الحوار الهاديء

ألرابطة الكلدانية فكرة رائدة

الكاتب: الدكتور صباح قيا
الدكتور صباح قيا: ألرابطة الكلدانية فكرة رائدة

سالني ضابط الحدود خلال عبوري من كندا إلى أمريكا عند معبر ديترويت – مشيكن : هل أنت كلداني؟ (Are you Chaldean)
 ثم ابتسم بارتياح بعد إجابتي له بنعم … وفي إحدى المؤسسات الرسمية الأمريكية , كنت مع ولدي في مقابلة مهنية , جاء موظف من الغرفة المجاورة بعد استماعه للحوار الدائر بين الموظف وإبني ليبادرنا بنفس السؤال ، ثم قدم لنا نفسه مصافحاً أنه أيضاً كلداني أمريكي الولادة  من أب تلكيفي وأم بطناوية ’ ويتكلم الكلدانية بالبيت …. وخلال عملي في المملكة المتحدة وبالتحديد في شهر كانون الأول من عام 2004 , أراد أحد الزملاء من الأصول الأيرلندية أن يتعرف على الكلدان , فزودته ببعض الروابط ليطّلع عليها . أبدى إعجابه الشديد بتاريخهم وإيمانهم عند لقائي معه بعد عدة أيام , وشدد على ضرورة المحافظة على لغة المسيح , ولا غرابة في ذلك كونه كاثوليكي ملتزم …. وفي المركز الطبي الذي أعمل فيه حالياً ، يعلم الجميع بأني كلداني وخاصة الزملاء العرب … ألكل ينظر إلى الكلدان كشعب متميّز ولن يهمّه سواء كان من سلالة نبوخذ نصر , أو من صنع فاتيكاني … حقيقة وجودهم اليوم ظاهرة أمامهم كالسراج الموضوع على قمة جبل . أما اصل ألأقوام والأجناس فتصلح للدراسات الأكاديمية , ولن تخضع لواقع الحال , والمهم احترام البعض للبعض الآخر بما هو عليه وله حاضراً وترك الأجداد لترقد في لحدها  بسلام .   
 
 إذن ماذا يعني السؤال هل أنت كلداني ؟ .. لماذا لا يصاغ السؤال هل انت مسيحي ؟ كاثوليكي ؟ بروتستانتي ؟ وما شاكل من المذاهب والأديان ؟ .. ألجواب ببساطة : لأن مثل هذا السؤال قد تترتب عليه تبعات قانونية في المجتمعات المتحضرة , أما الأول فوضعه لا يختلف عن هل أنت إيطالي ؟ بولوني ؟ عربي ؟ …. الخ .. فالكلدان كيان فائم بحد ذاته حتى بدون وطن محدد يجمعهم .. لهم لغتهم , نواديهم , جمعياتهم المتعددة , مراكزهم المتنوعة , أماكن عبادتهم , مثوى قبورهم , مؤسساتهم , تراثهم , تاريخهم , وكل ما يمتّ لأي شعب مستقل بصلة … كل هذي وتلك تتكلم عن كلدانيتي , فهل أخشى عليها ؟ وممن ؟ .. وكما أكد البطريرك الكلي الطوبى لويس ساكو في لقائه مع مجاميع من الشعب الكلداني في مشيكن , بأنه كلداني ولا يحتاج ان يرفع لافتة مكتوباً عليها ” انا كلداني ” لترافقه أينما حل ّ … نعم أنا ” صباح ” فهل أكتب إسمي على ربطة أرتديها ؟ … إلا إذا خفت على نفسي من الضياع , ولن تضيع إلا إذا فقدت صوابي  … لقد ولّى الزمان ,  وإلى غير رجعة ,  الذي تتمكن فيه الشعوب والأديان والمذاهب والقبائل من إبادة أو التهام بعضها الآخر . فإذا استطاعت بعض الأسماك المتنفذة مرحلياً من ابتلاع بعض الأسماك الكلدانية بطريقة أو بأخرى ,  فمن العسير بل المستحيل عليها أن تبتلع الأغلبية الساحقة المتمسكة بجادة الصواب وباعتزاز . وقد يأتي الوقت الذي تتمنى فيه تلك الأسماك الضحية أن تخرج من جوف صائديها .
 
والآن مع الرابطة الكلدانية التي برزت كفكرة رائدة من قبل قمة هرم الكنيسة الكلدانية , والتي في طريقها لترى النور في القريب المنظور . مهما قيل عنها وسيقال , فهي من وجهة نظري الشخصية ضرورة مهمة في ظرف عصيب . لا أعتقد بأن أي حزب أو تنظيم كلداني يستطيع أن يجمع  كافة الكلدان تحت خيمته , فالأحزاب والتنظيمات بصورة عامة تخدم أجندات معينة تصب على الأغلب في مصالح قادتها . ألكثير منا يعلم عن الأحزاب التي تشكلت في  الغرب بعد الحرب العالمية الثانية بمسميات مسيحية ولكنها لم تقدم أية خدمة ذات فائدة للمسيحية كدين بل ربما أضرتها …

هنالك من يعترض على تنصيب البطريرك رئيسها الأعلى .. طيّب …. إذكر لي إسما يقتنع به كافة الكلدان وأنا الممنون ؟ .. ولأستر المكشوف ولن أعيد ما هو معروف ومعلوم عن فشل الكلدان النزول بقائمة واحدة في انتخابات حتى ولو نتيجتها مقررة سلفاً , ولكن على الأقل تعكس موقفاً موحداً لهم .  في البدء ولضمان نجاح الرابطة ,  من الأفضل , بل من الضروري أن يترأسها البطريرك ألذي لن يتحفظ عليه إلا عدد محدود جداً ولمقاصد معينة . من يحرص على الكلدان عليه دعم كل ما يحمل إسم الكلدان ويعمل   لتحقبق أهداف شمولية كالرابطة , ويصبر لحين تتكلم الأعمال , ومن ثم لكل حادث حديث . من السذاجة الحكم على وليد لم يولد بعد … أما التفاصيل الباقية فقد وضعت من قبل بني البشر , وما وضعه الإنسان حين شاء يغيره الإنسان متى شاء .

من دون شك , أن العمل الجماعي لن يتكلل بالنجاح إلا إذا أسقط أفراده غريزة ” ألأنا ” من قاموسهم .. وهذه لن تكون مهمة سهلة على الإطلاق , وهنا يبرز الدور الإداري  والقبادي للمسؤولين في الرابطة لتهميش تلك الغريزة المدمرة قدر الإمكان … ونقطة مهمة أخرى هو عدم الإنقياد لمن يتقن لغة الإطراء , بل لمن يتصف بنقاوة وجودة الأداء . وأضيف أن هنالك من الحكام الناجحين من يمنح مناصب مرموقة لمعارضيه ليضعهم على المحك في ما به ينتقدوه , فالأمل في الرابطة أن لا تحابي من جهة وتجافي من جهة أخرى , فليس كل ناقد حاقد , ولا كل مادح زاهد .
 
 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!