ضربتين لمعلم على قفا من اراد فرض الحصار عليه..!!

الكاتب: عبد الاحد قلو
ضربتين لمعلم على قفا من اراد فرض الحصار عليه..!!

 عبد الأحد قلّو

 نعم،  فأنه يُعرف بأن قوتهم العسكرية والاقتصادية اِن اِتفقت عليه ، ربما سيحجمان من قوته ويخضعانه لأوامرهم، ولكن وبطريقة ما، استطاع الافلات عن مقدراتهم وذلك من خلال ما فبركه قائد روسيا، السيد فلادمير بوتين الذي أكد على إمتلاكه للجرف القاري المسمى بالقرم وبمساحة تقارب الـ 60 ألف كيلو متر مربع، وبالاضافة لذلك أيضا، فقد كسبت بلاده روسيا وشركاتها في البورصة أموالا طائلة استردت بها أكثر من 30% من أسهم أكبر شركاتها النفطية من البنوك الغربية التي كانت تساهم في رأسمالها وتقاسم الحكومة الروسية أرباحها.

وعن الاستفادة اقتصاديا من احتلال جزيرة القرم !
 فرافق ذلك غنيمة إقتصادية ايضا، بعد ان جنت روسيا أموالا طائلة، واستردت أسهم أكبر شركاتها أيضا في عملية أغرب من الخيال من حركة البلبلة الأعلامية الكبيرة حول احتمال وشيك بغزو القوات الروسية المستعدة لمنطقة القرم، وأن حربا وشيكة ستقع هناك ( وفي الواقع كانت القوات الروسية قد وصلت فعلا إلى القرم ) فهبط سعر الروبل أكثر من 15 % دفعة واحدة دون أن يتدخل البنك المركزي الروسي، وانهارت أسعار الأسهم في بورصة موسكو وذلك عندما قام العملاء الماليين ( بروكرز ) للبنوك والشركات الغربية وفي لحظة هلع كبيرة ببيع ما تملكه تلك الشركات من أسهم بأسعار بخسة.
 فقامت الحكومة الروسية وعبر وسطاء كانوا ينتظرون إشارة البدء من بوتين شخصيا ، بشراء تلك الأسهم بتلك الأسعار البخسة، وتكون الحكومة الروسية قد كسبت من جراء إنهيار أسعار الأسهم في البورصة الروسية ما مقداره 30% من أسهم شركاتها النفطية التي كانت بحوزة بنوك و شركات أوروبا و أميركا ومنها ربحت أموالا طائلة و أعادت شركاتها العملاقة إلى تحت جناح الحكومة الروسية بكاملها تقريبا .. و من الأن و صاعدا ستبقى أرباح تلك الشركات داخل روسيا ولن تذهب لتغذي البنوك و الشركات الغربية، التي تبكي حزنا ودهشة مما جرى ولتزيد محنتها المالية التي تفتك بها أصلا.
 
فما هي صفقة العمر لروسيا بالذات بعد تهديد جيرانها اوربيا بفرض العقوبات؟!
 فقد كانت ما ذكرناه اعلاه، بالضربة الاولى للمعلم، ولكننا بصدد الضربة الثانية وعلى قفاهم والتي كانت أكثر موجعة  للسادة السياسيين في اوروبا والذين تجاسروا وبمعيتهم الولايات المتحدة بأصدار عقوبات ومنها اقتصادية على روسيا وكعقابا لها، بسبب فرض هيمنتها على شبه جزيرة القرم. ولكن انقلب السحر على الساحر، والعقاب اصبح ثواب وفائدة لروسيا.
ونتيجة لذلك وبحنكة سياسية مفبركة من قبل الرئيس الروسي بوتين ورئيس الصين تشي جني بينغ، وللحاجة الملحة للأستفادة منها كِلا الطرفين، فقد عقدت بينهما أتفاقية نقل الغاز الروسي الى الشمال الصيني ولضخامتها فقد سميت بصفقة العمر، وحسب وصف كلاهما والسياسيين أيضا في كلا البلدين. حيث لم يسبق وان عقد الرئيس بوتين صفقة بهذا الحجم ومنذ توليه رئاسة البلاد في 1991م والى يومنا هذا.
وكان ذلك من الاهمية، بان ابرام هذه الصفقة والتي من خلالها فقد اغتنمت روسيا سوقا ضخما في الصين لكونها اكبر الاسواق عالميا للطاقة، والتي ستكون البديل المناسب لوقف صادراتها الى الدول الاوربية التي هددتها بالاستغناء عن غاز روسيا الذي كان يشكل ربع صادراتها لأوربا المعتمدة على هذا الغاز وستبقيها في حيرة من أمرها عن كيفية التعويض عن الغاز الروسي ، ومن المحتمل أن يتحوّل الغاز الروسي الطبيعي الأكثر نمواً كمصدر رئيسي للطاقة مستقبلاً، نظراً إلى المزايا التي يتمتع بها. والذي كان البديل المناسب عن غاز الفحم الحجري ذي الاثر السيء للبيئة.

هنالك صعوبة ايجاد البديل للغاز الروسي الطبيعي
 وعلى هذا الاساس، فأنه من الصعوبة ان تجد الدول الاوربية بديلا مناسبا للغاز الروسي الطبيعي وعلى امل بالانتظار لوصول الغاز الصخري الاميركي الذي يستغرق ذلك ما لايقل عن خمس سنوات وذلك لصعوبة امداداته مابين اميركا والدول الاوربية المعوّلة سابقا على الغاز الروسي، لذلك ستحاول التعويض من المصادر المقربة وتُبقي ايضا على الغاز الروسي لحين نهاية هذا العقد من الزمن على أقل تقدير. ولتصبح عقوباتهم في مهب الريح في وقتنا الحالي.!
ولكن المشكلة التي جابهت اتفاقية الروسية الصينية، فقد كانت متمثلة بالسعر لوجود فرق يتجاوز العشرة دولارات لكل مليون وحدة حرارية مابين الروسي الاغلى عن الامريكي الارخص، ولذلك ضغط الجانب الصيني مستغلا ذلك، للتقليل من سعر الغاز لحين الاتفاق على السعر المناسب لكليهما. وذلك ما حصل فعلا.!

وعندما يتفق التنين الصيني مع الدب الروسي سياسيا واقتصاديا
ويقول الباحث والخبير الاقتصادي  عبدالحسين شعبان في مقالته عن الدب الروسي والتنين الصيني وصفقة العمر مايلي: وبالطبع فإن روسيا تعتبر موضوع الغاز تحدّياً لأمنها القومي، ولعلّ ذلك ليس بعيداً عن ذراعها الطويلة في أوكرانيا، كما أنه ليس بمعزل عن وجودها في سوريا.
ويضيف الباحث شعبان بأن الدول الغربية ظلّت متحرّقة لمعرفة ” السر التجاري” المتعلق بسعر الغاز. حيث كان بوتين لا يريد العودة من شنغهاي دون اتفاق، قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في شهر (يونيو) 2014 وكأنه يريد إرسال رسالة استباقية بأن خياراته هي غير الاعتماد على أوروبا في حصوله على العملة الصعبة. وبموجب الاتفاقية الموقعة بين شركة غاز بروم الروسية الحكومية وشركة البترول الوطنية الصينية (سي أن بي سي)، فأنه تقدّر الكمية بـ «38» مليون متر مكعب (سنوياً ولمدة 30 سنة). أما قيمة الصفقة فتقدر بـ «400» مليار دولار، وحسب تقديرات الخبراء، فإن شركة غاز بروم ستنفق حوال 55 مليار دولار في التنقيب وتشيّد خط أنابيب للتصدير إلى الصين.
 وقد أدرك فلاديمير بوتين الرئيس الروسي بعد توقيع الاتفاقية مع الصين أهمية هذا الحدث التاريخي، إن توقيع الاتفاقية الروسية – الصينية سيمنح روسيا سوقاً بديلاً لتصدير الغاز الروسي، غير السوق الأوروبية، ومن جهة أخرى يتيح لها التصرّف بمرونة اقتصادية وسياسية، سواء مع الشرق أو مع الغرب.
والفائدة المرجوة منها   تحسن العلاقات مابين روسيا والصين وكما هو معلوم، فأن العلاقات بين البلدين كانت متدهورة  بينهما بعد العام 1957، لا سيّما بين الزعيمين نيكيتا خروشوف وماوتسي تونغ، مروراً بقطيعة آيديولوجية  في العام 1960، وصولاً في العام 1969.  حيث بلغت الأمور إلى شفير حرب نووية كادت أن تندلع بين البلدين، رغم نظامهما الشيوعي، وشهد البلدين اشتباكات حدودية وتراشق إعلامي وحروباً اقتصادية.
ويضيف الخبير الاقتصادي شعبان، على ان  زيارة بوتين أتت بعد 25 عاماً من زيارة غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفييتي للصين (1989) في سياق مساعي التطبيع بين البلدين، فقد كان هنالك ايضا، نوع من التطور حاصلا في العلاقات بين البلدين وقبل زيارة بوتين الاخيرة هذه وتوافقهما في قضايا دولية مصيرية مثل الموقف من: العراق قبل الاحتلال في العام 2003، وكوسوفو في العام 1999، لا سيّما إزاء التدخل العسكري لحلف الناتو، وليبيا بخصوص موقف حلف شمالي الأطلسي “الناتو”، وسوريا حيث تقف روسيا بشدّة ضدّ تدخل الأمم المتحدة وتستعمل الفيتو ومعها الصين ضد قرارات كان لمجلس الأمن أن يتخذها كما شكّل البلدين ركنين أساسيين من أركان البريكس (الدول الخمس: روسيا، الصين، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا) لشراكة اقتصادية ولدور في مواجهة الاحتكارات العالمية.  لعلّ تلك الممهّدات كانت وراء صفقة العصر باتفاق المصالح وتبادل المنافع المشتركة، خصوصاً إزاء تفرّد واشنطن وحليفاتها، وهيمنتها على السياسة الدولية.

فهل لنا قادة في بلداننا الشرق اوسطية ومنها العراق… هكذا يفكرون، ام انهم مكتفين بأن تكون وارداتهم النفطية بأيدي الغرباء يتصرفون بها وكما يحلو لهم، وقادتنا الكرام عليهم الصافي، والموجهين بكايد خاص يقودون البلاد نحو شفير الهاوية.

المصادر:
وكالة براثا الاخبارية:
http://burathanews.com/news/232477.html
مقالة الباحث عبد الحسين شعبان عن الموضوع في الرابط ادناه:
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=741676.0

عبدالاحد قلو..