اخبار شعبنا المسيحي

“سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك

نعرض لكم متابعي موقعنا الكرام هذا الخبر بعنوان : “سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك  . والان الى التفاصيل.

 

عشتارتيفي كوم- أبونا/

 

“سبِّحوا الله على جميع خلائقه” هو اسم هذه الرسالة، لأنّ الإنسان الذي يدعّي أنه يحلّ محل الله يصبح أسوأ خطر على نفسه”. بهذه الكلمات يُختتم الإرشاد الرسولي الجديد للبابا فرنسيس، الذي نُشر في 4 تشرين الأول 2023، الموافق عيد القديس فرنسيس الأسيزي.

 

استمرار مع الرسالة “كن مسبحًا”

 

نص في استمراريّة مع الرسالة العامة الواسعة “كن مُسبَّحًا” التي صدرت عام 2015.

 

في 6 فصول و73 فقرة، يريد خليفة بطرس أن يحدد ويكمّل ما أكّده في النص السابق حول الإيكولوجيا المتكاملة، وفي الوقت عينه أن يُطلق إنذارًا ودعوةً إلى المسؤولية المشتركة إزاء حالة الطوارئ المتعلقة بالتغير المناخي، قبل فوات الأوان.

وينظر هذا الإرشاد الرسولي بشكل خاص إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ الذي سيعقد في دبي بين نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأول. ويكتب الحبر الأعظم: “مع مرور الوقت، أدرك أنّ ردود الفعل ليست كافية، والعالم الذي يرحّب بنا ينهار، وربّما يقترب من نقطة النهاية” و”لا شكّ أنّ تأثير التغيّر المناخيّ سيلحق ضررًا متزايدًا بحياة أشخاص كثيرين وعائلات” (2)، وإنّه “أحد التحدّيات الرئيسيّة التي يجب على المجتمع والأسرة الدوليّة أن تواجهها” و”الذي يقع ضحيّة تغيّر المناخ هم أكثر النّاس فقرًا وضعفًا، سواء في الوطن أم في جميع أنحاء العالم” (3).

 

 

 

 

أزمة المناخ العالميّة

 

يُخصّص الفصل الأول للأزمة المناخية العالميّة.

 

يوضّح: “بقدر ما يحاولون إنكار أو إخفاء أو تمويه أو إضفاء الطّابع النّسبي على تغيّر المناخ، فإنّ علامات تغيّر المناخ موجودة، وتزداد وضوحًا يومًا بعد يوم”. ويلاحظ كيف “شهدنا في السنوات الأخيرة أحداثًا شديدة: فترات متكرّرة من الحرارة غير العاديّة والجفاف وغيرها من الشّكاوى، التي تئنّ بها الأرض”، “مرض صامت يؤثّر علينا جميعًا. كذلك، يؤكّد أنّه “من الممكن التحقّق من أنّ بعض التغيّرات المناخيّة التي يسبّبها الإنسان تزيد بشكل كبير من احتمال حدوث ظواهر شديدة استثنائيّة تتكرّر وتزداد خطورة”.

وإذ ذكّر أنه إذا “تجاوزت الحرارة درجتين مئويّتين، فإنّ الغطاء الجليدي في غرينلاند وجزءًا كبيرًا من القارّة القطبيّة الجنوبيّة سوف تذوب بصورة تامّة، وسيكون لها عواقب هائلة وخطيرة للغاية على الجميع” (5)، يجيب قداسته على الذين يقللون من تأثير التغير المناخي “أنّ ما يحدث اليوم هو تسارع غير عادي في ارتفاع درجات الحرارة، بسرعة ويكفي جيل واحد لذلك، ولسنا بحاجة إلى قرون أو آلاف السنين”. وبالتالي “ربما في غضون سنوات قليلة سيضطرّ العديد من السكان إلى نقل منازلهم بسبب هذه الأحداث” (6). كذلك، فإنّ ارتفاع درجات الحرارة هي “ليست سوى تعبيرات بديلة مختلفة، للسبب نفسه” (7).

 

ليس ذنب الفقراء

 

وفي محاولة لـ”تبسيط الواقع”، يكتب البابا فرنسيس، “يوجد من يلوم الفقراء لأنّ لديهم الكثير من الأطفال، بل ويحاولون حلّ المشكلة بتشويه النّساء في البلدان غير النامية. وكما هو الحال دائمًا، يبدو أنّ الخطأ يقع دائمًا على الفقراء. ولكن الحقيقة هي أنّ نسبة مئويّة منخفضة، وهي الأغنى، من سكان العالم، تسبّب تلوّثًا أكثر من 50% من سكّان العالم الفقراء، وأنّ نسبة الانبعاثات للفرد الواحد في البلدان الغنيّة هي أعلى بكثير منها في البلدان الفقيرة. وكيف يمكننا أن ننسى أنّ أفريقيا، التي تضمّ أكثر من نصف أفقر النّاس على هذا الكوكب، هي سبب فقط عن جزء صغير من الانبعاثات التّاريخيّة؟ (9).

ويسلط الضوء على موقف الذين يقولون إنّ الجهود للتخفيف من التغير المناخي عن طريق تقليل استخدام الوقود الأحفوري “ستؤدي إلى انخفاض فرض العمل”. إنّ ما يحدث في الواقع هو “أنّ الملايين من النّاس يفقدون وظائفهم بسبب العواقب المختلفة لتغيّر المناخ: ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والعديد من الظّواهر الأخرى التي تؤثّر على الكوكب، ما سبّب أنّ الكثيرين صاروا حيارى لا يدرون ماذا يعملون”. فيما أنّ “التّحوّل نحو أشكال الطاقة المتجدّدة، إذا تمّت إدارتها بشكل جيّد.. قادرة على توليد عدد لا يحصى من فرص العمل في مختلف القطاعات. وهذا يتطلّب أن يهتمّ الآن السياسيّون ورجال الأعمال بهذه الظاهرة” (10).

 

عوامل بشرية لا جدال فيها

 

ويقول: لم يعد من الممكن الشكّ في الأصل البشريّ ”الإنسانيّ“ في تغيّر المناخ.

 

“بقي تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.. مستقرًّا حتى القرن التاسع عشر.. ولكنه في الخمسين سنة الماضية تسارعت الزّيادة بشكل ملحوظ” (11). في الوقت نفسه، “ارتفعت درجة الحرارة في الخمسين سنة الماضية بسرعة غير مسبوقة، لم يكن لها مثيل في الألفي سنة الماضية. وفي هذه الفترة كان الاتّجاه نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 0.15 درجة مئويّة في كلّ عقد، وهو ضعف ما حدث في السّنوات الـ150 الماضية.. وبهذا المعدّل، من الممكن أن نصل في غضون عشر سنوات إلى الحدّ الأقصى العالميّ الذي يمكن أن نريده لدرجات الحرارة وهو 1.5 درجة مئويّة” (12).

وسينتج عن ذلك زيادة حموضة البحار وذوبان الجليد. إنّ الرابط بين هذه الأحداث وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لا يمكن إخفاؤه. “وتؤيّد الغالبيّة العظمى من علماء المناخ هذه العلاقة، مع وجود نسبة ضئيلة منهم التي تنكر هذه الأدلة”. “من المؤسف أنّ أزمة المناخ ليست بالضّبط قضيّة تهمّ القوى الاقتصاديّة الكبرى، المعنيّة بأعلى إيرادات بأقلّ تكلفة وفي أقصر وقت ممكن” (13).

 

نحن في الوقت المناسب لكي نتجنب المزيد من الأضرار الجسيمة

 

“أنا مجبر على تقديم هذه التوضيحات التي قد تبدو بديهية، وذلك بسبب بعض الآراء الازدرائيّة وغير العاقلة التي أجدها حتى داخل الكنيسة الكاثوليكيّة”. ومع ذلك، “لم يعد بوسعنا أن نشكّ في أنّ السبب وراء السرعة غير العاديّة لهذه التغيّرات الخطيرة هو حقيقة لا يمكن إنكارها: وهي التطوّرات الهائلة نتيجة التدخّل البشري الجامح في الطبيعة” (14). ولكن لسوء الحظ، فإن بعض مظاهر هذه الأزمة المناخيّة لا يمكن عكسها لمئات السنين على الأقل، في حين أنه “لا يمكن عكس ذوبان القطبين لمئات أو آلاف السنين”. “لكن ما زال لدينا الوقت لتجنّب المزيد من الأضرار المأساويّة” (16).

ويكتب: “تبدو بعض التشخيصات الرؤيويّة غير معقولة أو غير مبنيّة على أسس كافية” (17). ولكن “هذا ينبغي ألّا يدفعنا إلى أن نتجاهل” ما سيحدث. “ولذلك، إنّا نحتاج بصورة مُلِحّة إلى رؤية أوسع.. لا شيء يُطلب منّا سوى بعض المسؤوليّة، تجاه الميراث الذي سنتركه بعد مرورنا في هذا العالم” (18). وإذ يُذكر بخبرة جائحة كوفيد-19، يكرّر قداسته: “كلّ شيء مترابط، ولا أحد يَخلُصُ وحده” (19).

 

النّموذج التّكنوقراطيّ المتنامي

في الفصل الثاني يتحدّث البابا عن النموذج التكنوقراطي الذي “يقوم على التفكير كما لو أن الواقع والخير والحقيقة يولدون تلقائيًا من قوة التكنولوجيا والاقتصاد نفسها” (20)، و”يتغذى من نفسه بشكل وحشي” (21)، استنادًا إلى فكرة الإنسان الذي لا حدود له.

يقول: “لم يسبق للبشرية أن امتلكت هذا القدر من السلطة على نفسها، ولا شيء يضمن أنها ستستخدمها بشكل جيد، لاسيما إذا نظرنا إلى الطريقة التي تستخدمها بها… إنّها مغامرة كبرى وهي في يد جزء صغير من البشريّة” (23). ولسوء الحظ، كما تعلمنا القنبلة الذرية أيضًا، فإن “النمو التكنولوجي الهائل لم يرافقه تطوّر في الإنسان وفي حسّ المسؤوليّة والقيم والضمير” (24).

ويجدّد البابا التأكيد على أن “العالم من حولنا ليس موضوعًا للاستغلال، أو الاستخدام غير المحدود، أو الطموح غير المحدود” (25). ويذكّر أيضًا أنّنا مندمجون في الطبيعة، و”هذا يستبعد الفكرة أن الإنسان غريب، وأنّه عامل خارجي يستطيع فقط أن يضرّ بالبيئة. إنّ حياة الإنسان وعقله وحرّيته جزء من الطبيعة” (26)؛ “إنّ المجموعات البشرية غالبًا ما «خلقت» البيئة” (27).

 

الانحطاط الأخلاقي: التسويق والمعلومات الزائفة

“لقد حقّقنا تقدمًا تكنولوجيًا باهرًا ومنذهلاً، ولم ندرك أنّنا في الوقت نفسه أصبحنا كائنات شديدة الخطورة، قادرة على أن تعرّض للخطر حياة العديد من الكائنات وتهدِّد بقاءنا نفسه” (28). “يختفي الانحدار الأخلاقيّ للسّلطة الواقعيّة تحت قناع التّسويق والمعلومات الكاذبة، وهي آليّات مفيدة في أيدي الذين لديهم وسائل أكبر للتّأثير من خلالها على الرّأي العام”. وبمساعدة هذه الآليات، يتم إيهام سكان المناطق التي يريدون أن ينفِّذوا فيها مشاريع ملوِّثة بأنهم يمكنهم خلق فرص اقتصادية ووظائف، لكن لا يُقال لهم بوضوح أنه نتيجة لهذا المشروع ستصبح “أرضًا مدمرة” مع ظروف حياة غير مستقرة (29).

“إنّ منطق تحقيق أقصى قدر من المنفعة بأقلّ تكلفة، ثمّ يُقنّع بقناع العقلانيّة والتّقدّم والوعود الوهميّة، وذلك يجعل من المستحيل أيّ اهتمام صادق بالبيت المشترك وأيّ اهتمام بالمهمّشين في المجتمع”.. وإذ ينسحرون أمام وعود الكثير من الأنبياء الزائفين، يقع الفقراء أحيانًا في خداع عالم لا يُبنَ من أجلهم” (31). هناك “هيمنة الذين وُلِدوا بظروف تنموية أفضل” (32). وبالتالي يدعوهم البابا فرنسيس لكي يسألوا أنفسهم، “أمام الأبناء الذين سيدفعون ثمن أفعالهم” (33)، عن معنى حياتهم.

 

ضعف في السياسة الدوليّة

في الفصل الثالث، يتناول البابا موضوع ضعف السياسة الدولية، ويصر على ضرورة تعزيز “الاتفاقيات المتعددة الأطراف بين الدول” (34). ويشرح أنه عندما يتعلق الأمر بإمكانية وجود أي شكل من أشكال السلطة العالمية التي تحكمها القوانين، “لا يجب بالضرورة أن نفكّر في سلطة شخصية” وإنما في “منظمات عالمية أكثر فعالية، مزودة بسلطة لضمان الخير العام العالمي، والقضاء على الجوع والفقر والدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية بشكل أكيد” (35). ويقول إنّ هؤلاء يجب أن “يتمتعوا بسلطة حقيقية لـضمان تحقيق بعض الأهداف الأساسية التي لا يمكن التخلي عنها”.

ويستنكر البابا أن “تُضيَّع الأزمات العالمية فيما يمكنها أن تكون فرصة لإحداث تغييرات إيجابية. هذا ما حدث في الأزمة المالية لعام 2007-2008، وتكرّر في أزمة فيروس الكور*و*نا”، واللتان أدتا إلى “زيادة الفردانية وادماج أقل وحرية أكبر للأقوياء الحقيقيين، الذين يجدون دائما وسيلة للخروج سالمين” (36). “يبدو أن التحدي اليوم ليس فقط إنقاذ النظام العالمي المتعدد الأطراف القديم، وإنما إعادة تشكيله وإعادة إنشائه في ضوء الوضع العالمي الجديد” (27)، مع الاعتراف بأن العديد من تجمعات ومنظمات المجتمع المدني تساعد في تعويض ضعف المجتمع الدولي. ويستشهد البابا في هذا السياق بعملية أوتاوا حول الألغام المضادة للأفراد التي تُظهر كيف أن المجتمع المدني يخلق ديناميكيات فعالة لا تحققها الأمم المتحدة.

 

إعادة صياغة التعدديّة

إنَّ ما يقترحه البابا فرنسيس هو “تعددية أطراف من الأسفل” وليس مجرد قرارات تتخذها النخب الحاكمة… من المتوقع أن يحدث ذلك فيما يتعلق بالأزمة المناخية. “ولهذا السّبّب أكرّر أنّه إذا لم يراقب المواطنون السلطة السياسيّة، الوطنيّة والإقليميّة والبلديّة، فلن يكون من الممكن السّيطرة على الضرّر البيئيّ أيضًا” (38).

وبعد التأكيد على أولويّة الإنسان، يشرح البابا فرنسيس متحدثًا عن الكرامة الإنسانيّة في جميع الظروف، وبأنّ “الأمر لا يتعلّق باستبدال السياسة، بل بالاعتراف بأنّ القوى الناشئة أصبحت ذات أهمية متزايدة”. “وبما أنّ الحلول للمشاكل يمكن أن تأتي من كلّ بلد، مهما كان صغيرًا، كلّ ذلك في النّهاية يؤدّي إلى تقديم التّعدّديّة على أنّها مسار لا مفرَّ منه” (40).

لذا هناك حاجة لـ”إطار مختلف للتعاون الفعّال. ولا يكفي التّفكير في توازن القوى، بل يجب أيضًا التّفكير في ضرورة الاستجابة للتّحديّات الجديدة والرّد عليها بآليّات عالميّة” (42). ” كلّ هذا يفترض إيجاد طرق جديدة لاتّخاذ القرار”؛ نحتاج إلى “مساحات للحوار والتّشاور والتّحكيم وحلّ النّزاعات والإشراف، وفي نهاية المطاف نوع من ”الدّيمقراطيّة“ العليا على السّاحة العالميّة تستوعب وتعبّر عن المواقف المختلفة. ولن يفيدنا بعد الآن إبقاء المؤسّسات للحفاظ على حقوق الأقوى دون الاهتمام بالجميع (43).

 

مؤتمرات حول المناخ.. التقدّم والإخفاقات

في الفصل الرابع، يصف البابا المؤتمرات المختلفة حول المناخ التي عُقدت حتى الآن.

يشير إلى مؤتمر باريس، الذي دخلت اتفاقيته حيز التنفيذ في تشرين الثاني 2016، ولكن “وعلى الرّغم من أنّها اتفاقيّة ملزمة، إلّا أنّ كلّ المتطلّبات فيها غير ملزمة، بالمعنى الدّقيق للكلمة، وبعضها يترك مجالًا لحرّيّة أكبر” (47)، كما أنّه لا توجد عقوبات حقيقيّة للالتزامات التي لم يتم الامتثال لها، ولا توجد بنى فعالة تضمن التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، ” ما زال العمل جاريًا لتمتين الإجراءات العمليّة للمراقبة، وتثبيت معايير عامّة تسمح بالمقارنة بين تحقيق الأهداف في مختلف البلدان” (48).

كما يشير إلى خيبة أمله من المؤتمر الذي عقد في مدريد عام 2019، ويذكر بأن مؤتمر غلاسكو عام 2021 أعاد إطلاق أهداف مؤتمر باريس، مع العديد من “التوصيات”، ولكن “أخفقت المقترحات الرّامية إلى ضمان التّحوّل السّريع والفعّال إلى أشكال بديلة تسبّب تلوُّثًا أقلّ” (49). كما يشير إلى أنّ المؤتمر الذي انعقد في مصر سنة 2022 يمثّل “مثالًا آخر على صعوبة المفاوضات”، وعلى الرغم من أنه أحدث “تقدّمًا واحدًا على الأقلّ في تثبيت نظام التمويل ”للخسائر والأضرار“ في البلدان المتضرّرة أكثر من غيرها من الكوارث المناخيّة”، إلا أنّ نقاط عديدة ظلّت غير دقيقة، وخاصّة المسؤوليّة العمليَّة للبلدان التي عليها أن تساهم” (51).

وخلص البابا في هذا الفصل إلى القول بأنّ “المفاوضات الدّوليّة لا يمكن أن تتقدّم بشكل كبير بسبب مواقف الدّول التي تعطي الأولويّة لمصالحها الوطنيّة على الصّالح العام العالميّ. والذين سيعانون من النّتائج التي نحاول إخفاءها اليوم سيتذكّرون غياب الضّمير وحسّ المسؤوليّة الذي نعمل به اليوم” (52).

 

ما هو المتوقّع من مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) في دبي؟

وبالنظر إلى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) يكتب البابا فرنسيس “إنّ القول بأنّ لا شيء ينبغي لنا أن نتوقعه من هذا المؤتمر هو بمثابة إلحاق الضّرر بالذات، لأنّه يعني تعريض البشريّة جمعاء، وخاصّة أفقر البلدان، إلى أسوأ التّأثيرات المترتّبة على تغيّر المناخ” (53).

ويضيف “لا يسعنا إلّا أن نحلم بأن يؤدّي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون إلى تسريع ملحوظ في التّحول في مجال الطّاقة، مع التزامات فعّالة وقابلة للمراقبة الدّائمة. ويمكن لهذا المؤتمر أن يكون نقطة تحوّل (54). ويشير إلى أنّ “التّحوّل المطلوب نحو الطاقات النظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسيّة، والتخلي عن الوقود الأحفوري، لا يتمّ بالسرعة اللازمة. وبالتالي، فإنّ ما يتمّ القيام به يوشك أن يفسّر على أنّه مجرّد لعبة لتحويل الانتباه” (55). لا يمكننا أن نبحث فقط عن حلٍّ تقني للمشاكل، “نحن نخاطر بأن نبقى عالقين في منطق الترميم أو الترقيع.. في حين أنّنا نستمرّ في تغذية عمليّة التّدهور” (57).

 

وقف النّكات غير المسؤولة

بالتالي يطالب البابا بوقف “النّكات غير المسؤولة التي تقدّم هذا الموضوع على أنّه شيء بيئي فقط، ”أخضر“، رومانسيّ، كثيرًا ما تسخر منه من أجل المصالح الاقتصاديّة. دعونا نعترف أخيرًا أنّها مشكلة إنسانيّة واجتماعيّة، على مستويات مختلفة. ولهذا، المطلوب هو مساهمة الجميع” (58).

أما بخصوص نشاطات بعض المجموعات، والتي يقال بأنّها “متطرّفة”، يشير البابا إلى إنها ” إنّها تستغل فراغًا في المجتمع كلّه الذي يجب أن يمارس ضغطًا صحيًّا في هذه القضيّة، لأنّه على كلّ عائلة أن تعرف أنّ القضيّة هي قضيّة مستقبل أبنائها” (58).

يتمنى البابا من مؤتمر “العثور على طرق ملزمة في تحوّل الطاقة تتميّز بثلاث خصائص: أن تكون فعّالة، وإلزاميّة، ويمكن مراقبتها بسهولة” (59). كما “نأمل أن يكون العاملون في هذا المجال استراتيجيّين قادرين على التّفكير من أجل الصّالح العام ومستقبل أبنائهم، أكثر من اهتمامهم بمصالح ظرفيّة لبعض البلدان أو الشّركات. نأمل أن يُظهروا نُبل السّياسة، وليس ما هو مخجل فيها. أجرؤ على تكرار هذا السّؤال للأقوياء: “لماذا تريدون اليوم الحفاظ على قوّة سيَذكرُها التّاريخ لعجزها عن التّدخل عندما كان ذلك مُلِحًّا وضروريًّا؟” (60).

 

الدوافع الروحيّة

في الختام، يذكِّر البابا أن دوافع هذا الالتزام تنبعث من الإيمان المسيحي ويشجّع “الإخوة والأخوات في الدّيانات الأخرى أن يعملوا الشّيء نفسه، لأنّنا نعلم أنّ الإيمان الحقيقيّ لا يمنح القوّة فقط في قلب الإنسان، بل يغيّر أيضًا الحياة بأكملها، وينير العلاقة مع الآخرين والرّوابط مع كلّ المخلوقات (61).

“إنّ النّظرة العالميّة اليهوديّة-المسيحيّة تدافع عن القيمة الخاصّة والمركزيّة للإنسان في وسط التّناغم الرّائع بين جميع الكائنات”، لأنّ “جميع الكائنات في الكون متّحدة بروابط غير مرئيّة ونحن نشكّل نوعًا من الأسرة العالميّة، شركة سامية تدفعنا إلى احترام مقدّس ومُحِبّ ومتواضع” (67) وهذا “ليس نتاج إرادتنا، بل له أصل آخر هو أصل وجودنا، لأنّ “الله قد وحَّدَنا بشكل وثيق بالعالم الذي يحيط بنا” (68).

ويكتب أن ما يهمّ هو أن نتذكّر “أنّه لا توجد تغييرات دائمة دون تغييرات ثقافيّة، دون نضج في أسلوب الحياة وفي قناعات المجتمعات، ولا توجد تغييرات ثقافيّة دون تغييرات في الناس” (70)، لأنّ “الجهود التي تبذلها الأسر للحدّ من التلوث، والحدّ من النفايات، والاستهلاك بحكمة، تخلق ثقافة جديدة. وإنّ إصلاح العادات الشخصيّة والعائليّة والمجتمعيّة.. يساعد في إحداث تغييرات كبيرة تعمل من أعماق المجتمع” (71).

وختم البابا الإرشاد الرسولي بالتذكير بأنّ انبعاثات الكربون “بالنّسبة إلى الفرد الواحد في الولايات المتّحدة هي الضعف بالنسبة للفرد الواحد في الصين، وسبع مرّات أكثر تقريبًا بالنسبة إلى المعدّل المتوسّط في البلدان الفقيرة”. ويؤكد أنّ “التغيّرات العامّة في نمط الحياة المرتبط بالنموذج الغربيّ، سيكون لها تأثير كبير على المدى الطويل. وهكذا، إلى جانب القرارات السياسيّة الأساسيّة، سنسير على طريق الرّعاية المتبادلة” (72).

 

“سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك

ملاحظة: هذا الخبر “سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك نشر أولاً على موقع (عشتار) ولا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. يمكنك الإطلاع على تفاصيل الخبر كما ورد من (مصدر الخبر)

 

معلومات عن الخبر : “سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك

عرضنا لكم اعلاه تفاصيل ومعلومات عن خبر “سبّحوا الله”.. صدور إرشاد البابا فرنسيس حول تغيّر المناخ والعناية بالبيت المشترك . نأمل أن نكون قد تمكنا من إمدادك بكل التفاصيل والمعلومات عن هذا الخبر الذي نشر في موقعنا في قسم اخبار مسيحية. ومن الجدير بالذكر بأن فريق التحرير قام بنقل الخبر وربما قام بالتعديل عليه اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة تطورات هذا الخبر من المصدر.

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!