مقالات

اصل الهوى نسمة؛ سلوى البنا

أصل الهوى نسمة رواية لسلوى البنا، تقع على متن 184 صفحة من الحجم الوسط وهي من اصدارات دار الفارابي في لبنان سنة 2023.

هذه الرواية تتناول طبيعة العلاقة بين فلسطين ولبنان وتسلط بعضا من الضوء على بعض جوانب تلك العلاقة الحب والزواج والمقاومة والعنصرية والكراهية والطائفية.. وذلك من خلال حكاية حب تجمع الفتاة نسمة مع درويش اللبناني ابن رئيس البلدية محمد السعد.

ودرويش هذا فتى لبناني ولد لعائلة كلها من البنات [ستة بنات] واباه صاحب جاه ونفوذ ورئيس بلدية يريد لابنه الوحيد ان يعيش بكنفه وان يصبح طبيبا، إلاّ ان الفتى درويش يأبى ان يعيش في جلباب ابيه فيختار ان يدرس المحاماة وان يعيل نفسه بنفسه بعد ان اقسم والده ان لا يعطيه شيئا من النقود وان لا يتعرف عليه بشيء ان لم يلتزم درويش بتعاليم ونهج وارادة ابيه.

يختار الفتى درويش حياته ويبني خطواته فيها حسب قناعاته، ويشقى ويتعب لاجل ذلك وتقوده الاقدار لتاسيس حزب الشعب والترشح للانتخابات البرلمانية امام الوزير رفعت الحاج وهو منافس يُعد من عظام الرقبة بالنسبة للدولة والطائفة الحاكمة. ويخوض لاجل ذلك صراعا حاميا متعدد الجوانب تسمح سطور الرواية بالتعبير عن بعض جوانبه المقيتة والبذيئة..

وتسير الاحداث ويشاء القدر ان تكون [نونا] ابنة ذلك الرجل النافذ رفعت الحاج صديقة نسمة فتطلب منها العمل عند المرشح المنافس درويش بغية اختراقه والتجسس عليه ومعرفة اسباب ضعفه ومحاولة التشهير فيه..

على مضض تقبل نسمة بهذا العمل لحاجتها للمال، لكن المشكلة تتفاقم وتتصاعد في دواخل نسمة وتاخذ منحنى الصراع النفسي والقيمي عبر عبر صفحات الرواية ولا يلبث هذا الصراع ان يحتد ويشتد ويزداد تعقيدا بوقوع نسمة بحب درويش…

تتصارع المباديء والقيم في داخل نسمة وتخوض صراعا وحوارات داخلية مضنية الى ان تقرر مواجهة الطرفين بحقيقة مهمتها وبرفضها ان تكون اداة طيعة في حروب الاخرين[ أنت ومنافسك وجهان لعملة واحدة، كلاكما أرادني حصان طروادة له] وتنجح بالانتصار لذاتها ولتربيتها ولقيمها ومبادئها واولى هذه القيم انها يجب ان تكون وفية لعائلتها ولابيها الشاعر سليم ومكانته بين الناس ولاسمها وسبب التسمية به والذي اخبرتها جدتها بمناسبته وكيف جاء؟
«تُدني الجدَّة رأس نسمة من أنفها، تسحب خصلة من شعرها، تتنفسها بعمق» وهي تقول: «والله ولا أحلى من ريحة نسمة المحمَّلة بعطر يافا»، تضحك الطفلة بزهو «يعني يا ستّي أنا نسمة يافا»، تفتح الجدَّة ذراعيها على وسعهما وتعانقها وهي تلملم من على خصلات شعرها زهر الياسمين العالق بها «أنت عطرها».

تستعر حمى الانتخابات عبر صفحات الرواية بين درويش وانصاره ورفعت الحاج وتياره وتتكاثر التهم بالارتباطات والارتهانات والعمالة للخارج في تصوير حي لواقع لبنان وارتهانه لحسابات الاخرين.

“تزدحم جدران بيروت بصور من كل الاحجام حيث تحتل الصور جدران ووجهات المتاجر في الوسط التجاري في بيروت المسمى الداون داون”.

“يافطات عريضة باسماء المرشحين للانتخابات ترتفع فوق رؤوس العابرين تحثهم على التصويت لمرشحهم العتيد الملتزم بلبنان حرا من ارتباطات الخارج على اختلاف هوياتها ومسمياتها…”

“تتامل نسمة وجوه المرشحين تحاول ان تقرا في ملامحها خارطة مستقبل لبنان و تتسائل وهي تستعرض حجمها السياسي وتاثيرها في الناخب اليوم هل يمكن ان يتكرر المشهد؟”

“تشعر نفسها بالتعب من هذا الطقس الصيفي تاخذ نفسا عميقا تصطدم عيناها بلوحة جدارية كبيرة يضيئها وجه درويش بعينيه الواسعتين المشعتين …”

وتناجي نفسها: درويش السعد اين موقعك في خريطة “التحالفات والتكتلات والتموضعات هذه التي تتحكم في وصول المرشحين الى الندوة البرلمانية؟ وما هي حظوظك وسط هذه الهجمة الشرسة التي تطوع البشر والحجر وانا؟ وانا اين منك الان؟؟”

“كانت نسمها تدرك ان يوم الانتخابات ينتظرها وينتظر الجميع نهار عمل شاق وطويل. تلتقي نسمه بدرويش ليلة الانتخابات، يتعانقان يقبلان بعضهم البعض يبلغها درويش برغبته بالزواج منها قائلا: حسن اريد لون عينيه بلون عينيك تماما. ارتبكت، سالت: ولماذا حسن؟ ابتلع ريقه بصعوبة، تذكر تلك الملابسات التي رافقت ولادته والتي افضت الى تسميته بالدرويش. اذا هو الاسم الذي ارادته لي حسنه (والدته) وحال دونه محمد السعد”.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!