مقالات دينية

العلاقة بين الخبز النازل من السماء في العهدين

العلاقة بين الخبز النازل من السماء في العهدين

بقلم / وردا إسحاق قلّو

العلاقة بين الخبز النازل من السماء في العهدين

قال الرب لموسى ( ها أنا أمطر لكم خبزا من السماء ) ” خر 4:16″             

   بعد خروج الشعب العبري من مصر عَبروا بحر القصب ( الأحمر ) فوصلوا في الصحراء وبعد وصولهم إلى برية سين الواقعة بين ( أليم ) و ( سيناء ) في اليوم الخامس عشر من الشهر الثاني لخروجهما من مصر . تذمر الشعب على موسى بسبب الطعام ، فتذرع موسى إلى الله ، فقال له الرب ( هاءنذا أمطر لكم خبزاً من السماء ، يخرج الشعب ويلتقطهُ طعام كل يوم في يومه ، لكي أمتحنكم ، أيسلكون على شريعتي أم لا ) ” خر 16: 4-5 ” . وأخذ الشعب يتذمر أيضاً على موسى وهارون قائلين ( … كنا نجلس عند قدر اللحم ونأكل من الطعام شبعنا .. ) سمع الرب تذمر بني إس*رائي*ل ، فقال ( بين الغروبين تأكلون لحماً وفي الصباح تشبعون خبزاً وتعلمون إني أنا الرب إلهكم ) ” خر 12:16 ” أطلقوا بني إس*رائي*ل على ذلك الخبز ( المنّ ) ، وهوأبيض اللون كبزر الكزبرة ، وطعمهُ كقطائف بالعسل . كان في كل يوم ينزل من السماء كطبقةٍ من الندى حواليّ المخيّم . فكانوا يرون على وجه البريةِ شىء دقيق مُحَبَب ، دقيق كالصقيع على الأرض فلما رآه بنو إس*رائي*ل ، قال بعضهم لبعض : ( من هو ) لأنهم لم يعلموا ما هو . فقال لهم موسى ( هو الخبز الذي أعطاكم إياهُ الرب مأكلاً ) . أمر موسى هارون ، وقال ( خذ وعاء وإجعل فيه ملء العمر مناً وضعه أمام الرب ، ليكون محفوظاً مدى أجيالكم ) وقد تم وضعه بعد ذلم في تابوت العهد .

  أكل بنوإس*رائي*ل المنّ أربعون سنة ، إلى أن وصلوا إلى أرض كنعان .

   الصحراء هي المكان الذي يمتحن الشعب اليهودي فيه ، وأنه المكان التي يستعد فيه الشعب للدخول إلى أرض الميعاد . فالله إمتحنَ شعبه في الصحراء لكي يكتشف أعماق قلب الإنسان ويحسن إليه ، قال ( ليذللك ويمتحنك ،ليحسن إليك في آخرتك ) ” تث 16:8 ” . الصحراء كان مكان إقرار العهد مع الله والإصغاء إلى كلامهِ ووصاياه لكي يرتبطون معه بعلاقة حب وثقة . كان موسى يتذرع إلى الله ويصرخ إليهِ بسبب طلبات الشعب المستمرة ، وهناك وضع الرب فريضة وشرعاً ، وهناك إمتحنهم . الله يمتحن . أما الشيطان فيجرب ، والمحنة التي يمر بها الإنسان مؤلمة لأنها تكشف له حقيقة معدنه كما يصهر الذهب ليطهر فيزداد نقاءً . فكل من يتحمل وهو يصغي إلى صوت الله ويصنع المستقيم في عينيهِ ويعمل بوصاياه وفرائضهِ ، فالله سيحفظه ويكافؤه .

   المنّ والسلوى هو خبز نازل من السماء . وهو هبة إلهية للشعب العبري . وفي الوقت ذاته كان محنة للشعب ، لأنه لا يعطى بإستمرار ، بل حسب الحاجة فقط لأن الله يعطي خبز الكفاف فقط وعلى الإنسان أن ينظر إلى حاجتهِ فقط ويتأمل بخوف في الموت لكي يسلّم حياته إلى الله . وكان على الشعب اليهودي عندما كان يتلقى خبزالسماء أن يزداد ثقتاً وعلماً عن الله الذي يحبهُ ويرسل له الخبز كل يوم . إضافة إلى الخبز كان يظهر لهم الله في الغمام ، فكانوا يرون مجده . أما الإنسان الذي يفقد ثقتهِ بالله يلجأ إلى التكديس كما فعل البعض في تكديس المنّ ، فسببه هو الطمع وعدم ثقتهِ بخالقه . ففي المنّ حقيقة أخرى هي إمتحان ثقة الشعب . المنّ المعطى من السماء هو رمز لخبز السماء الحقيقي الذي سينزل إلى الأرض في العهد الجديد . فالمنّ في عهد موسى كان بمثابة وعدٍ ورمزٍ لخبز السماء الذي سينزل على المؤمنين بالمسيح المتجسد في العهد الجديد .

  قال اليهود للمسيح ( آبائنا أكلوا المنّ في البرية كما جاء في الكتاب : ( أعطاهم من السماء خبزاً ليأكلوا ) فأجابهم يسوع ( الحق الحق أقول لكم : لم يعطكم موسى خبزاً من السماء ، وإنما ابي هو الذي يعطيكم الآن خبز السماء الحقيقي ، فخبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم ) ” يو 6: 31-32 ” . المن قبل أن يكون طعاماً للجسد هو وعد الله ، وهو كلمة حية تخرج من فمه ، لأن ( ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله ) ” تث 3:8 ” . فالله الذي أطعمَ الإنسان طعاماً ، أعطى معه كلمته الحية ، فالمن والكلمة مرتبطان إرتباطاً وثيقاً ، وكلاهما طعام الإنسان . لهذا أستشهد يسوع في ردهِ على المجرب في مشهد التجربة ( طالع مت 4: 1-11 ) . فالإنسان لا يعيش بالخبز وحدهُ ، بل بالكلمة الإلهية التي تغذي النفس ، وكلمة الله هو المسيح الذي هو الخبز أيضاً النازل من السماء . أي أنه الخبز والكلمة معاً ، لهذا قال لليهود ( أنا الخبز الذي نزل من السماء ) ” يو 41:6 ” فتذمروا عليه وأثار كلامه جدلاً عنيفاً ، وخاصةً عندما قال ( إذا لم تأكلوا جسد إبن الإنسان ، وتشربوا دمه فلا حياة لكم في داخلكم ) ” يو 53:6 ” إنه الخبز السماوي الحقيقي وليس كالمنّ الذي أكله الشعب العبري ثم مات . فالذي يأكل جسد الرب يسوع ويعمل بوصاياه ستكون له الحياة . أي من يأكل جسد الرب ويشرب دمه في سر الإفخارستيا بإستحقاق فسيحيا وينال الحياة الأبدية ، فعلينا أن ندرك عظمة سر إفتداء البشر ومدى إستحقاقنا له عندما نتهيأ لتناول ذلك الخبز السماوي النازل على مائدة الرب فوق مذبح الكنائس . مجداً لأسمه القدوس .  

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!