مقالات دينية

اقتربت ليلة الميلاد

اقتربت ليلة الميلاد ..♰..♰..♰
تغرق مدينة بيت لحم في ظلام دامس . ليالي لا ضوء فيها برد وشتاء والناس غارقين في نومهم .
يعبر ظلام بيت لحم عن الظلمة العميقة التي عاشتها البشرية بعيدا عن الله بحيث يعجز الفكر البشري عن معاينة السماويات .
اختبأ الناس في البيوت طلبا للدفء والحرارة والنوم فأغلبهم مسافرين من أماكن بعيدة لاذوا بالبيوت والفنادق في هجمات الليل .
يسير عجوز كهل معه خطيبته وهي حبلى وعلى وشك الوضع . يطرقان بابا إثر باب يبحثون عن ملجأ يبيتون فيه ليلتهم .
أُغلقت الأبواب دونهم وتعرضوا لبرد الشتاء والمطر .
لم يدرِ أحد ماذا تحمل المرأة في رحمها ومن هو الجنين الذي هو على وشك الخروج للدنيا .
آه لو علموا لارتجت المدينة والكورة المحيطة بل والأرض كلها .
يا ترى لو عرفوا أن الجنين الذي تحمله تلك المرأة هو العتيق الأيام هو من خلق آدم قديما وهو من أعطى الوعد بالبركة لإبراهيم .
لو عرفوا أن الجنين الذي على وشك الولادة هو من أباد سدوم وعمورة قديما وهو المعطي الشريعة لموسى على جبل سيناء .
لو عرفوا أن الجنين الذي على وشك الخروج هو من تكلم الأنبياء على لسانه منتظرين خلاصه العظيم .
إنه آت متواضعا فقيرا لا يجد له موضعا يسند إليه رأسه .
هو اللابس جسدا بشريا اتخذه من والدة الإله وآتيا لخلاصنا وعتقنا من اللعنة القديمة .
هو نفسه الذي سمع دماء هابيل الصديق تصرخ من الأرض .
هو الذي يُنزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتواضعين
هو المتسربل النور كالرداء رآه أشعيا النبي على كرسي عال ( أشعيا 6 ) وأذياله تملأ الهيكل فصرخ بالويل على نفسه لتلك الرؤيا .
هو نفسه سيأتي ليلة الميلاد ولن يبحث عن بيت يأويه بل يبحث عن قلوب استعدت لمولده وفتحت له الأبواب الموصدة .
هو الذي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار ويعطي ويغدق في العطاء للجياع.
هو المعطي كل حي طعامه في حينه ولا ينسى حتى طيور السماء .
إنه الحب الآتي من سماء السماوات
إنه الآتي بالخلاص والعتق
إنه المدمر لمملكة الشر
إنه الذي بيده مفتاح الحياة والموت
وهو الذي يرتعد منه بوابو الجحيم
إنه الآتي ليؤله البشر لكل من يفتح باب قلبه ليلة الميلاد
إنه الذي تسبحه الملائكة بلا انقطاع
إنه ولو لبس جسدا بشريا إلا أن لاهوته يملأ الكون ويزيد
إنه الجالب السحاب من مياه البحار ويرسلها مطرا فيروي زنابق الحقول
إنه اللابس النور مثل الثوب والمسقف بالمياه قناطر السماء
إنه النار الآكلة للشر والشرير
سيأتي ليلة الميلاد وينادي بملء الصوت
ها أنا ذا واقف على الباب وأقرع
إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي
فمن يسمع صوته الحلو ينادي
في كأسه يمزج الفرح والسرور
ولن ينزع أحد ذلك الفرح من القلب
يملأ الدنيا حبا ودفئا
في ليالي الشتاء الباردة
إني أنتظرك يا ربي الآتي
سأركع ليلة الميلاد خاشعا وأحني ركبة قلبي
عساك تنزع حزني من قلبي
وتمسح دموع غربتي على الأرض
أشتاق للقياك ليلة ميلادك
لأتفرس في عمق حبك لي
أشتاق للنظر في وجهك
وأملأ قلبي من نعيم حبك
لأنك أنت من أحبنا أولا
فأنت كاهن نفوسنا وأسقفها
في ليلة ميلادك
أحمل لك سلام العالم المفقود
أحمل لك حروبا ق*ت*لت عبيدك
أحمل لك تمرد البشر وجحودهم
أريك سادة الظلام وقد استبدوا بالمال والثروة ولو داسوا على الآخرين
أحمل لك أوطانا تشتعل
احمل لك أسلحة الدمار من سوق الأسلحة السوداء
لن يحل السلام الا بأمرك لأنك رئيس السلام
لن ينير ظلمة العالم إلا الذي قال بدئا ليكن نور فكان نور
إليك يا ربي في ميلادك
أُلقي وردة أمام مذودك
وردة تحمل الأمل والألم معا
فهل تنظر في وجهي
أنا غير المستحق ؟
لكني سأسير
ولن أتوقف
سألاقي يوسف ومريم
لا إلى بيتي
بيت نفسي
إنه ساقط مقفر من كل فضيلة
سأقودهم لبيتك
ففيه الدفء
وسيمتلي بيتك بحضورك من غمام المجد
كما امتلأ قديما
حتى لو لم تستمع تضرعي
أيضا سأسير
وأكون معك ليلة ميلادك
فأنا الآن أدركت غزارة رحمتك
فاستجب يا رب تضرعي
في ليلة الميلاد
واغفر لي وارحمني
وارحم عالمك
آمين

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!