مقالات دينية

كلمة الله طعام لنا وللآخرين

كلمة الله طعام لنا وللآخرين

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله )

” تث 3:8 و مت 4: 3-4″

   قال النبي دانيال : دخل فيّ الروح وانهضني ، ولما تكلم معي الرب وقال ( … كل ما تجده ، كل هذا السفر وإمضي وخاطب إس*رائي*ل ) وقال لي ( إطعم جوفك وإملآ أحشائك من هذا السفر الذي أنا مناولك ، فأكلته فصار في فمي كالعسل حلاوة ) ” حز 23: 1-2″ .  

   عاش الشعب العبراني في الصحراء وخبزه كان ( المنّ ) الذي ارسله الله عليه طعاماً من السماء ، بل عاش بكل كلمة خرجت من فم الله والتي نقلها لهم موسى النبي . والمقصود هنا أن الإنسان كجسد يطعم بالطعام . أما روحه فتتغذى من كلمة الله فيكتشف صوت الله في حياته وعليه أن يتناولها روحياً ويهضمها ويحولها إلى صوت ينادي به الآخرين . لهذا نلاحظ أن حياة الأنبياء على مدى العصور كان فيها علاقة وصِلّة وثيقة بين سماعهم لنداء الله في حياتهم عن طريق الإصغاء إليها وتناولها في حياتهم أولاً ومن ثم التبشير بها . فكلمة الله تسيطر على رجل الله وعلى روحه فيستسلم لكي يصبح إنساناً روحانياً أكثر مما هو إنساناً جسدياً . حينئذ لا يهاب التهديد أو الموت . فعندما كان بعض الأنبياء يدخلون في علاقة مع الله كان الروح يخطفهم ليروا لوحات سماويةٍ غريبة وجميلة جداً ، وفي قلب تلك المشاهد كان يتفجر أمامهم نور ونار ويسمعون أصوات ضجيج قوي يشبه هدير شلال قوي . كما كانوا يشاهدون أمور أخرى خارقة ، لم يعتدها نظر الإنسان ولا سمعها ، وكان في قلب تلك الأصوات والمناظر العجيبة ينطق من وسط تلك العناصر الهائجة ما لم يتوقعه الرائي . لهذا قال النبي حزقيال ( فنظرت وسقطت على وجهي وسمعت صوت متكلم ) ” حز 28:1 ” كان شعب إس*رائي*ل يهابون من وجه الرب ، وحتى من ذكر إسم الله ، لذلك كان الله يريهم مجده فقط ، أي العلامات الخارجية التي تحيط بشخصه ، فمجده هو علامة حضوره بينهم . وهذا ما حصل لحزقيال .   ينبغي أن يكون الإنسان في حالة التأهب والإصغاء إلى كلام الله والرب يسوع يحثنا إلى السهر ، أي إلى الإستعداد للصلاة بدون انقطاع ، فصاحب المزمور يؤكد لنا أن للصلاة طعماً طيباً فعلينا أن نتناولها في كل حين لكي نقترب من الله . فالجميع مدعوون إلى الإصغاء ، فإنفتاح الأذن يوجه الإنسان بأكمله نحو العلا . وهكذا يجب أن يكون لنا أذنُ روحية لتوجيه الروح إلى مصدرها . وعندما يصبح الإنسان روحياً يصبح نبياً ومرسلاً من الله كحزقيال وباقي الأنبياء ، ليعلن للناس ما سمعه ، فيتحول المبشر إلى فم الله الناطق للبشر . وهذه الرسالة تتطلب إلى الإصغاء أولاً ، ومن ثم إعلان الكلمة التي هي طعام الله للبشر ، فيجب أن يهضمها جيداً ، ومن ثم يعلنها للعالم . فالمرسل لا يستطيع أن يتفوه بالكلمة قبل أن تصبح الكلمة جزءاً من شخصيته ، بل جزء من جسده وروحه ، لأن كلمة الكتاب المقدس لها بعد واقعي . لهذا علينا أن لا نستغرب من قول القديس يوحا في مقدمة إنجيله ( الكلمة صار جسداً فسكن بيننا ) ” يو 14:1″ . وعملية نقل الكلمة ليست سهلة ، بل تحتاج إلى قوة وشجاعة وجهاد وتحدي لكي تنقل بالفم أو الكتابة أو بطرق أخرى . عليه أن لا يخاف والله يحذرنا من مخاطر الخوف .

  الذي يسمع الكلمة عليه أن يتقبلها لأنها كلام الله . فعندما نصلي إلى الله ، فمة يصغي إلينا ، وعندما نقرأ كلام الله في الكتاب المقدس ، فالله هو المتحدث إلينا . والشعب الإ*سر*ائي*لي يقول عنهم الله ( … لا يودون الإستماع لي ، لأنهم جميعاً معاندون قساة القلوب ) ” 7:3 ” .

    الكتاب المقدس لا يتوقف عند نجاح مهمة المبشر أو فشلها ، بقدر ما يهتم بإعلان الكلمة ، اي يستمر بالإعلان ( وإمضِ إلى المسبيين من أبناء شعبك وقل لهم : هكذا قال السيد ، سواء سمعوا أم لم يسمعوا ) ” حز 11:3″ .

  على المؤمن المرسل أن ينذر الناس ويخاطبهم ، وهذا هو واجب النبي المرسل ، تقول الآية ( فإذا قلت للشرير: أنت لا بد مائت ، وأنت لم تنذره ولم تحذره ليرجع عن طرقهِ فيحيا ، فان ذلك الشرير يموت بذنبه ، أما دمه فمن يدك أطلبه ) ” حز 18:3″ .

   أخيراً نقول : على المرسلين أن يتناولوا كلام الرب ويهضموه جيداً لكي يغيرهم فيتأهبوا للإنطلاق ، فيصبحوا أبناء متيقظين ساهرين أمينين محافظين على شعلة الصدق والرجاء فيتحدون قوى الظلام . فمن سهر على مثال الأنبياء ، يمنحه الرب لقاءً شخصياً مفاجئاً في أعماق الضمائر والقلوب . سيستطيع أن يلتقي مع الله لقاءً شخصياً كما حصل لبعض الأنبياء كموسى ، فالكلام الصادق الذي ينطلق من فم الله هو طريق للقاءات الصادقة مع القريب وبناء جسور المحبة في المجتمع ، فعندما نلتقي القريب سنلتقي مع الله أيضاً .

التوقيع : ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!