مقالات سياسية

رؤية في الخطاب القومي الكلداني

الكاتب: وديع زورا
رؤية في الخطاب القومي الكلداني

 وديع زورا

 يعد الخطاب القومي مجموعة من المفاهيم والأفكار والمقترحات لحل مشكلات المجتمع الراهن قومياً ووطنياً ، بغية الإصلاح عبر آليات قانونية تتم من خلالها تعبئة وتوجيه الجماهير لتحسين اوضاعهم من جميع مناحي الحياة ، لأنهاء تعقيد الوضع الآني المتخلف ، بقيادة السفينة الى بر الامان والأستقرار.
لذا .. الخطاب الكلداني الذي نريد تناوله هنا، لا يبتعد كثيرا عن هذا الاتجاه.. كان على المهتمين بالشأن القومي الكلداني انتاج خطاب يستطيع تصحيح الافكار والممارسات التي سوقها البعض بالضد من الخصوصية الكلدانية ، هذه الأطراف السياسية تعمدت  طمس الذاكرة الجماعية  لشعبنا ، بل واعتبرتها حلولا نهائية لا تقبل النقاش أو الجدال وحتى لا تستجيب وتشمأز النقد. رغم الأقصاء والتهميش للكلدان بطرق ووسائل مختلفة.
لا يختلف عاقلان حول الخطاب الكلداني المبني على أسس المشروعية الحضارية والثقافية للكلدانية الضاربة جذورها في عمق تاريخ بلاد الرافدين ( العراق ) لآلاف السنين ، وهكذا بما يتعلق بحقوق الإنسان بموجب المواثيق الدولية.
رغم أن البدايات الاولى للخطاب القومي الكلداني برزت منذ العقود الاخيرة للقرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين في العصر الحديث ، الا أن التوجهات الثقافية القومية كانت متلازمه لأكثر من عقود من الزمن وعلى وجه الخصوص بعد سقوط الصنم. ويمكن القول أن الاتجاه الثقافي تأثر بشكل كبير بضرورة التفكير في مشروع مجتمعي يربط الثقافي بالسياسي والاجتماعي مع ايجاد اطار ايديولوجي عام يحتضن الكلدان كأمة تاريخية لها هوية ذاتية ، بعيدة كل البعد عن الطائفية المقيتة.
 لقد تيقن المهتمين بالشأن القومي الكلداني ، أن العمل الثقافي الذي هدفَ الى المحافظة على الثقافة والتراث الشعبيين لابد من تواصله وديمومته وتطور آفاقه ، للتفكير في عناصر أخرى تغني الخطاب الكلداني وتستجيب لمتطلبات الوضع وتقلباته ، مما دفعهم الى تطوير أساليب عملهم في أتجاه خدمة شعبهم لمنع كبوته.
في ظل هذا الوضع المعقد والعسير ولأسباب موضوعية ، عرفت الساحة ظهور خطاب كلداني يتبنى الطرح السياسي والحقوقي والاجتماعي الجامع للمسألة مستلهما قوانين حاضنة لحقوق الانسان والفكر المعاصر والتي تعتمد التعدد والاختلاف والتنوع لوجهات النظر.. خطاب أعاد طرح أسئلة حول حدود وحقيقة الكثير من المفاهيم و مدى مشروعية التوجه الرسمي ، ذو النزعة الديمقراطية التي تهدف الى تأسيس دولة مؤسسات ومجتمع مدني متقدم ، وفق الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للعراق ، لتصحيح الطروحات السياسية وفق المفاهيم العصرية ، انطلاقا من إعادة النظر في بعض التصورات عن الإنسان الكلداني وخصوصيته الحضارية والثقافية واللغوية.
يعتبر مفهوم المواطنة أهم المفاهيم التي أسسها الخطاب الكلداني وفق منظور جديد يساير نظرة المجتمعات الى المواطنة ، بموجب المواثيق الدولية احتراما للحقوق وتنفيذا للواجبات ، متجاوزاً بذلك روح المواطنة المطلوبة التي هدمتها بعض الجهات القومية الشوفينية ، ناهيك عن استغلال و تأويل بعض المحطات التاريخية استغلالا  سياسيا  ضيقا كما فعلته ومارسته الحركات القومية العربية الشمولية وخصوصاً البعث ، مما يتناقض وروح المواطنة الحقة والسليمة سواء كسلوك أو كممارسة. كما دأبت ولا زالت بعض التنظيمات الاشورية على استغلال المقدس المشترك للترويج لأطروحاتها الأقصائية للمكونين الكلداني والسرياني معاً ، مما دفع المهتمين بالشأن القومي الكلداني الى انتاج خطاب متوازن عبروا من خلاله عن رفضهم للمنطق التدجيني والبحث عن الحقيقة لتنوير المجتمع وفضح الممارسات الخاطئة والقاتلة لقضيتنا الوطنية والانسانية.
لقد تجلى هذا الطرح من خلال العديد من المقالات والكتابات والممارساة ، حيث ظهر مؤلفون ومفكرون باحثون متخصصون كشفوا الكثير من المغالطات امثال الاستاذ عامر فتوحي الذي الف كتابا بعنوان ” الكلدان منذ بدأ الزمان ” بمثابة فضح سياسي حقيقي لطروحات بعض القوى السياسية الاشورية التي تأسست على أكاذيب للاستهلاك السياسي. وبذلك أعاد الخطاب الكلداني بناء مفهوم على عدة أسس متجاوزا الطرح الشوفيني الاقصائي الذي تبنته التنظيمات والاحزاب الاشورية.
عبرَ الخطاب الكلداني عن جاهزيته للتحرك الاحتجاجي في سبيل تحقيق مطالبه العادلة والمشروعة بعد اشاعة الوعي النسبي حول قضيته الكلدانية ضمن اطارها الوطني ، خاصة أنه اعتمد مفاهيم التعدد والاختلاف وضرورة احترام الاخر والتعايش معه ، فأصبح العراقي ( الكردي ، الكلداني ، .. الخ ) يفتخر بذاته بعد أن كان مبعث شعور بالدونية.
فالرجوع إلى الثقافة والتاريخ الكلداني باعتباره حركة وطنية إنسانية تحررية ، لاسترجاع التراث والحضارة واستلهام تجارب مكونات الشعب العراقي من اجل تأسيس فكر عراقي حر ديمقراطي في خدمة المواطن ، ينهي التعصب الشوفيني المقيت والتعصب القومي اللعين ، يؤمن بالأحترام المتبادل وقبول الآخر ، دون تهميش أو تغييب أو أقصاء أو الغاء.

[email protected]
2013 / 9 / 6
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!