مقالات

التحكيم الالكتروني ام التحكيم بالوسائل الالكترونية؟

ظهرت مصطلحات تداولها بعض الكُتاب توحي بأننا امام انواع جديدة من التحكيم تختلف عن التحكيم الاعتيادي او التقليدي، واطلق عليه (التحكيم الالكتروني) لذلك لا بد من معرفة حقيقة الخدمة الالكترونية التي يقدمها التحكيم الالكتروني وساعرض الموضوع على وفق الاتي :-

1- تعريف التحكيم الالكتروني عرف بعض الكتاب التحكيم الالكتروني بأنه ( التحكيم الذي تتم اجراءاته عبر شبكة اتصالات دولية بطريقة سمعية وبصرية دون الحاجة الى التواجد الماديلاطراف النزاع والمحكمين في مكان معين)[1]، بينما لم يرد اي تعريف في اي نص قانوني واطلق بعض شراح القانون تسمية (التحكيم الافتراضي) بمعنى أنه يتم عبر الفضاء الشبراني ودون المواجهة الجسدية لاطراف الخصومة.

2- غاية التحكيم الالكتروني : ان غاية التحكيم الالكتروني لا تختلف اطلاقاً عن غاية التحكيم الاعتيادي او التقليدي، حيث ان كلاهما يسعى لفض النزاع او الخصومة بين طرفين اتفقا على اللجوء الى القضاء، وبذلك تتوحد الغاية بينهما، ولا اختلاف فيها.

3- وسيلة فض لنزاع في التحكيم الالكتروني: ان وسيلة فض النزاع تكون عبر الرسائل المتبادلة بين اطراف التحكيم سواء الخصوم او المحكم (هيئة التحكيم)، ويكون التبادل عبر الوسائل الالكترونية (الانترنيت) وليس بالمناولة اليدوية من طرف الى اخر مثلما عليه التحكيم الاعتيادي (التقليدي)

4- لكن في كل الاحوال يبقى الاشخاص الطبيعية (الافراد) هم اساس العملية في كل الاحوال، بمعنى أن من يكتب الرسائل للبدء بعملية التحكيم وخلال عملية التحكيم وعمل المحكم او (هيئة التحكيم) هم الاشخاص الطبيعين، وهذا يعني أن التحكيم الالكتروني من حيث الفاعل وصاحب الارادة هم الأشخاص (الانسان) وليس الالكتروني او الوسيلة الالكترونية .

5- وهذا يقودنا الى أن التحكيم الالكتروني، بوصفه المعروض في أغلب الكتب والمراجع التي تناولته، هو ل يختلف عن التحكيم التقليدي، وانما مجرد أختلاف الوسيلة في أجراء التحكيم, بدل من المناولة اليدوية للطلبات واللوائح وغيرها يكون بأرسالها عبر الوسائل الالكترونية ويشير احد الكتاب الى هذه الحقيقة بقوله ( ان التحكيم الالكتروني) لا يختلف في معناه عن التحكيم الالكتروني، وانما الاختلاف يبود في في طريقة ادارة التحكيم)[2].

6- أن مفهوم التحكيم الالكتروني يجب أن يكون تُجاه اتمام عملية فض النزاع من قبل تطبيق الكتروني مبرمج، وعند ذاك يمكن لنا أن نقول اننا امام تحكيم الكتروني، وهذا ليس بغريب عن الساحة القانونية، حيث توجد تطبيقات الكترونية تعمل وتجري تصرفات قانونية ومنها الوكيل الالكتروني, الوكيل الالكتروني كما أطلق عليه قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية العراقي رقم 78 لسنة 2012 حيث عرفه في الفقرة (ثامناً) من المادة(1) بالاتي (برنامج الحاسوب أو أية وسيلة الكترونية أخرى تستخدم من اجل تنفيذ إجراء أو الاستجابة لإجراء بقصد إنشاء أو إرسال أو تسلم معلومات)، لكن وجدت رأي بان يكون التعاقد بواسطة الوكيل الالكتروني لكل طرف، بمعنى أن لا يتم التدخل به من قبل الشخص الطبيعي، حيث ورد ذلك في القانون العربي الاسترشادي الصادر عن مجلس وزراء العدل العرب اعتمد بقرار مجلس وزراء العدل العرب رقم 812/ د25 تاريخ 19/11/2009 حيث جاء في الفقرة (1) من المادة (17) الآتي (يجوز أن يتمّ التعاقد بين وسائط إلكترونية متضمّنة نظامي معلومات إلكترونية أو أكثر تكون معدّة ومبرمجة مسبقاً للقيام بذلك ويكون التعاقد صحيحاً ونافذاً ومنتجاً لآثاره القانونية حتى في حالة عدم التدخّل الشخصي أو المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد في هذه الأنظمة) وكذلك تطبيقات التواصل الاجتماعي عند أنشاء صفحة فيها فأن من يقبل الطلب ويدققه ويعلق القبول هو برنامج الكتروني وليس فرد أو شحص طبيعي , وهذا يطلق عليه تعاقد الكتروني وتصرف الكتروني[3] .

7- لذلك فأننا امام تحكيم واحد وليس امام نوعين من التحكيم (تقليدي والكتروني), وأنما الفرق هو في وسيلة أجراء التحكيم حيث ان التحكيم الاعتيادي يعتمد على المناولة اليدوية لتقديم الطلبات لأجراء اللازم وأجراء التصرفات القانونية، مثل التعاقد مع المحكم وأجراء عقد التحكيم (الشرط والمشارطة)، مع التنويه الى وجود تطبيقات الكترونية تتولى فض النزاعات المحدودة والبسيطة بعد برمجتها تغذيتها بالمعلومات وهي التي تعالج تلك المعلومات ومن ثم تعطي الحكم, وهذا يمكن وصفه بالتحكيم الالكتروني, الا أن ذلك مازال بعيد المنال ويبقى التحكيم نوعاً واحداً لاعتماده التحكيم, والفرق هو تطور استعمال الوسيلة ليس الا.

سالم روضان الموسوي

قاضٍ متقاعد

الهوامش=================
[1] نقلا عن القاضي الدكتور لفتة العجيلي والدكتور علي حسين دويح ـ تسوية المنازعات الالكترونية (التحكيم الالكتروني والقضاء الالكتروني) ـ منشورات المؤسسة الحديثة للكتاب ـ طبعة بيروت الاولى عام 2024 ـ ص38

[2] القاضي الدكتور لفتة العجيلي والدكتور علي حسين دويح ـ مرجع سابق ـ ص36

[3] للمزيد انظر القاضي سالم روضان الموسوي ـ النظام القانوني لانشاء صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ طبعة بيروت الثانية عام 2022

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!