مقالات دينية

صوم دانيال وتحديه لقوانين نبوخذنصر

وردا اسحاق

 

 

 

صوم دانيال وتحديه لقوانين نبوخذنصر

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( أما دانيال النبي فجعل في قلبه أنه لا يتنجس ) ” دا 8:1″

دانيال النبي هو أحد المسبيين إلى بابل ، ورغد وجوده في أرض غريبة وفي قصر الملك البابلي وهو في عز أيام شبابه ، أثبت في تلك الفترة قوة إيمانه وتحدى كل قوانين الفقر لكي يعيش حياة روحية طاهرة من كل قلبه وفكره وقدرته . فمن القلب ينبت الحياة الروحية النقية ، والقلب مرتبط بالهدف الأسمى من حياة الأنسان وحسب قول الرب ( حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ) ” مت 21:6″ والقلب يضبط شهوات الأنسان وأهوائه لكي يعيش الإنسان وفق إرادة الله التي تقوده في طريق الخضوع والطاع ومخافة الله . فدانيال خاف الله أكثر من خوفه من سيده الملك . أقتدى بعفة يوسف الصديق الذي عاش في الطهارة والنقاوة في قصر فوطيفار وكان الله معه ، وما هو سر قوة يوسف ودانيال ؟ سر قوتهم كانت الإلتزام بما لله أكثر مما لقادة هذا الدهر . لهذا التزم دانيال وبكل قوّة بما يملىء عليه إيمانه من الإتضاع والصوم والصلاة والإلتزام بإيمان آبائه . كان بمقدوره أن يعيش حياة طبيعية منتحلاً أعذار كثيرة لكونه في قصر الملك وعليه الإلتزام بالقوانين وشرائع القصر في الملبس والمأكل وشرب الخمور . لكنه تحدى القوانين رغم إنذاره من قبل رئيس الخصيان ، قال له ( إني أخاف سيدي الملك الذي عيّنَ طعامكم وشرابكم … فلماذا تدينون رأسي للملك ) لكن دانيال وجد أن مستقبله الأبدي هو أفضل من أطاييب مائدة القصر ، والله سينقذه من القوانين والعقوبات وذلك حسب نية إيمانه ما دام القصد هو لخلاص الروح على حسال الجسد .

من أن شعوره الدائم بوجود الله معه ويدقق أعماله ونواياه لأنه يعلم ما في قلب وفكر الإنسان . لهذا عليه أن يعمل ما لله لا لقيصر بابل . كما أن الله أعطى له معمة لكي تكون له ثقة بالله الذي سيلتزم به ولا يتركه وحيداً أمام الملك ، وأخيراً سينتهي الصراع لحسابه ومصلحته . فتسليم النفس لإرادة الله أفضل من تسليمها لإرادة إنسان مهما كانت منزلته لأن الله سيفعل ما يحسن في عينيه ولصالح عبيده .

استمر دانيال في التحدي وقال للمشرف ( جرب عبيدك عشرة أيام فقط ، فلا تعطينا سوى خضراوات وماء لنأكل ونشرب ، ثم استعرضنا وقارن بين مناظرنا ومناظر سائر رفاقنا الذين يتناولون من طعام الملك .. ) ” دا 1: 12-13 ” .

إقتراح نابع من إيمان حي لا يعرف المستحيل ، وديع لا عن*ف فيه ، بل يتسم بالبساطة ، إنه نابع من وداعة قلب مملوء بالإيمان مع إصرار روحي غايته إتمام عمل الله في الحياة بكل إخلاص . غالإيمان بالله هو تسليم الذات له لكي يفعل ما يشاء في نفس الإنسان . هكذا يتخطى الإنسان نحو النضوج .

فاز دانيال في معركته ، فكانت النتيجة ، أن الله أعطاه بغنى وفيض منظراً أفضل وجسماً أسمكن من كل الفتيان ، وصحة أكثر من كل أقرانه ، لأنه ( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمةٍ تخرج من فم الله ) كذلك الشيطان أراد أن يجرب المسيح بأن يحول الحجارة إلى خبز ويأكل عندما كان صائماً وجائعاً . بقي دانيال صائماً وبعيداً عن مأكولات الملك فظنوا بأنه سيضعف بتناول القطاني ، لأنهم لا يحسبوا بأن الطعام وحده مهما كان لن يكفي إلا بوجود عنصر ثالث معه وهو الله ، وكلام الله المكتوب في كتابه المقدس والذي يجب أن يتناوله كل مؤمن لكي يبارك الله طعامه وصحته وحياته .

لم يكن دانيال الأفضل في الصحة فقط ، بل في الحكمة أيضاً ، فالله أعطاه موهبة الحكمة والفهم وقدرة التفسير أكثر من كل حكماء بابل وخاصةً تفسير حلم نبوخذنصر الذي أخفق في إكتشافه وتفسيره كل السحرة والمجوس والعرافون والمنجمون الموجودين في قصر الملك ، لكن الله أعلن لدانيال الحلم مع التفسير ، وكذلك فسر حلم الملك بيلشاصر وأعلن له سقوط مملكته بيد مادي وفارس . صوم دانيال لم يكن لأجل الحصول على مواهب ، بل كان ملتزماً بوصايا الله لكي لا يتدنس في خطايا العالم ولكي لا يعيش كإنسان خاطىء ، فالصوم أزاده صحة وقوّة وصلابة وشركة مع الله ، والله كافئه بالنعمة والحكمة أمام الملوك وحفظه من أنياب الأسود .

فالصوم هو عربون الحب مع يسوع المتألم في عصر النعمة ، فصوم الجسد يغذي الروح ويرفع الإنسان المؤمن نحو الله ، والله يباركه في هذه الحياة وفي الآخرة .  

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!