة الابنة بدل الطالبة؛ لأنها بمقام الابنة أو الأخت والأمانة التي ارسلوها أهلها ووضعوها في رقبة المؤسسة التعليمية ومنتسبيها، لتتعلم وتقتدي وتبني جيلاً صحيحاً، فمِنْ واجب الاستاذ والدكتور – المهني والأخلاقي- الحفاظ على عرضها وشرفها كما يُحافظ على عرضه وشرفه، ولا يستغل مهنته – السامية الراقية التي أعطته قدسية وحصانة- ليعبث بشرف الناس ويبتزهم…تشيب عقولنا عندما نسمع عن عميد ودكتور جامعي يمشي بثيابه الداخلية في أرجاء الكلية ويُمارس رغباته الدنيئة مع الطالبات أو الموظفات كما صرح ولم يُعاقبه القانون واكتفتِ الدولة بمجرد فصله وعزله عن منصبه، والسؤال الذي نطرحه هنا :هل هذا عقاب كافٍ ورادع لكل من تسول له نفسه استغلال منصبه لأغراض دنيئة وشاذة؟!.
ألم يُسء هذا الرجل إلى سمعة جامعة البصرة عامة وكلية الحاسوب خاصةً، ونسمع أيضاً عن أستاذ التاريخ العثماني في جامعة المستنصرية/ كلية الآداب /قسم التاريخ، والفيديو الفاضح الذي صورته له إحدى طالباته المشرف عليهن في دراسة الماجستير، واستغلاله لمهنته واشرافه في ابتزاز الطالبات لعمل علاقات غير شرعية معهن، وابتزازه المادي – النقود- للذكور أثناء إشرافه عليهم أيضاً، ألم يعترف بلسانه صراحة كما ذكر الصحفي طامي المجمعي في لقاء تلفزيوني على قناة البغدادية/ستوديو التاسعة…؟!
أين القانون من ذلك، لماذا لم يُجَرَّم هذا الأستاذ لاستغلاله مهنة التعليم والإشراف على الطلبة وإهانته لهذه المهنة بفعله المشين هذا؟!. وفوق هذا عندما يُستدعى للتحقيق يقول فيما معناه :حرية شخصية، وهذا بيتي مو بالجامعة…
لا يسعني إلا أن أقول على قولة المثل العراقي: عاقل يحجي ومجنون يسمع، وهم نزل وهم يدبج على السطح…!!!
أنا استغرب من قذارة ووقاحة هذا الأستاذ الذي أساء إلى مهنته السامية واستغل إشرافه بطرق غير شرعية وفوق هذا بكل بجاحة وقلة حياء وموت ضمير يقول :هذه حرية شخصية… دعوني أقول لكم: أنكم فاهمين موضوع الحرية الشخصية بشكل خاطئ و مغلوط، لأن الحرية هي أن تمارس حريتك بشكل غير ضار بالآخرين ، أمَّا أنك تبتز وتعتدي على شرف العالم، فاسمحلي هذه وقاحة منك واستهتار شخصي، يجب على القانون أن يضع حداً لمثل هذه الأفعال، ولا يكون عقاب هذه الفئة مقتصراً على الفصل والايقاف عن العمل، بل السجن لمدة لا تقل عن العشرين عاماً ؛ لأنهم اساؤا لشرف المهنة واخلاقياتها وسولتْ لهم أنفسهم الاستهتار والتطاول على شرف الناس واستغلالهم بابشع الطرق وهذه ج#ريم*ة يجب أن يُحاسِب عليها القانون، وأن يكون صارماً في ذلك… ويجعل هذه الفئة الشاذة عبرة لكل من تُسول له نفسه، نحن بحاجة إلى أن يُشجع المجتمع والقانون كل من تتعرض لكهذا مواقف في أن تلجأ للقانون والسلطات المعنية في ذلك، وتشريع يحمي الطالبات في مثل هكذا مواقف، ولا يقف ضدهن المجتمع أو القانون ويهضم حقهن بل يكون منصفاً لهن؛ لأنه وببساطة ما خفي كان اعظم وإن لم تُفضح هذه الفئة ستستفحل وتصبح كالسوسة تنخر في المجتمع والتعليم وتهد أركانه.
ومن هذا المنطلق اسأل “التعليم الجامعي إلى أين؟” ،هل ما نعيشه ونسمعه اليوم هو انحدار وانحلال أخلاقي يصيب الأوساط التعليمية؟!.هل القدسية الزائدة التي أعطتها الدولة والمجتمع لمن يمتهن مهنة التعليم العالي لها آثار سلبية إلى حدٍ لا يستطيع العقل تصوره ؟!. هل نحن بحاجة إلى تشكيل لجان وهيئات إشراف تتابع وضع التعليم العالي وسلوكيات منتسبيه في العراق؟!.
هل غاب عن فكر هؤلاء أنَّ المؤسسات التعليمية تقوم على الاخلاق، وإنه واجب من واجباتهم المهنية فيها، وإنَّ التعليم هو من يبني الأجيال والمجتمعات، أهكذا تُبنى الأجيال والمجتمعات؟ أين هم من قول الشاعر:كاد المعلم أن يكون رسولا، وبماذا يكون اجيبوني من فضلكم ؟!.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!