مقالات دينية

الخليقة والطبيعتان في أقنوم الكلمة

الكاتب: وردااسحاق
 
الخليقة والطبيعتان في اقنوم الكلمة

 
نقصد بالخليقة كل شىء مخلوق من المرئيات ومن الخلائق اللامرئية كالأرواح . أما 
الطبيعتان ، فنقول : للمسيح يسوع طبيعتان ، أنسانية وألهية . أتحدت الطبيعتان الأنسانية والألهية في شخص يسوع المسيح ليكون ألهاً كاملاً وأنساناً كاملاً . فتارةٍ فنراه يتحدث عن نفسه كأنه أله مساوي للآب في الجوهر . وكذلك يقول عن نفسه كأنسان متضعاً ليصير أدنى من الله الآب . هذا عندما كان يعبر عن طبيعته البشرية التي من خلالها تألم وجاع وعطش ونعس ومات على الصليب  لكي يدفع ثمن الخطيئة بدمه الطاهر ولوحده . أما عن طبيعته الألهية فيعبر عنها الرسول بولس بوضوح قائلاً ( فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً ) ” كول 9:2″ . فلو حللنا كل كلمة في هذه الآية لكي نصل الى عمق هذه الكلمات ، فنقول كلمة ( كل ) تعني الكمال ، و( ملء ) تعني تمام . أي أن في المسيح الأنسان الطبيعة الألهية الكاملة التي حلت فيه جسدياً . وبسبب الجسد أصبح أنساناً لأن الله روح لا جسد له . وبسبب الجسد أصبح صورة الله الغير المنظور منظوراً ، أي صار يعبر عن الآب والأبن ، لهذا قال ( من رآني رأى الآب ) . أنه بكر كل خلق . لم يقل ( بكر كل خليقة ) لهذا نحن المؤمنين أصبحنا باكورة الخلائق الجديدة به في العهد الجديد ، كما قال الرسول يعقوب 18:1 ( وهو قد شاء أن يجعلنا أولاداً له ، فولدنا بكلمته ، كلمة الحق ، وغايته أن نكون باكورة خليقته ) .
أما عن كلمة خليقة ( المسيح ) فنقول ، أن المسيح ليس خليقة ، بل بكرعلى كل ما خلق ، لأن به خلق الآب جميع الأشياء ما في السموات وعلى الأرض ، وما يرى وما لا يرى . الملائكة والأرواح الأخرى به خلقت . لهذا لا يجوز أن يكون هو خليقة بل خالق الكل ، به وله خلقت عروشاً وسيادات ورئاسات أو سلاطين ” كول 1:15-17″ . هو إذاً هدف الخليقة التي خلقت لمجده . ومن هنا نستنتج بأنه هو أصل الخليقة كلها وغايتها لأنه الألف والياء ، البداية والنهاية . هو قبل جميع الأشياء وليس أحد كائناً قبل الجميع سوى الله ، وبالمسيح الأله يدوم كل شىء . أجل المسيح هو أصل الخلق وبدايته ” رؤ 14:3″ من المحال إذاً أن يكون خليقة لأنه هو المبدع للسموات والأرض وهو في الطبيعة الألهية ، لهذا تقول الآية ( أنت يا رب أسست الأرض في البدء ، والسموات هي صنع يديك ) ” عب 10:1 ” هنا الرب هو الأبن .
تقول عنه جماعة شهود يهوة ، بأنه أول مخلوق تبناه الله . ثم استخدمه ليخلق به كل شىء . وهكذا يشوهون تفسير بعض الآيات لكي تخضع لآرائهم وعقيدتهم الآخرين ، لكن هذه الآيات تبرهن بطلان أقوالهم ، وهي :
( الكلمة صار جسداً وحل بيننا ، وقد أبصرنا مجده ، مجد ابن وحيد عند الآب ، وهو ممتلىء بالنعمة والحق ) ” يو 14:1″  وتقول الاية ( فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً ) ” كول 9:2 ” ( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى إنه بذل ابنه الوحيد ) ” في 16:3″ ( الذي إذ هو في صورة الله ، لم يعتبر مساواته لله خلسة ، أو غنيمة يتمسك بها ) ” في 6:2 ” ( عن ابنه الذي صار من ذرية داود بحسب الجسد ) ” رو 2:1 ” ( ومن لا يؤمن فقد دين لأنه لم يؤمن بأسم ابن الله الوحيد ) ” يو 23:5″ ( فلما بلغ ملء الزمان ، أرسل الله ابنه مولوداً من أمرأة ) ” غل 4:4″ كذلك طالع الآيات : ( ” عب 1: 1-2 ” ” يو 1ك1 ” ” لو 2ك 48-49 ” ” يو 10 : 30-31 ” ” يو 5: 18-19 ” ” يو 23:5 ” .
   الآن نقول وهل هناك غموض ؟ المنطق يحكم بتسلط الضوء جيداً على هذه الآيات كلها لكي لا يفسر ما هو واضح تفسيراً خاطئاً . يضللون أنفسهم فيتحججون قائلين بأن المسيح نفسه أنكر نفسه بأنه إله . فقال في الآية ( أيها المعلم الصالح ماذا أعمل من الصلاح لأرث الحياة الأبدية ؟ فقال له : لماذا تسألني عن الصلاح ؟ إنما الصالح واحد وهو الله ) ” مت 19: 16-17″ . وفي لوقا ” 19:18 ” يعبر عن نفس الآية ( لماذا تدعوني صالحاً ؟ أنه لا صالح إلا الله وحده ) تعتبر هذه الآية من الآيات الغامضة التي لا يجوز أن تفسر ذاتها أنها تعطف الى آيات أخر لكي تكتمل المعنى فنصل الى الجواب الكامل . أضافة الى أن المسيح أراد أن يخفي لاهوته في بداية رسالته لكي يستطيع الأستمرار في الكرازة ، لم يكن ينكر لاهوته بل كان يرد على السائل يطرح الأسئلة عليه  والنتيجة ستتوضح للأجيال الذين سيقرأون الأنجيل . لكن المسيح أصبح واضحاً في أيامه الأخيرة وصريحاً بأقواله ، كقوله الصريح ( أنا والآب واحد ! ) ” يو 30:10 “وهكذا يقصد في كلمة صلاح لذلك الشاب الذي نسبها الى ناسوت المسيح وكأبن أنسان فقط ، فهو تنسيب صحيح أيضاً لأن ذلك الصلاح ينبع من اللاهوت الذي يمتلكه المسيح والذي لا يعلم به أي أنسان .
ختاماً نقول ، المسيح كان يتحدث مرات عديدة عن طريق ناسوته فقط  وكأن له طبيعة أنسانية فقط ، فيقول ( أما ذلك اليوم وتلك الساعة ، فلا يعلمها أحد ، ولا الملاة الذين فيالسما ولاالأبنإلا الأب ) ” مر 32:3 ” . وهذا لا يعني بأنه لا يعلم ، بل أنه غير مكلف بأعلانها . لكن في الحقيقة المسيح كان يعمل كما يعمل الآب . ( مهما يعمله ذلك ” أي الآب ” فهذا يعمله الأبن أيضاً على مثاله ، لأن الآب يحب الأبن ويريه جميع ما يعمل ) ” يو 5: 19-20 ” وهكذا نلتمس ونؤمن ونعتقد بلاهوت المسيح من تصريحاته ومعجزاته وقدراته . أخيراً نقول ، المسيح له طبيعتان الأولى ، أنه إله حق والثانية أنسان حق وبه خلق كل شىء وهو مساوِ للآب بلاهوته ” يو 30:10 ” . 
عندما نقول بأن الآب أعظم منه ، فحينئذ ننظر الى ناسوته ، أما عن طبيته الالهية فهو مساوٍ له وكما قال ( أنا والآب واحد ) وهكذا نميز بين طبيعتي المسيح ، أما فنياً فنعبر عن الطبيعتين برسمه بشكل بورتريه له قلب ظاهر وفوقه شعلة نار تعبر عن محبته المتقدة للجميع ويده اليمنى مرفوعة لكي يبارك الجميع فيها أصبعان مفتوحان فقط والتي ترمز الى طبيعتين . أما أخوتنا الأرثوذكس فيرسمون نفس الصورة لكن بأصبع واحد مرفوع فقط لأيمانهم بالطبيعة الواحدة .
المجد كل المجد لربنا ومخلصنا يسوع المسيح
بقلم
 وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!