عجيب أمور . غريب ؟
محمود الجاف
قال جوزيف غوبلز : ( اكذِب ثُم اكذِب ثُم اكذِب حتى يُصدِقك الناس ) هذا الرجل الذي يُعتبر إسطورة في مجال الحرب النفسية وصاحب نظرية الكَذب المُبرمج الذي يهدف الى تحطيم الخصوم أكد : أن الذي يُسيطر على وسائل الإعلام يَملك القَول الفصل في الحُروب . ومن أقواله أيضا ( كُلما كبُرت الكذبة كلما سَهُل تصديقها ) استطاع من خلال الكَذب أن يسوق في ركابه الى الموت عشرات الملايين من الألمان وأظُنُّهُ لو كان حيًا لصفقَ بإعجاب شديد لعمائم الشياطين الذين اعتمدوا منهجهُ وساروا على طريقه ببراعة مُطلقة . هذه الآلة الضخمة التي سيطر عليها المُعاقون فكريًا تبث اكاذيبها ليل نهار . وبعد ان كانوا أداة لترويج الأوهام، أصبحوا احد اهم معاول الهدم التي يمتلكها النظام العالمي التي حَارب بها الحرية والإستقلال وذبح الشُعوب وسرَق ثَرواتهم . بعد ان أعطوا ورضوا بكل شيء من أجل ان يحصلوا على دور جديد يعيد لهم سطوتهم على كل شبر من أرض المُسلمين والعرب وكانت أولى مهامهم هدم الدين وكل القيم، ونشر الجهل والشرك والأفكار الهدَّامة والرذيلة والمُخدرات والج#ريم*ة المنظمة . جيء بآلاف المُعممين الذين زُج بهم في كل حارة وعملوا بجهد كبير يكفي لإيصال الكفر إلى الكعبة .. وقد وصل . لم يعُد غريبًا في عصرنا الحالي تغيير الصور وتبديل الملامح واختلاق الاخبار ودعمها بالوثائق. وربما الأصح أن يتغير الشعار ليصبح : اكذِب، ثُم اكذِب حتى تْصدِّق نفسك . وهذا ما فعلوه فقد تجاوزوا حدود الخيال وطالت شائعاتهم المُشينة كل رموز المُجتمع وسُخرت للبطش في معارضيهم أينما كانوا دون حدود دينية أو اخلاقية أو خطوط حمراء . ولكن عندما حاول الخطر أن يمس عمائم الدجل تحركت ألسُن الرذيلة لاستثمار ذلك لصالحهم . أقاويل كثيرة وجرائم يندى لها جبين الانسانية أنكروها . ولكن هل يجدي الإنكار نفعًا ؟
وهل سينفذ المُتهم بجلدهُ ؟
منذ 2003 ضاع كل شيء . المقاومة المسلحة والاعلامية والاعتصامات والثورات والدماء التي روت الارض وانين الغياري ودموع العفيفات القابعات في زنازينهم . لكن هل يفيد الكذب في إخفاء الحقائق إلى الأبد؟
أم أن القول المأثور لا يصح إلا الصحيح هو الغالب؟
الناس يتابعون المهزلة بصمت يشوبه الحزن والسخرية المبطنة . وغليان الشارع وصل أقصى مداه تمهيدًا لقدوم ساعة العدالة . والتي لابد آتية إن شاء الله .
ورغم حرب الإبادة الجماعية التي شُنَّت على العراق وأفغانستان واليمن وسوريا وليبيا . لكن الأنظمة العميلة استمرت في تبرير الأخطاء بدلًا من الاعتراف بالصدأ والتآكل في البنيان الداخلي مُستخدمة الإنجازات الخيالية والديمقراطية المُبهرة لتفنيد التهم وتكميم الافواه من خلال وصم الكثير من المدافعين عن حقوق الناس بالار*ها*ب .
لكن النار تقترب منكم فانتبهوا .
كانت ولازالت دمى السلطة في الدول التي انجبت شعوبا لا تعرف سوى التلفظ بعبارات خادشة للحياء ضد حكامها . بعد أن ضيعوا الأحلام وفقدوا الهوية وبالتالي ألزموهم بالإنصياع والرضا عن الحال أو بعضه لانهم تركوا البندقية . فسكوت الذين يمتلكون أدوات الكلام يدل على عدم القدرة على تغيير الوضع الراهن .. فالبلد يغيَّب . بل لقد نسيه البشر . وفي الجانب الآخر أصبح الفقر المصاحب للرعب أكثر حضوراً في أجواء السكون .. الصمت الذي يعيدنا الى الأعماق حيث الهوة السوداء السحيقة، حيث تختبىء الحقيقة . المكان الذي يتفجّر منه الكلام ..
لكن أي كلام ؟ ..
كلام الذين ينصتون الى الصمت في جنح الليل . القابعون في الخيام .
كثيرا ما نبهنا عن الجوع والموت البطيء الذي تعيشه العوائل العراقية بصمت . في الوقت الذي تستمر فيه السرقات التي فاقت الخيال بعد ان وصلت الى ارقام اكبر من عقول الفقراء . استحوذ عليها تجار الدين دون خوف او خجل . والناس ينتظرون المخلص المغير لاوضاعهم ويملأ قلوبهم بذلك الامل .. فعندما تنقل وسائل الاعلام هذا الكم الهائل من الطعام والشراب ومالذ وطاب من الحلويات والمشروبات والفواكه والخضر المبذولة في الشوارع .
هل سيصدق احد ان في هذا البلد يوجد فقير ؟ ..
في الوقت الذي تعلن فيه وزارة التخطيط عام 2023 عن وصول نسبة الفقر إلى اكثر 25% أي ما يعادل نحو 11 ملايين نسمة . علاوة على وجود 6 ملايين يتيم ومليوني أرملة وأكثر من 4 ملايين يعيشون في العشوائيات والبيئات المهمشة . ناهيك عن المهاجرين الذين اصبحوا في طي النسيان .
صدقوني ان المسألة أكبر من اختزالها في نسب وأرقام . وحسب حقوق الانسان النيابة بلغ عدد المتسولين مليون ونصف .
يُفقرون العراقيين ويطعمون الصفويين فقد صرح وزير الداخلية الإيراني : ان عدد مواطنيه قد بلغ نحو 3.5 مليون زائر . والعدد الكلي هذا العام بلغ 21 مليوناً و480 ألفاً و525 . وفي صورة أخرى اشد غرابة قيام موكب السادة المعامرة بتوزيع تلفونات موبايل على الناس . وخلال الخمسة أشهر الأولى من هذه السنة : منح العراق تصاريح أمنية لنحو 197 ألف آسيوي للعمل في حقول نفط (البصرة وذي قار وميسان ) تخيل العدد الكلي للعمال الأجانب وحجم ما ينفق عليهم من رواتب!
هذا الامر سيتطور ويزداد تاثيرا ومرارة لانه انجاز وفكرة بشرية معروفة الغايات وليست دينية حقيقية ولهذا لن تبقى كما هي مثل الشعائر الاسلامية الثابتة كالصوم والصلاة والحج والعمرة .. فهي تتغير حسب الحاجة والمصلحة .
لقد خاض العرب عندما كانت الشجاعة ظلهم الظليل العديد من الحروب التي قامت لأسباب واهية للغاية لعل أشهرها “حرب البسوس” بسبب ناقة وداحس والغبراء نتيجة خلاف على سباق خيل استمرت أربعين سنة كاملة! .. وحرب سمير التي استمرت 140 عاما كانت أخرها حرب “بعاث” التي انتهت قبل الهجرة . والصعاليك الذين كان للعامل البيئي دور كبير في بروزهم نظرًا لقسوة الصحراء وشدة الجوع الذي يهدد الإنسان بالموت .
نشبت نتيجة الجوع ..
ومعركة ذي قار من اجل امراة قدمت قبيلة شيبان وبكر أجمل مثال للنخوة العربية .. لكن بعد كل تلك السنوات وذلك التاريخ المشرق من البطولة والغيرة وعدم السكوت على الضيم صمت الجميع على كل ما يجري الان . رغم تشويه دينهم وق*ت*ل ابنائهم وسرقة ثرواتهم واغ*تصا*ب نسائهم .. تخيلوا ان مجموعة من الباكستانيين قبل ايام خطفوا مهندسا عراقيا في بغداد وطالبوا أهله بفدية ! .. الى اي حال وصلنا ؟
كم شخص يعيش الان على السرقات والاحتيال ؟
قال السياب :
وفي العِرَاقِ جُوعْ
وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ
لتشبعَ الغِرْبَان والجراد
وتطحن الشّوان والحَجَر
رِحَىً تَدُورُ في الحقول حولها بَشَرْ
مَطَر . مَطَر . مَطَر .
واخير اقول :
سينبت الزرع وينضج الثمر
وينمو الورد والشجر ويزول الخطر
ويصبح كل ما رايناه وعانيناه من الاثر
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.