ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
يتخوف السكان في العراق من ضرائب تفرض لشتى الاسباب جرى تداول اخبارها في وسائل الاعلام، ما ولد لديهم القلق على اوضاعهم المعيشية، لاسيما ان نسبة كبيرة من الشعب تعيش في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.
احدى مصادر التخوف في العراق هي غياب الوضوح في الافصاح عن المكان الذي تودع فيه الضرائب، ما ادى في وقت سابق الى الواقعة المعروفة بنهب مليارات من أموال الأمانات الضريبية فيما يعرف بسرقة القرن.
من الضروري بدءا القاء الضوء على مفهوم الضرائب واسسه، اذ ان إدارة الضرائب في أي بلد تعد جانبا حيويا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير الموارد المطلوبة لتمويل المشاريع العامة والخدمات، وان الأسلوب الأمثل لإدارة الضرائب يعتمد على عدد من العوامل مثل النظام الاقتصادي، ومستوى التنمية، والثقافة المالية.
اما المبادئ العامة لتحقيق إدارة فعالة للضرائب فتشترط أن تكون الضرائب تصاعدية، اذ يدفع أصحاب الدخول الأعلى نسبة أكبر من الضرائب، مما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق الاقتصادية والمعيشية.
ويتوجب أن يكون هناك نظام لتحصيل الضرائب يتسم بالكفاءة والشفافية، ويقلل من التهرب الضريبي، يشمل هذا استعمال التكنولوجيا لتبسيط الإجراءات، مثل النظام الإلكتروني لتقديم الإقرارات الضريبية.
ويحذر الخبراء من ان تعقيد الأنظمة الضريبية يزيد من فرصة التهرب والفساد، لذلك، يجب أن تكون القواعد الضريبية واضحة ومبسطة لتشجيع الامتثال؛ ويعتمد النظام الضريبي الفعال على أدوات قوية لمحاربة التهرب، مثل العقوبات المالية والجنائية على المخالفين، فضلا عن الرقابة الفعالة.
ومن المهم أن يكون دافعو الضرائب على دراية بأهمية الضرائب وأين تذهب إيراداتهم، مما يعزز من الامتثال الطوعي، ويجب أن تستثمر الإيرادات الضريبية في مشاريع ذات مردود اجتماعي مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، لتعزيز الثقة بين السكان والدولة.
ومن أشهر أنواع الضرائب المفروضة في دول العالم، الضرائب على الدخل وتُفرض على الأفراد والشركات بناء على أرباحهم أو دخلهم السنوي، وهذه الضريبة عادة ما تكون تصاعدية، اذ يدفع أصحاب الدخول المرتفعة نسبة أعلى.
وهناك، الضرائب على القيمة المضافة (VAT) وهي ضريبة غير مباشرة تُفرض على السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع، وتعد هذه الضريبة شائعة في كثير من الدول، وضرورتها تكمن في توفير روافد مالية دائمة للدولة تحقق تفعيلا للإنتاج وللصناعة من جهة وتوفر رفدا للخزينة من جهة اخرى.
كما تتواجد ضريبة تُفرض على أرباح الشركات، وهي تختلف من بلد لآخر من حيث النسبة المفروضة وآليات التحصيل.
والضرائب على الممتلكات، تُفرض على ملكية الأراضي أو العقارات، وتعد مصدرا رئيسا للإيرادات الحكومية في بعض الدول، والضرائب على الاستيراد والجمارك، تُفرض على البضائع المستوردة من الخارج، وهي ضرائب تحمي الصناعات المحلية وتعزز الإيرادات، والضرائب البيئية، تهدف إلى فرض رسوم على الأنشطة التي تسبب ضررا بيئيًا، مثل انبعاثات الكربون أو استهلاك الوقود الأحفوري، وذلك لتشجيع التوجه نحو استدامة البيئة.
ويشدد الخبراء على ان الأسلوب الأمثل لإدارة الضرائب يجب أن يوازن بين العدالة، الفعالية، والوضوح، وأن يضمن استفادة المجتمع من العائدات الضريبية، وان كل دولة تختار مجموعة الضرائب التي تتناسب مع واقعها الاقتصادي والاجتماعي، لكن الأنواع السابقة هي الأكثر انتشار عالميا.
وطرحت منذ عام 2021 قضية تغيير النظام الضريبي في العراق، اذ قال وزير المالية السابق عبد الامير علاوي، ان الجهات المعنية بصدد تطبيق نظام ضريبي جديد يراعي الوضع العراقي الراهن، موضحا في أثناء الندوة التي عقدت في مقر الوزارة لمناقشة تطبيق القانون الضريبي إنه “يجب إعداد مسودة قانون ضريبي جديد يتناسب مع الوضع العراقي”، لافتا الى أن “قانون الضريبة العراقي الحالي هو نسخة من قانون الضريبة البريطاني الصادر العام 1922 ويجب إعداد مسودة قانون جديد يقدم الى مجلس الوزراء يتناسب مع المجتمع العراقي”، مذكرا أن نسبة الضرائب المتحصلة تبلغ 1٪ من الناتج القومي للدولة في عام 2020 مثلا، مشددا على أن “هذه النسبة ضئيلة”.
وأوضح أن نسبة ضريبة العقار المفروضة هي 9٪ من سعر العقار المقدر، أما الضريبة على نقل الملكية فهي تصاعدية تبلغ من 3 وحتى 6٪ من قيمة الملكية، أما نسبة ضريبة الدخل فتبلغ 15٪من صافي الربح، محذرا من أن “هناك جزءا من الشركات الأجنبية تمارس عمليات التهرب الضريبي وستتخذ الإجراءات المطلوبة بحقها”.
وفي شهر ايلول 2024 كشف الخبير الاقتصادي والمالي نبيل المرسومي، عن زيادة جديدة في ضريبة نقل العقار في العراق.
وقال المرسومي، ان هناك زيادة جديدة في ضريبة نقل العقار من 40٪ على العقار السكني إلى 100٪ على العقار التجاري، 45% على العقار الزراعي، 50% على العقار الصناعي، ورأى ان ذلك يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل وركود سوق العقارات.
ونشر المرسومي وثيقة صادرة من الهيئة العامة للضرائب تتعلق بفرض الضرائب الجديدة استنادا إلى قرار مجلس الوزراء.
ولفت المرسومي الى توجه لدى الحكومة العراقية، لفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق.
ويقول لوكالة شفق نيوز، إن الحكومة العراقية تدرس مقترح فرض ضرائب على صانعي المحتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، وليس مستعملي تلك المواقع، وهذه العملية جاءت من أجل تعزيز الإيرادات غير النفطية، بخاصة في ظل انخفاض أسعار النفط، والتدهور في الإيرادات النفطية، وهذه الضرائب سوف تعطي إيرادات مالية جيدة، ولهذا، النسبة ستكون 15% من نسبة أرباح صانعي المحتوى، بخاصة ان بعض أرباح هؤلاء تقدر بالملايين بشكل يومي، على حد قوله.
ويضيف أن “هذا القرار ليس بحاجة الى تصويت مجلس النواب، فهذا قرار من صلاحية مجلس الوزراء، لتوسيع الوعاء الضريبي، وليس بحاجة لقانون، لكنه ما يزال قيد الدراسة، وربما يدخل حيز التنفيذ بداية العام المقبل، فهو بحاجة إلى عمل ودراسة لأشهر”.
يشار الى ان اوقات سابقة شهدت قرارات مفاجئة اتخذها مجلس الوزراء، تمثلت بفرض ضرائب على منتجات أساسية، وأغلبها خاصة بالغسل والتنظيف، فضلا عن السجائر والمشروبات الكح-و*لية، ومواد اخرى، ما أثار استغراب متخصصين بالشأن الاقتصادي، ففيما قالوا أنها ترفع الأسعار في السوق المحلية، أشاروا إلى أن هذه الخطوة لا يمكن لها النجاح من دون توفر بديل محلي، لافتين إلى أن غياب العملات الصغيرة دون الـ 250 دينارا، يرهق كاهل المواطن بشكل أكبر.
ويحذر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني من أن بعض المنتجات الأساسية قد لا تستطيع السوق المحلية تغطيتها مثل الشامبو ومساحيق غسيل الملابس ومساحيق غسيل الأواني، فالإنتاج المحلي غير كاف وبالنتيجة يتضرر المواطن نتيجة ارتفاع أسعار هذه السلع، مشددا على وجوب الفصل بين المواد الأساسية والمواد الثانوية، ومحذرا من أن “مثل هذه القرارات تزيد عمليات التهريب
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.