مقالات سياسية

الوطنية العراقية العرجاء (4)!!

الكاتب: ناصر عجمايا

الوطنية العراقية العرجاء (4)!!

منصور عجمايا
هكذا تتوالى الأحداث الدامية في العراق قبل وبعد نهاية حرب الكويت ، بعد دمار الجيش العراقي وفقدان جبروته وحنكته وأساليبه التعبوية الخاصة في أدارة المعارك المتعددة والمتنوعة ، منذ تأسيسه في 6كانون الثاني ، الذي تطور أدائه تدريجياً ليحتل الرقم الخامس من بين الجيوش العالمية ، منسحباً من الكويت بهزيمة كبرى أمام الجيوش المتحالفة بقيادة امريكا ، حتى وصلت قوات التحالف على مشارف بغداد بحدود 50 كم من الأتجاه الجنوبي .
محدثةً أنتفاضة شعبية عارمة بدأت شرارتها من ساحة سعد محافظة البصرة في آذار عام 1991لتتوسع جنوباً وحتى شماله ، لتسقط غالبية المحافظات الجنوبية والشمالية بأستثناء الموصل وبغداد والرمادي وصلاح الدين ، تلك الثورة الشعبية التي قمعت بالحديد والنار من قبل رأس النظام الصدامي بما تبقى من القوات المحافظة على رأس السلطة من الحرس الجمهوري ، أمام أنظار العالم أجمع دون أن يحرك ساكناً بالضد من النظام ، ليق*ت*ل ويدمر كل معارض يتحدى نظامه الدكتاتوري الأرعن.
معاداة النظام الصدامي للقوى الوطنية:
ليس غريباً على أحد ممارساة وأفعال النظام البعثي الصدامي الجائر ، بالضد من كل ما هو وطني تقدمي أنساني متطلع نحو الحرية الأنسانية المطلوبة من النفس البشرية ، ليحكم عليها بالق*ت*ل والسجن والأعتقال الكيفي والمزاجي غالباً بوشاية غير صحيحة ولا سليمة ، أو لمجرد ذلك الأنسان المتطلع ينطق الحق بضمير حي ، ليكون في خبر كان حتى في الخلافات العائلية نفسها ، ليصبح رب الأسرة ضحية النظام الأستبدادي الفاشي لممارساة وافعال خاطئة مزاجية عصبية وشائية ، ليفقد الأنسان وجوده وصيرورة حياته بواقع رخيص جداً تشمأز له النفس البشرية من ممارساة وقمع وجور لا يحتمل ، بأساليب قذرة مدانة ومستنكرة لأبسط حقوق الأنسان والأنسانية.
وفق هذا النظام والحالة المستبدة القاسية الهوجاء ، نشأ كرد فعل لشباب وطني متطلع نحو فكر تقدمي سياسي متطور ، لا تروق له هكذا وضع مشين خارج عن روح الأنسان والأنسانية ، ملتحقاً بالحركة الوطنية العراقية من مختلف القوى السياسية العراقية وخصوصاً الشيوعيون والوطنيون الديمقراطيون والقوميون وحتى جناح من البعث ، الى جانب الحركة الكردستانية التحررية بمختلف الفصائل (أوك وحدك وحسك) ليكونوا جميعاً في خندق قتالي واحد بالضد من السلطة البعثية الصدامية ، ليشتد القتال ويتواصل منذ عام 1975 ولغاية 1988 لنهاية تلك الحركة الوطنية التحررية في مواقعها الكردستانية ، بعد الأنفال السيئة الصيت التي مورست من قبل النظام ، بكل عن*فية ار*ها*بية قامعة للشعب وبالضد من كل ما هو وطني تقدمي ديمقراطي ، مكرراً أستخدام جميع الأسلحة المتيسرة والمحرمة دولياً بما فيها الكيمياوي ، الذي أستخدمه النظام في منطقة زيوة عام 1987 مستهدفاً تحديداً مقر الحزب الشيوعي العراقي بحصيلة شهيدين وعشرات الجرحى والمصابين فيما بعد ، وتكررت الضربة الكيمياوية للنظام الدموي عام 1988 في حلبجة مستشهداً فيها أكثر من خمسة آلاف من أبناء المدينة الشهيدة حلبجة ، فتم نزوح غالبيتهم الى ما وراء الأراضي العراقية لاجئين الى تركيا وأيران وسوريا ، ومن هناك الى بلدان الشتات في أوروبا وأستراليا وأمريكا وكندا وبقية دول العالم ، وبهذا تكون الحركة الوطنية العراقية متكأة على سند معين ساندةً  تواجدها ، ومن ثم معالجة جروحها وتجبير وكسورها حتى تنتعش من جديد ، ليخسر الوطن الآلاف من العناصر الثقافية الوطنية التقدمية الحريصة على العراق وشعبه ، كونها تملك خبرات كبيرة وفريدة علمية وتقنية لا يستهان بها في كافة مجالات الحياة.  
مأساة المحافظات الجنوبية:
تحدى النظام وبعن*ف سافل أهل الجنوب المنتفضين ، بجميع قواه الوطنية التقدمية المتطلعة  لحياة حرة كريمة ، تقيه شر القتال الطائش للنظام الهمجي الدكتاتوري المتعطش للدماء والق*ت*ل العمد لمعارضيه وحروبه المتواصلة مع أيران والكويت ، وبالضد من شعبه وخصوصاً الوطنيين الديمقراطيين والليبراليين ، خارجاً منها بهزيمة نكراء ودمار متواصل للجيش والشعب والأقتصاد والحالة الأجتماعية وغياب الجانب السياسي المطلوب لوجود معارضة سلمية توجه النظام للأعتدال بمرونة وحكمة وعقلانية في معالجة الأمور والمستجدات التي ترادف الحالات المعينة لأي بلد كان ، فلم يستجيب النظام حتى لنصائح رفاقه ومؤيديه ومن المقربين له ومن أنظمة مختلفة لمقربيه ، ليفتك بهم متوحشاً في دمارهم وقلعهم من الوجود الى دول العالم المتعددة ، منفرداً بحلمه الخاسر على حساب الشعب والوطن اللذان خسرا الكثير أرضاً ومياهاً لأيران والكويت والسعودية والأردن ، لأكثر من ستة آلاف كم مربع من أراضي العراقي ضمن حدود الدول المشار اليها أعلاه ، حيث كانت مساحة العراق جغرافياً قبل البعث الصدامي 444.444 كم مربع ، لتصبح الآن في ظل حكومة صدام وبسببه ولحد الآن 438.000 ، أي بخسارة أكثر من ستة الف كم مربع سببه الرعونة الصدامية المدمرة للعراق وشعبه من جميع النواحي. فلم تسلم دور المواطنين المعارضين للنظام من تدمير كامل وبما فيهم من البشر وحتى المراقد والحسينيات ، ويقال بأن حسين كامل المقبور تحدى مرقد الأمام الحسين قائلاً (أنت حسين وآني حسين) لتنهال عليه القنابر والصواريخ دون رحمة ولا شفقة ولا أيمان ، مدمراً الموقع وبما فيه من بشر.
كل هذا وذاك أدى الى مغادرة خيرة أبناء وبنات العراق ، وخصوصاً الوطنيون والمثقفون والأكاديميون وأصحاب الكفاءات المتنوعة من أطباء ومهندسين وأداريين والخ ، الى دول الجوار ومن ثم الى دول العالم المتحضر المتمدن أنسانياً ، المبتعد عن الدين والملتزم بنظم العلمانية والتمدن والمدنية والحرية السياسية والفكرية ليعي حقوق الأنسان  كمواطن له حقوق وعليه واجبات ، على أساس العيش الرغيد دون تفرقة بين هذا وذاك ، بعيداً عن الدين والطائفة والهجر الجغرافي والتخلف والجهل الفكري لمختلف الأقطار والمناشيء ، ليعيشوا بأمن وأمان وسلام وحرية أجتماعية وشخصية مكفولة للجميع ضمن القوانين العصرية لدول اللجوء.
 (يتبع)
  منصور عجمايا
682005

..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!