عذراً صديقي .. همستك صعبة التصديق
عذراً صديقي .. همستك صعبة التصديق
زيد الحلي
همس في أذني ، بخجل ، فهو يعرف اني لا اصدق من يقول ان هناك ( نية ) لعودة البهاء الى شارع الرشيد ، المكنى بـ»المربع الماسي الثقافي»، ويعتبر قلب بغداد النابض بالإبداع والمعرفة والذكريات ، لكن الصديق « الهامس « اكد همسهُ ان هناك اصرار على البدء بإحيائه .. يا الله !
ومع همس الصديق ، ساح بيّ أمل عريض ، ظل يداعب اجفاني : هل فعلا نرى شارعنا العتيد ، من جديد بحلة الامس الجميل ، حيث العراقة المفتقدة ؟ اعرف ان وراء سؤالي ، اسئلة اخرى : هل الحنين ، ام الذهول ، ام حالة تقدم العمر ، ام الشعور بالعيش بالمكان الخطأ ، هو الذي جعلني اذرف دمعتي كلما اتذكر شارع الرشيد ، واثره في نفوس العراقيين ..
لقد فقد الشارع معالمه التراثية ، ونخشى ان يصبح اثراً بعد عين .. متاجره ( حسو اخوان .. مثالاّ ) التي اشتهرت ببيع الالبسة الراقية تحولت إلى مخازن لبيع العدد الرياضية والمستلزمات الصناعية ، ودهون المركبات ومحال لبيع مولدات الكهرباء..
استذكر الان صالات السينما حيث كانت منتشرة في هذا الشارع الحبيب ، ومقاهيه الراقية ( البرازيلية ) ومطاعمه الفخمة ( عمو الياس ) و»اورزدي باك» أول (سوق مركزي) في الشرق الأوسط « ومكتبة مكنزي « احدى حواضر العراق الثقافية ، ومحل الخياط الشهير « احمد خماس « الذي استبدلناه بـ (خرق) البدلات الصينية ، والمجوهراتي الشهير « زهرون « وذهبه ، بلمعانه الاصيل ، واستعضنا عنه بالذهب البرازيلي ، رخيص الثمن !
وكذلك المطارق التي كنت اسمعها بعذوبة اثناء مرورنا في سوق الصفارين ومشاهدة منتجاته ، وحرفية هذه السوق ، عالية الذوق ، لكن الزمن الحالي ، ردم هذه السوق وحولها الى دكاكين ، فقيرة تعرض السائد من المنتوجات المستوردة.
اين هي عيادات كبار الاطباء ؛ ومحلات ومعارض شارع الرشيد بكل رزانتها ورصانتها وديكوراتها واضويتها في ساعة متأخرة من الليل ، وعلى محيا اصحابها بسمة الود والامل ، وفي ثنايا حديث من نلتقيهم ، نحس معنى الحبور والبشر ،
هذا الشارع ، كان يعج بالناس وتمخر به آخر موديل المركبات ولاسيما التاكسي ، التي كان ممنوعا عليها استعمال المنبه ، احتراما للذوق العام ، لكنه تحول حاليا ، الى شارع خال من الحضارة ، تملؤه العربات التي تجرها الحيوانات ، وباعة الفلافل ، والمعلبات منتهية الصلاحية .. شارع يغمض عينيه عصرا ، وبات يشكو من جرح غائر ، ويعتب على غدر الزمن الذي حوله الى شارع مهجور ، وعتبي على من بيدهم الأمر.. فهم لا يقدرون اهميته التاريخية في حياتنا ..
قلبي معك شارع الرشيد … واتمنى ان يكون همس الصديق .. بشارة خير .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.