النظام الحاكم ,,, والنظام المحكوم!!!

الكاتب: يوسف الحاضري
((النظام الحاكم ,,, والنظام المحكوم!!!))

بقلم د.يوسف الحاضري
Abo_raghad20112@hotmail.com
 (( عبارةٌ طالما رددتها وسأظل في ترديدها حتى يأتي الزمن الذي يبددها ,,, هذه العبارة مفادها “نحن أمةٌ لا تتعلم من تجارب أو أخطاء الآخرين ولكنها تسعى لتبقى تجربة يستفيد منها الآخرون ” ,,, هذا واقعنا المعاش منذ عقود متعاقبة لا يمكن لنا أن نتعامل مع أحداثنا الحالية أو القادمة سواء كانت أحداث مصطنعة أو طارئة أو مسبَّبة بأسباب داخلية أو أقليمية أو عاليمة تعاملا صائبا فاعلا ناجحا تحصن الوطن والمواطن من أي إنعكاسات سلبية أو كارثية تصيب البلاد والعباد على المدى القريب والبعيد ,,, والأسباب تتمحور في جانبين هامين “النظام الحاكم والنظام المحكوم” ,,, فالحاكم لا يمتلك أبجديات الإدارة السليمة للدولة ولا يمتلك الدراسات السليمة الإستراتيجية لكل جوانب الحياة المعيشية في الدولة التي يحكمها بل أنه يقود الوطن برؤية “لكل حادثٌ حديث” متسلحا برؤية متخلفة رجعية مفادها “لندع الأحداث تحدث وسنتعامل معها آنيا” ,,, فتصبح طبيعة الحياة الإدارية للنظام الحاكم عشوائية بكل ما تعينه الكلمة من معنى ,,, متخبطة ذات اليمين وذات الشمال ,,, فتنعكس هذه الأفكار والممارسات والرؤى إلى القيادات الأدنى في الأدنى حتى تصاب كل مراكز النظام الحاكم بكثير من العاهات الإدارية لتصل في آخر المطاف لأن تصبح الدولة مشلولة غير قادرة على إدارة نفسها لتبحث بعد ذلك في حالتها المرضية المقعدة هذه عن جهات أخرى تعينها على تهدئة ومداواة شللها ويأسها ,,, متنقلة من جهة إلى أخرى ,,, راضية عن كل ما يُملى عليها من هؤلاء ,,, راضخة لكل فكرة وقرار يُفرض عليها وبلا أدنى نقاش أو ممانعة ,,, لأنها لو مانعت فإنها ستُترك وحيدة وسيكون الفناء والإنتهاء مصيرها المحتوم ,,, فتتقمص بكل معاني الفشل والتي حولتها من حال سليم صحيح قوي شديد قادر على إعانة نفسه بنفسه إلى حال الشلل والتسول ,,,,
أما النظام المحكوم ,,, فهم أولئك الأناس الذين يرضخون لإدارة النظام الحاكم ,,, ويعيشون تحت سلطته وقوانينه ,,, وهم الجانب والأقوى والأهم ,,, وهم الأكثر تضررا من فشل النظام الحاكم والأقل نفعا من نجاحه ,,, وهم من ينتعشون لحياته ويتهاوون لإرهاقه ,,, وهم مرتكزاته فلولاهم لما كان هناك نظام حاكم ,,, فعندما يصل النظام الحاكم في مرحلة من المراحل إلى حالة المرض والفشل ثم الشلل فإن أهم الأسباب المؤدية لذلك هم المحكومون وليس سواهم ,,, لأنهم تقاعسوا عن القيام بواجبهم المماط إليهم لمنع حدوث هذه الإنتكاسة والتي قادها أُناسٌ كانوا محكومين فأصبحوا حاكمين كإنعكاس لثقافة مسيطرة سيطرة تامة على عقول وقلوب المحكومين أساسها “الجهل” والذي سعى إلى إيصالهم لهذا الأمر الأنطمة الحاكمة المتعاقبة لإبقاء أنفسهم حاكمون يتمتعون بكل مصادر الرفاهية والسعادة وإبقاء البقية محكومون متنقلون بين أساسيات البقاء وما دون البقاء ,,, حتى آمن النظام المحكوم بأن النظام الحاكم مُقدَّس مستندا على رؤى خادعة مفادها “المقامات” والتي يحق لها أن تجعل الحاكم في مستوى معيشي راقي جدا والمحكوم في مستوى معيشي هابط وهابط جدا ,,, لذا لا نجد فقراء يحكمون ويستمرون فقراء ولا نجد أغنياء يُحكمون ,,, فيسعى المحكوم ليتقرب دائما وأبدا من الحاكم وينذر نفسه للبقاء تحت قدميه يلتقط بقايا ما يتساقط من فتات مأكل الحاكم وينتظر لكوبه كي يرتشف شيء مما فيه إن بقى فيه شيئا ,,, يصبح تفكير المحكوم منصب وبقوة على توطيد سيطرة الحاكم سيطرة تامة باذلا كل طاقاته اليومية الكامنة في جسدة وعقلة وقلبه وحتى تلك الطاقة التي تنتج لحظيا مما يتناوله من فتات وبقايا ,,, فتنشأ علاقات متبادلة بين الطرفين أن الأول مالك ومهيمن والآخر مملوك ومهيمن عليه  لتتطور مع الأيام فتتحول من فكر إلى ثقافة ثم تصبح الثقافة ممارسة نتيجة التعامل بها وتناقلها الدائم بين الأفراد خاصة من الأكبر للأصغر سواء كان تناقل لفظي أو عملي تنعكس جزئياته من الفاعل إلى المتلقي في إطار النظام المحكوم ,,, ومع مرور السنين تتحول الممارسة هذه إلى سمات شخصية تصبح جزء لا يتجزأ من مكونات الفرد السيكولوجية ,,,, لتتجذر في لحظة من اللحظات متحولة إلى “عادة” ,,, ليصبح النظام المحكوم في هذه اللحظة مُستعبدا إستعبادا تاما ,, تابعا إتباعا مطلقا للنظام الحاكم ,,, فتتحول المسئوليات التي في الأساس واجبة على الحاكم للمحكوم تصبح مكرمات وهبات نعمات أن يمُنُّ عليها الحاكم للمحكوم ,,, والأكثر شناعة من هذا أن يتغنى المحكوم ليلا ونهارا وسرا وعلانية ببركات هذا الحاكم عليهم شاكرين له أنعمه عليهم وفضائله لهم ,,, كل هذه أسبابها “الجهل” الذي عشناه ونعيشه وتعلمناه وسنعلمه أبنائنا وأبناء أبناءنا لتتناقله الأجيال المحكومة لتدعم سلطة الأنطمة الحاكمة جيلا بعد جيل .
هذه أحوالٌ تُطبق في كثير من أوطان البلدان العربية ومن فيها من حاكمين ومحكومين أما في اليمن فإن الأمر تطور إلى ما هو أشنع مما قد يصل إليه بلد عربي متهاوي ثقافيا وفكريا وحياتيا ,,, فبعد أن كنا فيما مضى نقدس الحاكم تقديسا لا ينازعه أحد شاكرين له أنعمه لبعض الخدمات المهترأة والتي هي من صلب مهامه التي على أساسها أصبح حاكما ,,,, ها نحن اليوم يوصلنا النظام الحاكم إلى أن نتعامل معه كما كان يتعامل جهلاء العصور الأولى والذين يكدون في الشمس وتحت حرارتها ليجمعوا بعضا من الأموال ليشتروا بها جحارة أو تمورا يشكلونه على هيئات مختلفة ليخضعون له راكعين وساجدين ,,, فمن إستخفاف الحاكم بنا وتجاهله لأمرنا بل إستحقاره الشديد يأمرنا هذه الأيام أن نخضع له ساجدين وراكعين ثم نكد ونعمل لنسلمه كل ما نحصده من مال ليزين بها نفسه ويمتع بها أبناءه لننتظر بعد ذلك ذلك الفتات التي كنا ننتظره أن يتساقط من فمه لنسد به رمقنا ورمق أبناءنا ,,, ليمضي يوم ويأتي يوم آخر لنمارس فيه طبيعة حياتنا الروتينية والتي قد توصل النظام الحاكم إلى حالة من اليأس الروتيني فيبتكر أشياء أخرى ليصب جم أفعالها على المحكوم لما يصب في رفاهيته وسعادته .
متى ما أردنا أن نكسر كل هذه الممارسات التي تُسلط علينا من قبل النظام الحاكم ونصبح نحن وهو متساوون في الحقوق والواجبات فما علينا إلا أن نبدأ بما بدأ به آخر نبيٌ مرسل إلى الأرض وهو “القراءة” ,,, ف”اقرأ” التي أُمر بها هذا النبي الكريم لم تكن مجرد أمر ليبدأ في تعديل ذلك المجتمع ولكن عبارة عن أهم خطوة يجب أن يبدأ بها لينجح في مهمته المناطة إليه وعليه ,,, ومتى قرأنا نحن أمة “اقرأ”  فسيتلاشى عن ظهرنا كل هذه الأثقال وستقلص النظام الحاكم لينمو النظام المحكوم لنصل في لحظة من اللحظات إلى حالة من الإتزان والتساوي الذي يجب أن يكون لنبقى أحياء وفقا لها …