مقالات دينية

الميلاد الأزلي للمسيح وشراكته في أزلية الله

الميلاد الأزلي للمسيح وشراكته في أزلية الله

الميلاد الأزلي للمسيح وشراكته في أزلية الله

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( في البدء كان الكلمة . والكلمة كان لدى الله ، والكلمة هو الله ) 

   عندما نطالع الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا فسنشعر بإننا في فترة اللازمن . في فترة أزلية المسيح ، أي قبل تجسده . فالبشير يوحنا يفتح إنجيله بهذه الكلمات التي لها تأثير وثقل وكأنها سُجِلَت من أعماق الأزلية ، وقبل أن يخلق الله أي شىء . فكتب قائلاً :

 ( في البدء كان الكلمة ) والكلمة مؤنث لفظي ، ومذكر معنوي . والمقصود بالكلمة هو المسيح إبن الله . ( والكلمة كان لدى الله . والكلمة هو الله ) كان ” أي المسيح ” منذ البدء ( أي منذ الأزل ) لدى الله . نقول ما كتبه يوحنا اللاهوتي يُعبّر عن رؤية شاملة وعميقة عن أصل المسيح الأزلي الكائن قبل كل الدهور ، أي خارج الزمن . والذي تجسد ، وولد من إمرأة في الزمن ( غل 4:4 ) . فمقدمة إنجيل يوحنا تختصر ماضي يسوع السحيق ، ويختصر بالقول ، أن المسيح هو كلمة الله منذ الأزل ، اي منذ وجود الله الآب ، لأن لا وجود لله الآب بدون كلمة ولو للحظة قصيرة . فالأقنومان مع إقنومهما الثالث ( الروح القدس ) وجدوا معاً منذ الأزل الغير محدود  بزمن . لم يكن هناك إقنوم قبل الآخر ، لأن لا يجوز أن يكون الله الآب موجوداً بلا كلمة وبلا روح ولو لبرهة واحدة . إذاً المسيح وجد خالداً ، ويبقى خالداً .

   عندما نقرأ بداية أول سفر التكوين فنجد فيه عبارة ” في البدء “ أيضاً وجدناها في بداية إنجيل يوحنا . ، يبدأ سفر التكوين ، بالآية : ( في البدء خلق الله السماوات والأرض ) ” تك 1:1 ” .  )   أي لم يكن من موجود في الكون غير الله . وعندما كان الله يتهيأ لخلق الكون كان الكلمة ( المسيح ) موجوداً قبل الكون أي في الأزل . وقبل كل شىء ، وبه خلق الله كل شىء . والكلمة هو الله بدون أن يكون هناك إلهاً ثانياً . وهكذا يرتسم السر الذي يؤلف جوهر الوحي ، والتمييز بين أقنومين في قلب الوحدة الإلهية ، وإتحادهما معاً في المحبة ( أنا والآب واحد ) ” يو 30:10 ” . وهنا إكتشف لنا يوحنا السّر بوضوح ، بأن لم يكن يسوع موجوداً بدون الله الآب ، ولا خارجاً عن الله ، ولا كان الله قبله وبدونه . فإنهما إذاً شريكان في الأزلية . هذا عن الأزلية الروحية للمسيح الإله . أما عن قول يسوع ( لأن الآب أعظم مني ) فهذه العبارة قد أزعجت الكثير من اللاهوتيين ، ويجب أن تدرج في رؤية الإنجيل الرابع ، حيث يظهر الآب كالألف والياء ، كالمبدأ والغاية ، كالمصدر والخاتمة ، ونحوه يرفع يسوع نظره كما نرى في رمز الراعي الصالح ( يو 17:10 ) لكي يمجده في كل شىء . ويسوع الإنسان لم يعمل إلا على إظهار الأب ( يو 44:12 و 6:17 ) لكن هذا الإظهار الذي لا غبار عليه ، والذي هو مجده أيضاً ، لم يكن ممكناً إلا لأنه هو ( الإبن الواحد الذي في حضن الآب ) ” يو 18:1 و 19:5 ” . والذي يستطيع وحدة أن يقول ( أنا والآب واحد ) .

ميلاد المسيح في الزمن

    أما عن موضوع تجسده في الزمن ، فقد أشرق في الزمان والمكان كالنور في ظلمة هذا العالم . والظلمة لم تستطيع توقف سير النور الإلهي المتجسد في الإنسان . تقول الآية ( كان في العالم … ولم يعرفه العالم . جاء إلى بيته ، فما قبلهُ أهل بيته ) . كشف سر التجسد الرسول يوحنا ، قال ( والكلمة صار بشراً ، فسكن بيننا ، فرأينا مجده . مجداً من لدن الآب لإبن وحيد ، ملؤه النعمة والحق ) ” يو 14:1 ” وهذا الكلام مثقل بالمعاني اللاهوتية العميقة . فلفظة ( بشراً ) لا تعني الجسد فحسب ، وإنما إتخذ طبيعتنا البشرية في نفس اللحظة ، وعاش بيننا وبطبيعتنا بدون خطيئة حتى الموت . إتخذ طبيعتنا البشرية وهو الكلمة الإلهية السماوية وتجذر في بني إس*رائي*ل ( فتأصلت في شعب مجيد ، وفي نصيب الرب ، نصيب ميراثه ) ” سير 12:24 ” .

  هو سكن بيننا ، وأقام في المسكن البشري ، وتخلى عن مجده ، وتكلم الله به ، وهذا المجد هو ( مجد الإبن الواحد ) والكلمة المشاركة الله حالياً في الأزلية هو إبنه الواحد يسوع المسيح . المولود من الآب ، والذي نال مجده . وهذا المجد جعله إبناً . وهنا تبرز معطيات جديدة ، لم تتضمنها المقاطع الأولى من المقدمة . ومن ملئه نلنا بأجمعنا نعمة على نعمة . وعلى كل جماعة المعمدين الذين يحييهم الإيمان بإسمهِ ، يفيض ملْ النعمة والحق الذي لا ينضب معينهُ المسيح يسوع تجسد بيننا ليكوّن العهد الجديد ، فيدخل بين الناس مبدأ النعمة والحق ( هو 16:2 ) لقد حول المتجسد الإلهي مجرى التاريخ لكي يوجهه نحو الآب نبع النور والحياة .

وهكذا يختم يوحنا ليعلن سر الله الذي لا يُسبرَ ( الله لم يرهُ أحد قط ) وإذ بهذا السر قد كشفهُ ( الإبن الواحد الذي في حضن الآب ) إنه شعاع مجده . فله المجد إلى الأبد .

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!