مقالات عامة

هل الخالق يكره مخلوقاته ؟!

بقلم: :كابريل كابريل
في متابعة لإحدى البرامج التلفزيونية كان هنالك تقرير متلفز قام به شاب مثلي باكستاني انتقل بصحبة والدية وهو صغير الى انكلترا وبالتحديد العاصمة لندن. التقرير كان عن وضع المثليين، والمتحولين جنسياً في باكستان، وكيف يتم معاملتهم، وما هي نظرة المجتمع الباكستاني تجاههم، وظروف عيشهم، وسبب وجودها في مجتمع محافظ مثل المجتمع الباكستاني، ومن ثم مقارنة النظرة بالمجتمع اللندني، او الانكليزي. وبعيداً عن هذه الظاهرة، اي المثلية، والتحول الى جنس آخر، والتي هي موجودة مع الخلق البشري من القدم، جذبني تصرف وجواب احد الرجال الملتحين والمتدينين مع مثلي عندما حاول هذا المثلي الدفاع عن نفسه، والسبب الرئيس الذي دعاه ان يكون مثلياً، قائلاً، اي الرجل الملتحي:
ـ ان الله يكره المثليين واليهود والمسيحيين !
من الطبيعي ان المجتمعات تستمد شخصيتها من عدة عوامل، كالتاريخ، والبيئة، والدين، والعادات، والتقاليد. ولكن يبقى العامل الديني هو الاقوى في تكوين المجتمعات، خصوصا المجتمعات الشرقية، والهندية التي لا زال الدين يؤثر وبفعالية على هذه المجتمعات، في حين ان المجتمعات الاوربية صارت تتحرر اكثر واكثر من سلطة الدين. فالغربيون باتوا يوما بعد يوم مقتنعين بان الفلسفة التي يحملها الدين تحمل في طياتها الكثير من العن*ف، والار*ها*ب ضد الانسانية، وان اكتسيت بغطاء المحبة والرحمة، حيث يتم استغلال نصوص الدين ويتم تأويلها وفلسفتها بنحو يعاكس حتى طبيعة البشر وسجيته وسلوكه الطبيعي، ويضعه امام سلوك عنيف، يصل بعض الاحيان الى سلوك متوحش قاسي خال من الانسانية، يشع كرهاً تجاه الاخر، وان كان اخا له، بسبب اختلاف الدين او المذهب.
وباكستان، وبحسب احصائية 2015 يبلغ نفوسها 191 مليون، يشكل المسيحيون 1.6% تقريبا من سكانها، اي بحدود 3 ملايين نسمة، ويتعرضون لضغوط كبيرة بسبب انتمائهم الديني. هذه الضغوط هي بسبب الفلسفة الدينية الخاطئة التي يحملها مسلمو باكستان ضد اخوانهم الذين يدينون بدين غير الاسلام. هذه الفلسفة تتجلى في ما ذكره الملتحي الذي حاور المثلي، في ان الله يكره اليهود والمسيحيين، ولا اعلم كيف قال وجاء بمثل هكذا تفسير ان لم يكن منتشرا بين المجتمع هناك. كذلك ليس من المعلوم كيف صار الله يكره هؤلاء ويحب المسلمين فقط، وهو الخالق الاوحد لبني البشر جميعاً.
أفيعقل ان يكره الاب ابناءه، ويحب ابناً واحداً دون البقية ؟ ان كان الجواب بنعم، فبالتأكيد ان في عقل هذا الاب مس من الجنون !
ان في هكذا اقوال وهكذا مفاهيم، تأتي عادة من تطرف الفكر نتيجة حقن آتية من تفسيرات شاذة للدين، ان لم الدين نفسه يبث هكذا افكار. فان كان الدين يحمل الكره في طياته، عندها يتأكد بان الدين هو السبب، وليس الله، وهو المحب والرحمن والرحيم، وتفسيرات الانسان هي تفسيرات يغلبها الشر، او الشيطان الذي هو احد ثنائيي الكون، الخير والشر، او الله والشيطان. اي بمعنى آخر ان الانسان هو الذي يخلق الادوات الموجبة لزرع الشر، مستنداً على مقدس لكي يضيف له قوة وتأثير روحي على الفرد، وبالتالي بالإمكان نشره بين المجتمع. وهذا ما حصل ويحصل بالضبط عند هذا الملتحي الذي هو جزء من مجتمع انتشرت فيه ثقافة الشر او الشيطان المتمثلة بكراهية اخيه الانسان لمجرد اختلافه، جنسياً، ودينياً، ومذهبياً.
الله خلق العقول مختلفة، وجنس الانسان مختلفاً، والانسان يريد توحيد العقول وتوحيد جنسه…. وامام هذه الرؤيا البشرية يقف الانسان مكبلا ومضطهداً من قبل اخيه الانسان، تصل الى حد الق*ت*ل والاجرام والتوحش بكل تفاصيله المرعبة. ولكن يبقى السؤال:
ـ هل الخالق يكره مخلوقاته ؟!

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!