مقالات

محاربة القواعد العسكرية الغربية في كتاب -نضال عبد الناصر، المجلد الأول-

محاربة القواعد العسكرية الغربية في كتاب
“نضال عبد الناصر، المجلد الأول”
اليوم، وفي زمن التخاذل العربي الرسمي العربي لا بد من التذكير بشخصية قيادية، قادة العرب نحو التحرر والتخلص من كل القواعد العسكرية الغربية والتبعية للغرب، إلا وهو الرئيس “جمال عبد الناصر” الذي لم يتوانى عن دعم كل حركات التحرر العربية والحكومات من المغرب وحتى الكويت، إن كان بالسلاح أو التدريب وحتى أرسال الجيش المصري كما حدث في اليمن، أو بالمال أو بإنشاء المصانع أو دبلوماسيا، فقد كان هاجسه تخليص المنطقة العربية من الاستعمار والهيمنة الغربية وإخلائها تماما ونهائيا من القواعد العسكرية الغربية التي سرعان ما عادة إلى الوجود وبكثافة وتساع بعد رحيله، حتى أن بعض الدول فيها أكثر من عشرة قواعد أمريكية، هذا عدا التنسيق الأمني المباشر مع دولة الاحتلال ومساندتها.
فانهيار الرسمي العربي والكثير من التنظيمات والجمعيات والمؤسسات العربية نحو العمالة والخيانة مسألة لم تعد تحتمل، فهناك سباق (عربي) نحو من يخدم ويرضي الأعداء أكثر، وكأن ما بناه “جمال عبد الناصر” ومات من أجله أنتهى وأصبح من الماضي، لهذا من الضروري التذكير بشيء ولو قليل من نضاله لتحقيق الاستقلال العربي ورفع كرامة الأمة العربية.
الرؤية القومية العربية الشاملة
لكل مناضل/مجاهد أسس فكرية يعتمد عليها، “عبد الناصر” اعتمد هذه الفكرة: “أيمكن أن نتجاهل أن هناك دائرة عربية تحيط بنا، وأن هذه الدائرة منا ونحن منها، امتزج تاريخنا بتاريخها، وارتبطت مصالحنا بمصالحها” ص148، من هنا كان عداء مصر ورئيسها لكل تدخلات الأعداء في المنطقة العربية، ولم يفرق بين قطر وآخر، فكان يقف (بالباع والذراع) مع أي حركة ثورة عربية رسمية أم شعبية تسعى للتحرر من الغرب.
من هنا كان يرى أن أي تواجد عسكري غربي في أي دولة عربية هو تهديد للأمة العربية: “وأحنا النهار ده، بنتمنى لليبيا أنها تريد ثروتها القومية ولكن نتمنى أيضا لها أن تزيل القواعد الأجنبية لأن القواعد الأجنبية خطر على ليبيا وعلى الأمة العربية كلها” ص 304و305″ هذه الرؤية هي التي جعلت العديد من الأنظمة الرجعية تعيد حساباتها، “فعبد الناصر” كان يرى أن التواجد العسكري الغربي هو تهيد لمصر وللعرب، من هنا ليس مسموحا لأي دولة عربية إيجاد أو إبقاء قواعد غربية على أراضيها، فهذا يهدد مصالح العرب ويهدد مصالح مصر أيضا، لأن هدف الغرب من تلك القواعد يكمن في: “ضرب أي حركة عربية تحررية في الوطن العربي” ص308.
تأثر العقيد معمر القذافي برؤية عبد الناصر
الأفكار النيرة تنتقل بين الناس ويؤخذ بها، ما فعله الجيش الليبي يتماثل مع ما فعله الجيش المصري، فقادة في الجيشين رأوا المنطقة العربية واحدة ويجب أن تكون كذلك، “العقيد القذافي” يتبنى فكر “جمال عبد الناصر” كما هو دون أي تغيير أو تبديل: “إننا أما أن نتجه إلى العرب والوحدة العربية أو نطلب الأمريكان والنفوذ الأمريكي، وليس هناك حل وسط، ونحن الآن لن نستطيع إلا أن نحتمي بقوتنا الذاتية العربية، وهي الشيء الشرعي الطبيعي الحقيقي، لكن أن تبقى في ظل المستعمرات فإن ذلك إهانة لا نقبل بها أبدا” ص338، الآن/اليوم لا يوجد أي نظام رسمي عربي يتبنى هذه الرؤية ـ إذا ما استثنينا اليمن ـ فاكل الأنظمة من المحيط إلى الخليج توجد فيها قواعد عسكرية غربية، أو الأنظمة لا تعارض وجودها في أراضيها أو أراضي دول عربية أخرى، بمعنى أن كل الأنظمة فيها قواعد عسكرية أو تعتبرها أمرا عاديا/طبيعيا فلا داع لمحاربه أو معاداته.
المعركة مع الوجود العسكري الغربي
مشكلة الأنظمة الرسمية العربية أنها تستعين بالعدو لحمايتها من شعبها، فالوجود العسكري الغربي ـ تراه ـ تلك الأنظمة ـ حماية النظام من أي تمرد/ثورة شعبية، كما أنه يراد به إظهار الولاء والطاعة (للرب الغربي) حتى يحصل النظام على رضى (الرب)، في لبنان استعان “كميل شمعون” عام 1958 بالقوات الأمريكية لضرب الثورة الشعبية التي حصلت في لبنان مما جعل عبد الناصر يقف بكل قوة ضد هذا الوجود لتنتهي هذه المعركة بانتصار الثورة على القوى الرجعية والأميركية.
وفي العراق عندما قامت “ثورة عبد الكريم قاسم” ضد الملكية، أرسل الإنجليز قواتهم إلى الأردن، والأمريكان قواتها إلى لبنان بهدف التقدم لاحتلال العراق وضرب الثورة، مما جعل عبد الناصر يحلل/يرى هذا الحدث بهذا الشكل: “أي اعتداء على الجمهورية العراقية يعتبر اعتداء على الجمهورية العربية المتحدة” مما جعل تلك القوات بالتراجع والانسحاب.

مواقف الجنود العرب من عبد الناصر
هذا المواقف جعلت العديد من الجنود العرب ينهوا وجودهم مع الأنظمة العملية والرجعية ليكونوا جنودا مع الجيش العربي المصري، من الأمثلة على هذا الأمر: ” في 6 أكتوبر 1962 وصل القاهرة ثلاثة من طيارين السعوديين، فارين بطائراتهم إلى الجمهورية العربية المتحدة، رافضي ضرب ثورة اليمن.
في12 نوفمبر استقبلت القاهرة سهل حمزة قائد الطيران الأردني الذي رفض ضرب ثورة اليمن ولجأ إلى القاهرة. وفي اليوم التالي لحق به طياران أردنيان آخران بطائرتيهما” ص91، اللافت في هذه الأحداث أننا لا نجد لها مثيل الآن/اليوم، فهناك مشاركة واضحة للجيوش العملية لضرب الشعوب العربية وتدمير دول عربية وإنهاء حكومات عربية ولا نجد أي جندي من تلك الدول يتمرد/يرفض المشاركة في عملية تدمير أبناء أمته، وهذا يعود لعدم وجود قائد عربي، أو دولة عربية مركزية تستطيع أن تحتضن هؤلاء الشرفاء، كما أنه يعود إلى انتشار (الثقافة) الرجعية التي تعظم الدولة القطرية وتجعل من الملك/الأمير/الرئيس (أمير المؤمنين) يجب إطاعته في كل ما يصدره من قرارات، حتى لو كانت خيانة للأمة وللشعب وللوطن.
الكتاب من منشورات دار الحكيم، مؤسسة الأبحاث العلمية العربية العليا، بيروت، لبنان، 1973.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!