حق المحكوم عليه أو المتهم في رفض شموله بقانون العفو العام أو
أولًا: الأساس القانوني لحق المحكوم عليه في رفض العفو
1. العفو ليس إلزاميًا:
• العفو، سواء كان عامًا أو خاصًا، هو منحة من الدولة وليس التزامًا قانونيًا يُفرض على المحكوم عليه. وبالتالي، لا يجوز إجبار المتهم أو المحكوم عليه على قبوله.
• وهذا ما استقر عليه الفقه القانوني، حيث يُعد العفو وسيلة لتجاوز العقوبة، لكنه لا يُلغي حق المدان في التمسك بحقوقه القانونية ومواصلة إجراءات الطعن لإثبات براءته أو تقليل العقوبة بطرق الطعن المتاحة.
2. حق المتهم والمحكوم عليه في متابعة الإجراءات القضائية:
• وفقًا لقواعد المحاكمة العادلة، لا يجوز حرمان المحكوم عليه من مباشرة وسائل الطعن القانونية المتاحة له، سواء أكان ذلك بالاستئناف أو بالتمييز، لمجرد صدور قانون عفو عام أو خاص.
• المبدأ العام في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي يؤكد أن طرق الطعن في الأحكام حقٌ شخصيٌ للمحكوم عليه، ولا يمكن إجباره على العدول عن هذا الحق لصالح العفو.
3. تأثير العفو على حقوق المحكوم عليه مستقبلًا:
• بعض القوانين تمنع الاستفادة من العفو لأكثر من مرة، فإذا قبل المتهم العفو في قضية معينة، فقد يُحرم من الاستفادة منه في المستقبل إذا صدر عفو آخر وكان قد ارتكب ج#ريم*ة جديدة.
• رفض العفو يتيح للمتهم متابعة قضيته وإمكانية البراءة أو الحكم بعقوبة أخف، مما يحميه قانونيًا في المستقبل.
ثانيًا: تطبيقات قضائية وسوابق لمحكمة التمييز العراقية
1. قرار محكمة التمييز العراقية العدد 197/تمييزية/1996 في 10/6/1996
• أكدت المحكمة في هذا القرار أن “العفو العام يُنهي العقوبة ولا يُزيل آثار الج#ريم*ة، ولا يُعتبر مانعًا من اللجوء إلى طرق الطعن المتاحة.”
• بمعنى أن المحكوم عليه إذا رفض شموله بالعفو العام، يمكنه الاستمرار في إجراءات الطعن للوصول إلى نتيجة قانونية مستقلة عن العفو.
2. قرار محكمة التمييز العدد 432/هيئة عامة/2001 في 18/9/2001
• قررت المحكمة أن “قبول العفو يعد بمثابة تنازل عن الحق في الطعن بالحكم، ما لم يكن العفو تلقائيًا بنص قانوني.”
• هذا يعني أن المحكوم عليه إذا قبل العفو، فإنه يفقد الحق في متابعة الطعن، لكنه ليس ملزمًا بقبوله من الأساس.
3. قرار محكمة التمييز العدد 1014/تمييز جزائي/2009
• المحكمة رأت أن “العفو ليس حكمًا قضائيًا بل هو إجراء تشريعي أو تنفيذي يمنح المحكوم عليه خيار القبول أو الرفض.”
• وأكدت أن “التمسك بالعفو لا يعني البراءة بل فقط الإعفاء من العقوبة”، مما يشير إلى أن رفض العفو يتيح للمتهم فرصة الدفاع عن نفسه عبر الوسائل القانونية الأخرى.
ثالثًا: موقف الفقه القانوني
• ذهب الفقه القانوني العراقي إلى أن العفو “يُوقف تنفيذ العقوبة لكنه لا يُزيل الإدانة”، ولهذا يحق للمحكوم عليه أن يرفض شموله بالعفو إذا كان يرغب في الاستمرار في الطعن بحكم الإدانة.
• كما أن قبول العفو قد يؤثر مستقبلاً على أهلية المحكوم عليه، خاصة إذا كانت هناك قيود قانونية تحظر شمول شخص ما بأكثر من عفو خلال فترة زمنية معينة.
الخلاصة
• للمحكوم عليه كامل الحق في رفض شموله بقانون العفو إذا كان لا يزال أمامه طرق للطعن ويرغب في إثبات براءته أو تقليل العقوبة.
• لا يمكن إجباره على قبول العفو، لأنه ليس إلزاميًا إلا إذا نص القانون صراحةً على أنه يشمل الجميع وجوبيًا، وهو أمر نادر.
• محكمة التمييز العراقية أقرت في أكثر من قرار أن قبول العفو يعد تنازلًا عن طرق الطعن، لكن هذا لا يمنع المحكوم عليه من رفضه والاستمرار في الطعن، خاصة إذا كان ذلك يؤثر على حقوقه المستقبلية.
بالتالي، يمكن للمحكوم عليه أن يختار مواصلة قضيته وفق الطرق القانونية المتاحة له، حتى لا يُفهم شموله بالعفو على أنه إقرار بالج#ريم*ة، مما قد يضر بموقفه القانوني مستقبلاً.
المصادر:
1. مجموعة الأحكام القضائية لمحكمة التمييز العراقية
https://www.hjc.iq
2. قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 (المعدل)
3. قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 (أو أي قوانين عفو أخرى صادرة بعده)
4. الكتب الفقهية القانونية العراقية
• عبد الستار جواد، “شرح قانون العقوبات العراقي”.
• عادل شلال العاني، “أصول المحاكمات الجزائية في العراق”.
المحامي سجاد خماس الساعدي
غرفة محامي البصره
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.