مقالات

هل يجوز تصحيح القرار التمييزي الصادر من محكمة الجنايات بصفتها التمييزية؟

تشكلت محكمة جنايات واسط الهيئة الثانية بصفتها التمييزية بتاريخ ٢٠١٥/٢/٢٩ واصدرت قرارها ، في طلب تصحيح القرار التمييزي الصادر منها بناء على طلب طالب التصحيح التمييزي / المشتكية بخصوص قرار محكمة جنايات واسط الهيئة الثانية المرقم( ٦٣ ) الصادر بتاريخ ٣١ / ١ / ٢٠٢٤ حيث جاء في قرارها الى ان ” اصدرت هذه الهيأة قرارها المرقم( ٦٣ ) في ٢٠٢٤/١/٣١ المتضمن تصديق قرار قاضي محكمة تحقيق الصويرة المؤرخ ٢٠٢٤/١/١١ ورد الطعن التمييزي الواقع عليه ولعدم قناعة طالب التصحيح المشتكية .. بالقرار المذكور بادرت للطعن به للاسباب الواردة بلائحتها التمييزية المستوفى عنها الرسم القانوني في ٢٠٢٤/٢/٢٧ وحال ورود الاضبارة الجزائية إلى هذه المحكمة سجل طلب التصحيح بالعدد اعلاه ، ووضعت الدعوى موضع التدقيق والمداولة لأصدار القرار .. ولدى التدقيق والمداولة تجد المحكمة أن قرار محكمة الجنايات بصفتها التمييزية لا يقبل الطعن فيها استنادا للمادة ٢٦٥ الأصولية ولا يمكن احداث طريق للطعن لم ينص علية القانون لذا قرر رد طلب التصحيح شكلاً وصدر القرار بالأنفاق في ٢٠٢٤/٢/٢٩”
و سيراً على ما سار عليه قضاتنا الافاضل و فقهاءنا الاكارم في التعليق على الاحكام القضائية وابداء الرأي الفقهي فيها الذي يبقى هو رأي قاصر قد يصيب او يخطأ ، ويبقى القرار المُعّلق عليه هو المحترم والواجب الاتباع ، غير ان هكذا كتابات ربما تلفت رأي السادة القضاة الى نقاط معينة تسترعي اهتمامهم في قرارات اخرى.
مع جليل احترامنا لأساتذتنا القضاة الذين اصدروا القرار اعلاه ، غير انهم ذهبوا الى ان قرار محكمة الجنايات بصفتها التمييزية لا يقبل الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي مستندين في ذلك الى حكم المادة (265) من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ رقم (23) لسنة (1971) المعدل ، وعند عودة بسيطة لنص المادة المذكورة نجدها اشارت صراحة الى طرق الطعن في الحكم الجزائي الواقع امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية حيث نصت على :
” ا – يجوز الطعن تمييزا امام محكمة الجنايات من ذوي العلاقة المنصوص عليهم في المادة 249 في الاحكام والقرارات والتدابير الصادرة من محكمة الجنح في دعاوى المخالفات وفي القرارات الصادرة من قاضي التحقيق خلال ثلاثين يوما تبدا من اليوم التالي لتاريخ صدورها.
ب – اضافة الى احكام الفقرة( ا )يجوز لمحكمة الجنايات ان تجلب اية دعوى مما ذكر في الفقرة المذكورة او اي محضر تحقيق في ج#ريم*ة وفق الاحكام المنصوص عليها في المادة 264.
ج – تراعى احكام الفقرة ج من المادة 249 في ما لا يجوز الطعن فيه تمييزا على انفراد من احكام وقرارات محكمة الجنح وقاضي التحقيق.
د – يكون لمحكمة الجنايات في الحالات المبينة في هذه المادة السلطات المقررة لمحكمة التمييز بما يتلاءم مع هذه الاحكام والقرارات وتكون قراراتها في ذلك باتة” و ينبغي ان نقف طويلا على العبارة الواردة في الفقرة (د) من المادة حيث صرّحت بأن سلطات محكمة التمييز في الرقابة على القضايا الجزائية لمحكمة الجنايات بصفتها التمييزية مثلها في القضايا التي يُطعن في احكامها امامها والتي اشارت اليها المادة .
ولا يحتاج الامر الى اجتهاد ما لمحكمة التمييز في القضايا الجزائية من صلاحيات رقابية تمارسها من خلال الطعن امامها عبر التمييز وتصحيح القرار التمييزي و اعادة المحاكمة و التدخل في الدعوى التي وردت في المادة (249) وما بعدها ، فكيف نسلب حق تصحيح القرار التمييزي الصادر من محكمة الجنايات بصفتها التمييزية منها ، استنادا الى قرينة ” وتكون قراراتها في ذلك باتة” الواردة في عجز الفقرة (د) من المادة المشار اليها انفا ، مما يعني ان القرار التمييزي الذي يصدر من محكمة الجنايات بصفتها التمييزية غير قابل للطعن بطريق التصحيح او التدخل التمييزي وهذا يتناقض مع اطلاق النص ” يكون لمحكمة الجنايات في الحالات المبينة في هذه المادة السلطات المقررة لمحكمة التمييز”.
مما يكون نعي محكمة الجنايات بصفتها التمييزية على المميز في القرار موضوع التعليق في غير محله ، فلم يحدث الطاعن طريق طعن لم ينص عليه القانون حينما بادر الى الطعن بطريق التصحيح ، بل ولا زال المجال امامه للطعن بطريق التدخل التمييزي سواء امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية او امام حتى محكمة التمييز الاتحادية استنادا الى المادة( 264) :
” ا- اضافة الى الاحكام المتقدمة يجوز لمحكمة التمييز ان تطلب اية دعوى جزائية لتدقيق ما صدر فيها من احكام وقرارات وتدابير واوامر من تلقاء نفسها او بناء على طلب الادعاء العام او اي ذي علاقة ويكون لها في هذه الحالة السلطات التمييزية المنصوص عليها في هذا الفصل، غير انه ليس لها ان تقرر اعادة اوراق الدعوى لإدانة المتهم او تشديد عقوبته الا اذا طلبتها خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور القرار او الحكم.
ب – لمحكمة التمييز سلطة التدخل تمييزا بموجب الفقرة ا اذا قررت رد الطعن بموجب الفقرة ا من المادة 258.
ج – لا يجوز لمحكمة التمييز ان تمارس سلطتها بموجب هذه المادة في الدعاوى التي سبق ان نظرتها تمييزا عدا ما نص عليه في الفقرة ب”
الخلاصة : من وجهة نظرنا المتواضعة ان قرار محكمة الجنايات بصفتها التمييزية قابلا للطعن بكافة طرق الطعن الواردة في قانون اصول المحاكمات الجزائية وليس هناك سند قانوني لتقييد هذه الصلاحيات والتخلي عنها ، لا سيما وان تعدد طرق الطعن كفيل بمزيد من التدقيق للأحكام الصادرة وصولا الى اقرب صورة للحقيقة القضائية وتحقيق اعلى قدر ممكن من العدالة . لا سيما اذا علمنا ان اغلب قوانين البلدان جعلت قابلية الحكم الجزائي قابلا حتى للطعن بطريق الاستئناف ما خلا المشرع العراقي قصره على بعض الاحكام المدنية ، وها هو بعض التطبيق العملي يريد من احكام المحاكم الدُنيا ان تقترب من احكام المحكمة الاتحادية العليا و تصدر باتة غير قابلة للطعن !

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!