مقالات دينية

شيء من التاريخ

الكاتب: مشرف المنتدى الديني

 

 

شيء من التاريخ

يوميات أسقف

اليوم زرنا خرائب مطرانية الكلدان في الموصل فتذكرت ما قرأته في كتاب تاريخ الكوفة للسيد حسين بن السيد احمد المتوفي سنة 1332. تأملت في كيف ان التاريخ يعيد نفسه في الشمال كما في جنوب العراق منذ ايام معركة القادسية (17 هجري حوالي 638 ميلادي).

الكتاب مصور للمرة الرابعة لذلك ليس من السهل قراءته ومع ذلك توقفت عن هذه الحادثة التي تهم تاريخ كنيستنا حيث تثبت تدهور كنيسة الجنوب بسبب استشهاد مطرانها الذي كان مقره في شمال القرنة حاليا، والعاصفة التي واجهتها قبل وبعد معركة القادسية.

هذه الأحداث انعكست على وضع القبائل المسيحية ورهبان الأديرة وكان عددها حوالي 40 ديرا والتي تركت ارضها بسهولة وغادرتها نحو الشمال. علما انها بعضها عادت مع خلافة الخليفة علي بن ابي طالب حيث كانوا خير مساعدين له فخططوا مدينة الكوفة لتكون عاصمة للمسلمين وبنوا كنائس واديرة فيها وفي البصرة فيما بعد واسسوا المستشفيات والمدارس.

كانت اغلب قبائل الجنوب مسيحية ومنها قبيلة تغلب والمر وأياد. وكانت تسكن في الحيرة عاصمة المناذرة وضواحيها. والحيرة على بعد 6 كلم من الكوفة.

اما المسلمين بكانوا بقيادة سعد بن ابي وقاص الذي خاض معركة القادسية واستشهد فيها مطران كنيستنا في منطقة القرنة (فرات ميشان) آنذاك عندما ذهب في مفاوضات المسلمين مع الفرس في المدائن وق*ت*ل هناك.

ولكون المقاتلين المسلمين جلبوا عائلاتهم معهم، فكانوا يسكنون الخيام مما ادى الى تغير شكل اجسادهم بسبب سوء الأحوال الجوية. واطلقت كلمة (وخومة) عليهم كما نحن اليوم نقول عن الجو في البصرة انها وخمة. 
علما ان الكلمة كلدانية نقولها اليوم وتعني الجو حار وحاليا في البصرة تسمى هوا شرقي.
وخلال لقاء الخليفة عمر بن الخطاب (حسب الكتاب) بمجموعة من المسلمين قالوا له ان سبب الوخومة هو الجو الصعب في المنطقة. فامر الخليفة ان يسكنوا بيوتا. هنا خاف المسيحيون من احتلال المسلمين لبيوتهم فذهب وفد منهم الى الخليفة عمر فطلب منهم دفع الجزية او التحول الى الإسلام. فقررت قبيلة تغلب الهجرة الى بلاد فارس (الى المدائن). ويبدو انه فوجئ بما سيفعلون فاستمرت المفاوضات فقالوا له سندفع الصدقة كما يدفع المسلم لا ندفع الجزية. 
هنا وافق الخليفة عمر بشرط ان لا يقبلوا تحول مسلم الى المسيحية. ويقول مؤلف الكتاب ان القبائل الثلاثة مع ذلك تركوا مدينة الحيرة الى المدائن.
ولأن اكواخ القصب التي بناها المسلمون الأوائل كانت معرضة للحرائق وفعلا حصلت حرائق فقد ذهب بعض المسلمين الى الحيرة وشاهدوا وجود ثلاثة اديرة هاجرها الرهبان وهي حومة وام عمر وسلسلة فاصطحب سعد عائلات المقاتلين معه واسكنهم فيها.

جدير بالذكر ان سعد بن ابي وقاص زار دير هند بنت الملك نعمان ابن المنذر الذي استشهد على يد كسرى في ديرها حيث ترهبت بعد استشهاد والدها الملك. وخلال اللقاء قالت هند لسعد كلمات مؤلمة: ” لقد رأيتنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكا، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن من أقل الناس.” 
اليوم لا حياة مسيحية في الموصل فلنصل كي لا تغيب شمس المسيحية عن بلدنا المثخن بالجراح.
الصورة لبقايا اديرة الحيرة اليوم وصورة لمطرانية الكلدان ولكنيسة الطاهرة حيث كانت ديرا منذ القرن الخامس الميلادي.
+ حبيب هرمز

Image may contain: one or more people and outdoor
 
Image may contain: outdoor
 
Image may contain: sky and outdoor
 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!