مقالات دينية

المسيح ليس ملاكاً ، بل خالق الملائكة والكون

الكاتب: وردا اسحاق

 

 

المسيح ليس ملاكاً ، بل خالق الملائكة والكون

 بقلم / وردا أسحاق قلّو

الله أزلي بأقانيمه الثلاثة  ، وهو موجود قبل كل الوجود ، وبكلمة منه خلق الملائكة لخدمته ، ووضع لهم رتب وأسماء وواجبات ، ولهولاء الخلائق أدوار منذ لحظة وجودها كخدام ووسطاء ، لكن المسيح كأقنوم ثاني هو الأسمى من كل تلك المخلوقات الروحية ، وهو الكلمة الإلهية ، به ينطق الله كلمته فيخلق كل شىء ، أو يأمر بحدوث أشياء ، فبه خلق السموات والأرض ، ومليارات الكواكب والنجوم ، وبغيره لم يتكون أي شىء مما تكون ” يو 3:1″ ومن تلك المخلوقات بني البشر ، خلقهم طاهرين على صورته ومثاله ، لكن الإنسان كسر وصايا الخالق فسقط في الخطيئة . أراد الله أن ينقذ الإنسان بواسطة أبنه الوحيد ، فأرسله إلى عالمنا ليفتديهم بذبيحة طاهرة لا عيب فيها على صليب الجلجلة . بتسجده أنتزع دور الوساطة من الملائكة الذين كانوا يمتلكون أدواراً في الرئاسة والسلطة ، لهذا يقول الرسول ( وإذ نزع سلاح الرئاسات والسلطات ، فضحهم جهاراً فيه ، وساقهم في موكبه ظافراً عليهم ) ” قول 15:2″ . إذاً بعد أنتصار المسيح على أقوى سلاح للعدو وهو الموت ، فبقيامته أخضع كل الملائكة لسلطته وأخضعهم تحت أمرته . كان لليهود معتقدات منحرفة حول التعبد للملائكة نددها الرسول بولس في رسالته إلى أهل قولوسي ، فقال (ولا يحرِمنّكم أحد إياها رغبة منه في التواضع وفي عبادةِ الملائكة ..) ” قول 18:2″ أجل لفهم موضوع دور الملائكة لم يكن سهلاً في بداية المسيحية بسبب الأفكار اليهودية الموروثة . الله كلم أبناء العهد القديم مراراً فكشف لهم في كل مرة عن جزء من الحقيقة ، حتى جاء العهد الجديد ليكشف لنا عن تمام الحقيقة . لهذا وضّح لنا صاحب الرسالة إلى العبرانين الفرق بين المسيح الممجد ، وبين الملائكة فيعقد في شرحه مقارنات بين المسيح والملائكة نقرأها بوضوح في الرسالة إلى العبرانيين 1: 2-4″  فيقول الله ( جعله وارثاً لكل شىء وبه أنشأ العالمين . هو شعاع مجده وصورة جوهره ، يحفظ كل شىءٍ بقوةِ كلامِه ، ولما طهر العالم من الخطايا ، جلس عن يمين ذي الجلال ِ في العلى ، فكان أعظم من الملائكة بمقدار ما للأسمِ الذي ورثه من فضلٍ على أسمائهم ) وقال أيضاَ ( ولتسجد له جميع ملائكة الله ) ” عب 6:1 ” فكيف يظنون شهود يهوه أن المسيح هو رئيس الملائكة ؟ وكيف يسجد له إذاً ؟ أليس السجود هو لله وحده ؟ إنه الله الظاهر في الجسد . ولمن من الملائكة قال الله له يوماً ( إجلس عن يميني حتى أجعل أعداءَكَ موطئاً لقدميك ) ” مز 1:99 ” وهل لله يمين ويسار ؟ طبعاً لا ، أليس بهذا نحدد الله الذي يملاً الكون كله ؟ إذاً الآية هذه تعطف إلى آيات أخرى لنفهم الغاية . ، ومنها وصف يسوع علاقته الحقيقية مع الآب فيقول ( أنا والآب واحد ) ” يو 30:10″ أو قوله ( أنا في الآب والآب فيّ ) ” يو 14: 10-11″  .فالمقصود في يمين الله لا يعني كونهما متجاورين ، بل متحدين في واحد . لاهوتياً يعني بيمين الله “قوته “، لأن اليمين رمز العظمة والقوة . وهكذا نعري إدعاء ( شهود يهوه ) ونقول بأن المسيح ليس رئيس الملائكة ، بل الإله الذي يسجد له كل الملائكة ويخدموه  . الله رفعه ليكون رئيساً ومخلصاً فأعطاه أسماً فوق كل أسم لكي تجثو ليسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب ” في 2: 9-11″ .

يقول الكتاب المقدس أن الملائكة ليسوا إلا أرواحاً خادمة ترسل لخدمة الذين سيرثون الخلاص . ومن هنا نفهم سمو يسوع على الملائكة يستند إلى استشهادات عديدة من التورات ، وهذا يعني أن النظريات المعاصرة عن هذا الموضوع ارتبطت بالفكر اليهودي ، لهذا نددها بولس الرسول في رسالته إلى أهل قولوسي . في العهد الجديد تتوضح الصورة جيداً لكي تبرز العلاقة بين المسيح وملائكته بأنها علاقة أساسية برزها يوحنا من بداية سفر الرؤيا بأنهم خدام المسيح ، فيقول ( هذه رؤيا أعطاها الله ليسوع المسيح ، ليكشف لعبيده عن أمور لا بد أن تحدث عن قريب . وأعلنها المسيح لعبده يوحنا عن طريق ملاك أرسله لذلك ) ” رؤ 1:1″ . ومن الآيات التي تلي هذه الآية نفهم بأن يسوع هو المسيطر ، وهو الذي يمسك بكل الأمور بيده وكما تقول الآية ( فإبن الإنسان يمسك في يده اليمنى الكواكب السبعة ) ” رؤ 16:1 ” والكواكب السبعة هي الملائكة ” طالع رؤ 20:1″ وبما أن الملائكة السبعة والرقم (7) يرمز إلى الكمال ، أي يشمل كل الملائكة ، فهم إذاً جميعاً بيد المسيح وهو يسود عليهم ، وهم يطيعون سلطانه لا كرئيس الملائكة كما يدعون جماعة شهود يهوه ، بل كخالق وسيد وإله له سلطان عليهم .

أسفار العهد الجديد لا تتعارض فيما بينها ، فكل ما كتبه يوحنا يتفق مع كل كتابات بولس وغيره ، وكل تلك الكتابات تهتم بالتعمق بالإيمان القويم حول كون المسيح هو الرب وإله ومخلص وأقنوم ثاني لله رغم التيارات الفلسفية التي كانت موجودة في الحضارة الهلنستية ، أو في الديانة اليهودية ، فالأعتقاد بالملائكة كوسطاء بين الله والعالم كان موضوعاً مشتركاً بين العالم اليهودي والهيلنستي ، وأنتقل إلى المسيحية الأولى عن طريق اليهود الذين آمنوا بالمسيح ، والمسيحية وضعت لإيمانها بهذا الموضوع أسس جديدة ليؤمن بها كل مسيحي بأن المسيح هو أكبر من كل الخلائق ، بل إلهها وخالقها .

ليتمجد أسم الرب يسوع إلى أبد الآبدين    

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!