مقالات دينية

الطوباوي مار أيث آلها النوهدري ܡܪ ܐܝܬ ܐܠܣܐ ܛܘܢܐ ܢܘܗܕܪܝܐ

الطوباوي مار أيث آلها النوهدري ܡܪ ܐܝܬ ܐܠܣܐ ܛܘܢܐ ܢܘܗܕܪܝܐ

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال الطوباوي ( خير لي أن أموت لأحيا إلى الأبد ، من أن أحيا لأموت إلى الأبد )

تاريخ الكنيسة المقدسة لا يخلى من قوائم الشهداء الأبطال . إستشهدوا للحق ورووا الأرض بدمائهم شهادةً لأيمانهم بالمسيح الإله ، وخاصةً على أرض الرافدين التي لم تجد حرية الأيمان يوماً واحداً كما عاش المسيحيين في بلاد الشام  من عام 325م إلى 625 عند بروز الأسلام في جزيرة العرب ، ففي ثلاث قرون كانت المسيحية في دول الشرق الأوسط تعيش بأمان وسلام . أرض الرافدين كانت محتلة من قبل الفرس المجوس الحاقدين على الديانة المسيحية ، لهذا عاشوا المسيحيين في عصور الإضطهاد فأستشهد مئات الألوف لشدة تمسكهم بإلههم ومخلصهم ، فماتوا دفاعاً عن عقيدتهم ، لم يرهبهم الحديد ، ولا نار الزرادشتية ، ولا كل أنواع التهديدات ، فكانوا أنواراً ساطعة لجيل زمانهم ، فردوا الكثيرين إلى طريق البر لأنهم كانوا كالكواكب المضيئة إلى أبد الدهور ( دا 3:12 ) وكم من أشخاص تجددت حياتهم عندما تناولوا سيرة هؤلاء الشهداء الأبطال . وكم من المؤمنين في هذه العصور حفزتهم سيرة أولئك القديسين فأزدادوا ثباتاً في الإيمان ونموا في النعمة . وحقاً لقد أصبح الدم الغزيز الذي ارتوت منه أرض الرافدين وفارس بذراً خصباً للمسيحيين الذين ما إن خمد الأضطهاد حتى راحوا يستعيدون كيانهم وينظمون وينشرون هذه الديانة التي تعذّر على سيوف فارس وحرابها القضاءعليها . ومن هؤلاء القديسين الشماس الشهيد مار أيث آلها النوهدري .

   رأى أيث آلها النور في نوهدرا القريبة من معلثايي سنة 315م ، والتي كانت تحتوي على مدرسة شهيرة تتلمذ فيها وأصبح شماساً . كُتِبَ عن مواهبه بأنه كان طلق اللسان ، شديد اللهجة ، مضطرماً بنار محبة الله . مؤنين كفوئين مثله لم يقبلوا حمل نير سر الكهنوت لتواضعهم رغم طلب الكنيسة منهم كالقديس العظيم الشماس الأنجيلي مار فرنسيس الأسيزي الذي ظهرت على جسده سِمات المسيح ، كذلك القديس مار أيث آلها أكتفى بأن يبقى شماساً يخدم مذبح الرب وليشهد للكلمة ويعلّم الكثيرين . كانت منطقة نوهدرا قبل الغزو العربي الإسلامي مركزاً

 مسيحياً شّيدَ فيها كنائس وأديرة ومدارس للتعليم ، ومن بينها دير ومدرسة مار أيث آلها النوهدري الواقع في مدخل نوهدرا ، أسست في أواخر القرن الرابع . تخرج منها الكثيرين ومنهم من شاعت سيرتهم مثل سهدونا الهلموني ، ويدعى أيضاً ( مرطوريس ) وكانت والدته إمرأة تقية صالحة ، لم يكن يبلغ ولدها العقد الأول من عمرهِ حتى أرسلته إلى مدرسة مار أيث آلها . ومار أيشو عياب الذي بنى ديراً في قرية مار ياقو ، كما يوجد قديس بهذا الأسم تناولنا سيرته بعنوان  ( القديس المطرافوليط ايشو عياب الثاني ) كما يوجد أخر بإسم ( أيشو عياب الجاثليق ) . أما الأسقف مار ميخا النوهدري الذي تناولنا سيرته في مقالنا ( القديس مار ميخا النوهدري تلميذ مار أوجين ) فهل نستطيع القول بأنه تخرج من مدرسة مار أيث آلها لأنه أكبر سناً منه ؟

ولد الأسقف مار ميخا عام 309م أي في العقد الأول من القرن الرابع ، بينما مار أيث آلها ولد في منتصف العقد الثاني ، أي مار ميخا أكبر منه سناً بست سنوات . . كما أشرنا بأن دير ومدرسة مار أيث آلها أسست في أواخر القرن الرابع .  ومار ميخا في مطلع شبابه أنطلق إلى جبل ايزلا ليلتحق بدير مار أوجين الراهب . إذاً يمكن القول بأن مار ميخاً في فترة وجوده في نوهدرا درس التعليم المسيحي في أحدى مدارس الكنسية التي سبقت دير ومدرسة الطوباوي مار ايث آلها .  

   ورد أسم دير أيث آلها ضمن خمس وثلاثون ديراً كانت مأهولة بالرهبان في اللائحة التي قدمها ( لاوند هابيل ) أسقف صيدا في سنة 1607 إلى البابا بولس الخامس . وهناك مصادر تؤكد بأن مدرسة مار أيث آلها إستمرت حتى القرن العاشر على الأقل . ففي منتصف القرن السابع توجه خمسون طالباً من مدرسة مار أيث آلها إلى دير الربان هرمزد الكائن في جبل ألقوش ، فكم كان الإيمان عظيماً لدى سكان تلك الكورة الصغيرة قياساً بإيماننا اليوم ، فالمنذورين لسلك الكهنوت أو الرهبنة قليلين جداً والسبب يعود إلى قلة الإيمان .

   كانت منطقة نوهدرا قبل غزوات العرب المسلمين مركزاً مسيحياً مرموقاً شهد قيام الكثير من الأديرة والكنائس واشتهر من بينها دير ( مار أيث آلها النوهدري ) في مدخل دهوك قرب أو داخل دير مار إيث آلها أواخر القرن الرابع . 

 في عهد الأمبراطور الفارسي شابور الثاني الذي حكم سبعون سنة أتسم حكمه بالعن*ف وإصطبغ بدماء المسيحيين وخاصة في فترة الإضطهاد الأربعيني الذي تعرض فيه المسيحيين إلى أقسى أنواع الملاحقة والتنكيل والتعذيب والق*ت*ل وخاصة قادتهم الروحيين كالشهيد البطريرك مار شمعون برصباعي وخلفه على كرسي المداين مار ( شاهدوست ) و ( بربعشمين ) أبن أخت مار شمعون برصباعي الذي خلف مار شاهدوست على كرسي البطريركية . يقول المؤرخ  سوزمين أن الذين عرفت أسمائهم يربو عددهم على ( 16 ) ألف شهيد . والمسعودي يذكر في كتابه التنبه والإشراف ( ص 207 ) أن عددهم بلغ ( 200 ) ألف شهيد .  ومن الشخصيات المسيحية التي أستشهدت أسقف حنيثا الشيخ ( عقبشما ) ورفاقه سنة ( 379 ) وكانت تلك الحقبة خاتمة المطاف والرائعة لكنيسة المشرق لكي تتنفس الصعداء . كذلك ألقي القبض على  القس يوسف كاهن قرية ( بيت كاثوبا ) وعلى الشماس ( أيث آلها ) النوهدري ، كان له من العمر ستين سنة ،  وشي به لدى الحاكم ، فإلقي عليه القبض وكبد بسلاسل وقيد إلى أربيل ليحضر أمام الحاكم الظالم الذي طلب منه أن ينكر إيمانه المسيحي ليسجد لإله الشمس ويعبد النار المجوسية . رفض الطوباوي بشدة السجود للشمس لأنها خليقة من خلائق الخالق . وقال إني لا أستبدل إلهي الخالق بإلهكم المخلوق . فهددوه بالموت . فقال عبارته الشهيرة ( خير لي أن أموت لأحيا إلى الأبد ، من أن أحيا لأموت إلى الأبد ) . أقتيد بعد ذلك بأمر الحاكم طمشابور إلى منطقة نوهدرا ، إلى قرية تدعى ( دستجرد ) وهو موقع قديم أقيمت فيه مدينة دهوك الحالية , وهناك أتوا برئيس البلد وأشراف المسيحيين رجالاً ونساءً وأخرجوا الطوباوي خارج البلدة وربطوه في موضع مرتفع على تلة ، ثم أجبروا هؤلاء على رجمهِ فإضطروا إلى ذلك حتى فارق الحياة ، وأقاموا حراساً على جسده الطاهرلمدة يومين . وفي اليوم الثالث جاء مسيحيو المنطقة فسرقوه ودفنوه بإكرام . في تلك الأيام حدثت إعجوبة في الموقع الذي رجم عليه ، فقد نمت شجرة ( آس ) نمواً سريعاً لتصبح مصدر بركات لسكان المنطقة المؤمنين مدة خمس سنوات . وبعد ذلك إستئصلت من قبل الحاسدين . أشار تاريخ السعردي إلى موضع نموتلك الشجرة ، وذلك في مكان رجم الشهيد أيث آلها  .

إستشهد الشماس أيث آلها في يوم الأربعاء من الأسبوع الأخير من سابوع الفنطيقوسطي ( العنصرة ) وذلك في سنة 379 م . يحتفلون أهالي دهوك بتذكارين لشفيعهم لشدة محبتهم وإعتزازهم به . التذكار الأول يلي عيد القيامة مباشرةً . والثاني في يوم 15 من كانون الأول . وفي هذا اليوم يتم إعداد أكلة ( الهريسة ) المتبعة من قبل مسيحي دهوك . يتم التحضير ليلاً ، وفي الصباح بعد المشاركة في القداس الإلهي يتم توزيع الهريسة على كل المؤمنين . كما نَظّمت الكنيسة تراتيل خاصة بهذه المناسبة تكريماً لشفيعهم . يعتزون بقدراته المعجزية حيث أجترح على مر العصور معجزات كثيرة تم توثيق الكثير منها ، كما سردت من قبل الآباء وأشهر تلك القصص ( حادثة ديرا براني التي حصلت مع الراعي الكردي علي كنجو ) .

     في عام 1929م تم إعادة إنشاء دير مار أيث آلها من قبل المرحوم ( خوري يوسف بهرو ) وذلك في عهد مثلث الرحمات المطران بطرس عزيز راعي أبرشية زاخو ونوهدرا . نشر خبرؤ إنشاء الدير في مجلة ( النجم ) التي كانت تصدر عن البطريركية الكلدانية في عددها ( 12 ) المؤرخ 25 ت 2 – 1929 . بني الدير على أنقاض دير قديم تم العثور على لوحة حجر محفور عليهِ صليب وتحيط بهِ كتابة باللغة السريانية وبالخط الإسطرنجيلي . ترجمت كالآتي :

( في كل يوم أقصد بيت الرب وأسجد أمام المذبح المعلى وإقبل الصليب الحي ، وأصلي ” وأتل ”  أبانا الذي في السموات ) .

 وفي عام 1983 وخلال خدمة المرحوم الأب أوغسطين صادق ، تم ترميم الدير من قبل المهندي الأرمني ( شاهين كريكوريان ) وعلى نفقته الخاصة .

 في عام 1997 تم هدم الدير القديم في عهد مثلث الرحمة مار حنا قلّو لإنشاء كاتدرائية على أرض الدير وبإسم الشهيد ( مار أيث آلها ) وضع تصاميمها المهندس الدهوكي الإستشاري بطرس خموالحاصل على الوسام البابوي عن أعماله المتميزة في مجال وضع التصاميم للكنائس والكاتدرائات والأديرة . وتم إفتتاح الكنيسة يوم 16 كانون الأول 1999 على يد غبطة البطريرك المثلث الرحمات مار روفائيل بيداويد وعدد كبير من السادة أساقفة وأباء كهنة ومسؤلين وجمع غفير من أبناء دهوك .

 وفي الجهة الجنوبية من الكاتدرائية الجميلة تم بناء المطرانية فإنتقل كرسي مطرانية العمادية إلى مركز مدينة دهوك ، كما تم فصل خورنة دهوك عن أبرشية زاخو . تم بناء أربعة قاعات للمناسبات . وملحقات أخرى بالإضافة إلى بناء مدرسة في الجهة الشمالية من الكنيسة .

وفي تاريخ 15 – 12 – 2012 تم إفتتاح نصب تذكاري للطوباوي مارايث آلها النوهدري تكريماً له . أقيم النصب في الواجهة الجنوبية للكنيسة .

بركة صلاة مار أيث ألها تكون معنا . ولربنا يسوع المجد الدائم

المصادر

  • تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية / الجزء الأول الأب ألبير أبونا
  • محلة سورايي / المحامي أفرام فضيل بهرو
  • مار أيث آلها النوهدري / المحامي أفرام فضيل بهرو
  • سيرة القديس مار ساوا الشهيد ورفاقه / الشماس يوسف نورو وإيفان بادين

لنسأل ونقول ، هل ذهب أيث الاها إلى بلاد فارس . أم كان هناك آخر يحمل إسمه ؟

كتبت سيرة القديس مار ساوا ( أو سابا ) من قبل الشماس يوسف نورو وإيفان بادين ، عنوان المقال ( سيرة القديس مار ساوا الشهيد ورفاقه ) . للأسف لم تُذكر المصادر . إنقرالرابط :

سيرة القديس مار ساوا الشهيد ورفاقه – ترجمة الشماس يوسف نورو وإيفان بادين (karozota.com)

نلخصها لنكتب منها ما يخص ( إيثالاها ) فهل هو نفسه الطوباوي ( ما أيث الاها ) ؟

قصة الشهيد ساوا في بلاد فارس حدثت في زمن الطوباوي ( أيثالاها النوهدري ) أي بعد منتصف القرن الرابع . كان ل ( زميسب ) وهو أحد حكام فارس في منطقة الأهواز أبناً وحيداً أسمه ( بيركوشنسف ) تربى بصحبة صبي من المسيحيين المنفيين إلى تلك المنطقة أسمه إنسطاس وأرتبط معه بمودة عميقة ، فكان يحضر معه الكنيسة ويرتل المزامير ويتلو الصلوات مع المؤمنين حتى إستهواه الدين المسيحي . ظهر له القديس قرياقوس في الحلم ودعاه بإسمه وأمره بالذهاب إلى الشهداء فأنهم ينتظروه ، فذهب إليهم طالباً منهم أن يقبلوه بين عداد المؤمنين بعد أن قص عليهم ما شاهده وسمعه في رؤى الليل . في بادىء الأمر رفضوا المسيحيين طلبه . وبعدها نزلوا عند رغبته لما رأوا فيه صدق النية والعزيمة . فمنحوه سر العماد . وناولوه القربان المقدس ودعوا إسمه ( ساوا . أو سابا ) وحينما بلغ الحاكم امر تنصر إبنه ، أستحوذ عليه وعلى زوجته حزن عميق وأراد أن ينتقم من المسيحيين الذين إتهمهم بسحر إبنه . فقالوا له المسيحين ، بل إبنك هو الذي أضطرنا إلى جعله مسيحياً . فعذب وق*ت*ل الكثيرين منهم وألقى بأجسادهم أمام دار احد المسيحيين أسمه ( تاديق ) وكان بين الشهداء شخص اسمه ( إيثالاها ) ما يزال فيه رمق الحياة فأخذه تاديق إلى داره ، وعالجه وإهتم به . حاول الحاكم بالبكاء والنوح  والتوسل لكي يعدل الفتى إبنه عن رأيه والعودة إلى عبادة إله آبائه إلا أنه ظل ثابتاً في إيمانه , وصل الخبر إلى شابور الملك فأمر بإقناع الفتى ( بيركوشنسف ) أو تعذيبه وق*ت*له . فأخذوا يناشدوه لكي يمتثل لأمر الملك ولكي يصون كرامة والده وعشيرته . فرفض بشدة ، فأمر الحاكم ( كوباي ) بتعذيبه فأنهالوا عليه أربعين من الجلادين ومزقوا جسده بسيور جديدة حتى أغمى عليه فحملوه ورموه في السجن وفي الليل ترأى ملاك الرب ومار قرياقوس فدنا منه القديس وضمد جراحه وأعطاه طعاماً ثم شجعاه قائلين : لا تخف ! فإنك ستنتصر على أعدائك ، وقد أوشكت ان تبلغ ميناء الحياة والراحة . حيث ستعطى السعادة الأبدية ، ثم إنصرفا تاركين القديس في غمرة فرح سماوي لا يوصف . لما سمع تاديق المؤمن بما أصاب القديس أخذ طعاماً وتوجه إلى السجن بصحبة ( أيثالاها ) وإلتمسا من السجان ، لكنه أعتذر قائلاً ( أني لا أتمكن لأن الأبواب مختومة ، ولكني رأيت في منتصف الليل نوراً ساطعاً أضاء الموضع الذي فيه ، وسمعت أصوات أناس يكلمونه . أرسل أمين الملك شابور  وأسمه ( زامياسب ) إلى القديس فأجلسه عن يمينه وعانقه وأمر بفك قيوده وأبلغه سلام الملك شابور ، فسجد القديس لسلام الملك شابور . ثم أخذ زامياسب يخاطبه بدون جدوى لأن القديس أجابه قائلاً ( ليحتفظ الملك بإكرامه ووعوده وهداياه ، أما أنا فلست أبغي سوى كرامة الإله الحق وله وحده أسجد وإياه أعبد . ولما سمع الأمين توعد له بالعذاب والموت ، إلا ان القديس أجابه بشجاعة : أفعل ما شئت ، فإني لن أمثل إرادة ملكك الكافر قط . ولن أسجد للشمس ، بل للإله الأحد الحق القادر أن يزيل نورها ومجدها . فأستشاط الأمين غيضاً وأمر بإحضار قضبان شائكة ، وأمر الجلادين ليعذب بقساوة حتى تمزق جسمه وتناثر على الأرض . أما القديس فرفع عيناه إلى السماء ، وقال : ( أيها الرب يسوع المسيح ، هلم إلى معونتي في ساعة الضيق هذه ) وبعد الجلد الأليم أمر الأمين بإلقائه في السجن ومنع عنه الطعام والزيارات .في الصباح ذهب الأمين إلى السجن ليتحقق من أمر القديس ، فوجده بدون جروح . فقال له ، قل لي يا فتى من الذي فتح باب السجن وأتاك بالأطباء فأبرأك ؟ فأجابه : المسيح الذي أؤمن به هو أتاني وأبرأني ، دحضاً لأكاذيب آلهتكم . فأمر بربطه وجلده بدون رحمة وهو يقول له أين المسيح الذي تستنجد به ؟ أدخل إليه الأمين المجوس لأقناعه وأمهلهم عشرة أيام إلا أن محاولاتهم باتت بالفشل . في اليوم الثامن جاء تاليق وإيثالاها إلى السجن وتمكن من إقناع الحرس ليسمحوا لهم بحمله إلى منزل تاديق ، وهناك غسلا جروحه وضمداه . وتناول القربان المقدس ، وفي تلك الليلة ظهر له مار قرياقوس وقال له : ( طب وتهلل يا أخي ساوا ، لأنك جاهدت جهاداً حسناً ، وأبتهج لأنك ستق*ت*ل يوم الجمعة نضير ربك فتنال أكليل الشهادة ) فأستيقظ القديس وقص الرؤيا على تاليق وإيثالاها ، ففرحوا وشكروا الله ، وفي الصباح الباكر عانق القديس تاليق وإيثالاها وأرجعاه إلى السجن . بعد أنقضاء الأيام العشرة أمر الأمين بإحضاره ، فسأله هل ما يزال على رأيهِ ؟ فأجيب ( إنه ثابت في عزمه ) فأمر الجلادين بق*ت*له ، ولما ورد الجلادين بأخذه حدث إضطراب كبير بين سكان الدار والذين تشبثوا بالقديس ولم يفسحوا للجلادين مجالاً لأخذه ، وكانوا يصرخون ويقولون لهم ( إخرجونا نحن أيضاً وإق*ت*لونا معه ) . تقدم الأب مع جميع أهل داره وعانقوا القديس ساوا وقبلوه باكين منتحبين ، ثم سلموه إلى الجلادين الذين أقتادوه إلى دار تاليق لكي يق*ت*لوه هناك . أستأذن القديس ساوا من الأمين بأن يسمح له بالصلاة ، فصلى إلى الرب القدير لكي يقبله بين أجواق الذين سفكت دمائهم في سبيلك ، وكن يا رب حصناً منيعاً لجميع المؤمنين في هذا البلد ، الآن وكل أوان وإلى أبد الدهور . لما أنهى صلاته حاول أحد الجلادين أن يقطع رأسه فلم يقدر لشدة الخوف ، فتقدم كوابي وأخذ السيف وضرب خمسة مرات دون أن يقطع رأس القديس . فقال له القديس مار ساوا : ( لقد أصبحت جباناً أيها الرجل ؟ ولما ارتخت يداك ؟ أمضي في أمرك ، فإنما إلى الحياة ترسلني ، وليس إلى الموت ) وإذ ذاك طعنه في جنبه وق*ت*له ، فألقوا بجسده الطاهر في الحفرة التي ألقي فيها الشهداء الذي ق*ت*لهم أباه ( زميسب ) . وهكذا استشهد القديس مار ساوا في السادس عشر من شهر آب وله من العمر إثنا عشر سنة وثمانية أشهر فقط . وقد دامت مدة التعذريب 490 يوماً ، وفي تلك الليلة أخذ تاديق وإيثالاها جسده ووضعوه في صندوق من الذهب ودفنا أيضاً إنسطانس رفيق القديس ساوا الشهيد .

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!